وذكرنا ان الشافعي رحمه الله قرر أن فعل حاطب من الافعال المحتمة للكفر وغيره وان هذا أصل في هذه القاعدة
وهذا دليل في حد ذاته على أن من العمال ما هو قطعي في الدلالة لمن يتأمل ..
وبينا خطا الشيخ وفقه الله في سحب هذه القاعدة على الأعمال الصريحة الدلالة وو خطأ لا شك فيه
وبينا أن الدلالة والمكاتبة للكفار بعورات المسلمين هي وإن كانت من جنس المعاونة والموالاة إلا أنها قد تحتمل معنى آخر إذا كانت على مثل فعل حاطب، وذكرنا امثلة على ذلك وأزيد هنا كلام شيخ الإسلام رحمه الله تدعيما لهذه القاعدة:
- ((وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن قال لشريف أي من أهل البيت: يا كلب يا ابن الكلب. فقيل له: إنه شريف، فقال: لعنه الله، ولعن من شرّفه .. فهل يجب قتله أم لا؟ وشهد عليه بذلك عدو له.
فأجاب: (لا تقبل شهادة العدو على عدوه ولو كان عدلا، وليس هذا الكلام بمجرّده من باب السب الذي يقتل صاحبه، بل يستفسر عن قول (من شرّفه).
- فإن ثبت بتفسيره أو بقرائن حالية أو لفظية أنه أراد لعن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قتله.
- وإن لم يثبت ذلك، أو ثبت بقرائن حالية أو لفظية أنه أراد غير النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن يريد لعن من يعظّمه، أو يبجّله، أو لعن من يعتقده شريفا، لم يكن ذلك موجبا للقتل باتفاق العلماء، لا يظن بالذي ليس بزنديق أنه يقصد لعن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن عرف من حاله أنه مؤمن ليس بزنديق؛ كان ذلك دليلا على أنه لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجب قتل مسلم بسب أحد من الأشراف باتفاق العلماء،إنما يقتل من سب الأنبياء .. ) أهـ مجموع الفتاوى (35/ 120).
وذكرنا أن الشيخ وفقه الله (فيما ارى) قد اختلط عليه كلام الشافعي رحمه الله مما ذهب به إلى ان الشافعي يقرر حكم مظاهرة المشركين على المسلمين وليس كذلك كا سبق ... وهذا من خلال أمرين:
الأول: قول الشافعي رحمه الله " وليس الدلالة على عورة مسلم، ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها، أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بيّن.
" فظن وفقه الله أن قول الشافعي رحمه الله " أو يتقدم في نكاية المسلمين " عائد على المسلم الذي دل وخابر والصحيح انه يعود على الكافر وقد سبق بيان الدليل
والثاني: أنه ظن أنه طالما ان الدلالة والمكاتبة قد تكون اخطر على المسلمين من غيرها من الصور وأنها من جنس المناصرة والمظاهرة فإن كلام الشافعي يشملها تضمينا او لزوما وهذا خطا وقد بينا انه لا يلزم أن يكون الشيء من جنس معين أن يكون له حكمه وكلام شيخ الاسلام السابق يوضح ذلك ...
والمسالة لا تقاس بالخطورة إطلاقا!!!
وهذا خطا يقع فيه الكثير من الفضلاء فإن المرء يكفر بمجرد محبة أوإرادة ظهور الكفار وهو عمل قلبي لا يمثل ايه خطورة وينتقض معه ولاء المسلم ويكفر ويخرج من الملة ويكون عدوا لله ولرسوله وللمسلمين ...
وفي الجهة المقابلة قد يقتل المسلم النفر الكثير من المسلمين ويفجر بهم ويهدم منازلهم ويستولي على أموالهم ويظلمهم كما فعل الحجاج بن يوسف أكثر من ذلك ومع كل هذا لم يكفره احد من أهل العلم رغم كل ما فعله ومن كفره كفره لغير هذا المعنى ... بل عد هذا من فسوقه وضرب به المثل في الظلم
فالقضية ليست خطورة العمل -وإن كان لها وزنها من جهة تغليظ العقوبة - وهي شبهة استحكمت على الكثير
القضية أن إرادة ظهور الكفار على المسلمين كفر مخرج من الملة وهو عمل قلبي مكفر ...
وهذا العمل القلبي له لوازم في الظاهر تحققه شأنه شان جميع أعمال القلوب ....
هذه اللوازم بالضرورة هي اعمال ظاهرة، قد تكون قطعية الدلالة على تحقيق هذا العمل القلبي وقد تكون محتملة ومنها اعمال محرمة ليست ملزومة له
الشيخ وفقه الله يجعل هذا العمل لقلبي دفين القلب ليس له لازم يحققه .... وهذا خطا سبق بيانه في أول مشاركة
والإشكال ليس في هذا المبحث بل الإشكال راجع لكتاب الضوابط حيث خرق قاعدة التلازم بين الظاهر والباطن وفتتها وابطلها وكسر الحاجز المميز بين أهل السنة والمرجئة فلم يبقي لنا من قاعدة التلازم اي تلازم! ... واحتاجت الضوابط إلى ضوابط وروابط! وليس هذا حديثنا ولكن الشيخ وفقه الله هذا منطلقه والله يوفقنا واياه إلى سواء السبيل ..
¥