ولا شك أن ثمة أعمال هي اقطع في الدلالة منه فمن يقود جيوش الكفار رافعا رايتهم لقتال المسلمين أو يمدهم بالسلاح والرأي والمشورة أظهر في الدلالة على الممالأة والموالاة من من يكاتبهم من بعيد وفي خفيه ومقابل مال مثلا على إرادة ظهور الكفار ورفع راية الكفر وإن كانوا في الكفر سواء ... إلا أن يدل دليل ظاهر أو قرائن ظاهرة حالية أو مقالية على أن الأخير كان كفعل حاطب وأنى له. .
8 - - قول الشيخ بناءا على ما سبق:
" وما ذكره الإمام الشافعي هنا عام في التفريق بين ما هو كفر لذاته وبين ما يكون الكفر به متعلقًا بالباطن، بحيث لا يحكم على فاعله بالكفر إلا من جهة دلالة القول على الكفر الباطن. فما كان كفرًا لذاته لم يشترط في تكفير المعين به التثبت من اعتقاده الباطن بدلالة القول عليه، وإنما يكتفى بالتثبت من تحقق شروط التكفير وانتفاء موانعه في حقه، بخلاف الذنوب التي دون الكفر، فإنها لا تكون كفرًا لذاتها، وإنما يكون الكفر بما يكون في الباطن من الاعتقاد الذي هو كفر، كاستحلال المعصية"
أقول تقسيم الكفر إلى ما هو كفر لذاته وبين ما يكون الكفر به متعلقًا بالباطن هو راجع إلى تقسيم الأعمال على كفر وما دون الكفر أي معاصي وذنوب وليس هناك نوع كفر يسمى كفر متعلق بالباطن بل الأعمال على قسمين كفر أكبر مخرج من الملة، وذنوب دون ذلك كبائر وصغائر لا تكون كفر إلا بالاستحلال أو الجحود
ولا تسمى كفرا متعلقا بالباطن يعني لا تعد نوعا من الكفر وإلا فجميع الذنوب قد نعدها من هذا النوع من الكفر ... ولم يقل بذلك احد! والشيخ وفقه الله في غالب مباحثه وكتيه يميل إلى تأصيل نظرياته بوضعها أصولا وقواعد كما في كتابا لضوابط وهذه خطورتها!
فأراد الشيخ هنا وفقه الله أن يحدث نوعا من الكفر متعلقا بالباطن ليقول بعد ذلك أن الكفر في الموالاة كفر نفاق باطن وان هذه الأعمال تدخل في هذا النوع وان كلها ليست دليلا عليه بذاتها بل تفتقر إلى الإستفصال كما حدث مع حاطب، بحيث لا يحكم على فاعله بالكفر إلا من جهة دلالة القول على الكفر الباطن للتحقق من كفر الباطن الذي ذكره وهذا كلام غير مسئول وبعيد عن التحقيق العلمي تماما ....
وقول الشيخ:" فما كان كفرًا لذاته لم يشترط في تكفير المعين به التثبت من اعتقاده الباطن " خطا أيضا لانه لا دخل للباطن في كلا الحالتين سواء في الكفر بذاته أو ما كان كفرا بالاستحلال وغيره فالحكم كله بالظاهر فمن استحل المحرمات كفر بالاستحلال وقوله أني استحل هذا في الباطن أو لا لا اعتبار له في الأحكام الظاهرة ومسالة الإستفصل ليست للتحقق من الباطن كما يذهب الشيخ بل هي للتحقق من قصد المكلف للعمل المكفر أو المعنى المكفر لعدم قطعية دلالة العمل على هذا ...
فلو قال لفظا يحتمل التنقص للنبي صلى الله عليه وسلم او قال كلاما يحتمل الإقرار بحاكمية غيرا لله سبحانه وتعالى كلفظ الديمقراطية مثلا فالإستفصل هو عن المعنى المقصود من اللفظ وهل هو يقصد المعنى المكفر من اللفظ أم المعنى الأخر فإن قال أقصد بالديمقراطية الحرية والتمدن مثلا فقد قصد معنى يحتمله اللفظ لا سيما وهو لفظ محدث كان القول قوله فيما احتمل ...
ولا نقول هنا كل الألفاظ ترجع إلى هذه القاعدة أو ان جميع الألفاظ مبنية على هذا اللفظ ... فهذا خطا لا شك في ذلك
والصحيح هو ما قرر بفضل الله من كلام الشافعي رحمه الله من أن نفس كتاب حاطب والذي هو "العمل الظاهر" يحتمل في نفسه ما ذكره فكان الإستفصال في مورد الاحتمال لا أن الحكم متعلق بالباطن وان الإشكال في القصد والغرض أو غير ذلك ...
وكانت صورة الدلالة أو المكاتبة تحتمل أن تكون كفرا وتلحق بالممالأة أو المظاهرة ويحتمل أن تكون غير ذلك بحسب القرائن الظاهرة ويكون حكم فعل حاطب أصلا في هذه الصورة فقط لا سيما وهي قضية عين، وتبقى دلالة النصوص في صورة المظاهرة والنصرة على ما هي عليه بحسب ما سبق
والله أعلم
يتبع إن شاء اله
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[05 Aug 2007, 01:29 م]ـ
فيما سبق سلطنا الضوء على كلام الإمام الشافعي رحمه الله واظهرنا دلالته ..
وبينا أن الشافعي رحمه الله بنى كلامه وحكمه على كتاب حاطب رضي الله عنه
وأن هذا هو الظاهر الذي بنى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام حكمه مع قول حاطب لما استفصل منه
¥