" .. فإنه إذا كان ما فعله حاطب من مظاهرة المشركين هو أظهر ما يكون من موالاة الكفار في الظاهر، ولم يمكن الحكم على حاطب بالكفر لعدم إمكان دلالة الفعل لذاته على ذلك لم يمكن الحكم على شيء من الموالاة الظاهرة للكفار أنها كفر لذاتها، لأنها دون ما حصل من حاطب من مظاهرة المشركين على رسول الله ?. وهذه النتيجة المستنبطة من قصة حاطب عند الإمام الشافعي تتفق مع ما سبق تقريره في بيان دلالة الآيات الواردة في الحكم بالكفر بموالاة الكفار، وأنها مقيدة بموالاة الكفار على دينهم، على ما سبق تفصيله."
هذا كلام غير صحيح والشافعي رحمه الله لم يتعرض إطلاقا لحكم مظاهرة المشركين والذي يتامل السؤال والجواب والدليل الذي هو قصة حاطب يعرف ذلك جيدا.
يقول الشيخ وفقه الله:
وتأمّل بإنصاف جواب حاطب ? للنبي ?، وأنه قد فرق بين موالاة الكفار لأجل دينهم وبين موالاتهم لمجرد غرض دنيوي، حيث نفى عن نفسه أن يكون قد ظاهر المشركين عن شكٍّ في الإسلام وردة عنه، لكنه أقرَّ بأنه قد فعل ما فعل لحماية أهله وماله بمكة، ومع علمه أن موالاة الكفار لغرض دنيوي معصية شنيعة إلا أنه يعلم أيضًا أنها ليست كفرًا، ولو كان حكمهما عنده واحدًا ما كان لاعتذاره وتفريقه بين الحالين معنى، وقد أقرّه النبي ? على هذا التفريق، وأخبر بصدقه في نفي النفاق عن نفسه، وأخبر بأن ما حصل منه من المعصية التي دون الكفر قد غفرها الله له بشهوده بدرًا، فأي حجّة لمن يدّعي المساواة بين موالاة الكفار على دينهم وبين موالاتهم لمجرد غرض دنيوي بعد هذا؟!
أقول الإنصاف عن هذا الإستنتاج بعيدالمنال!
فمن تأمل بإنصاف يجد ان رد حاطب يؤكد أن هذا العمل مستقر في نفسه أنه كفر مخرج عن الملة ولذا ذهب يصرفه عن نفسه
ولو كان على معصية الزنا مثلا وضبط متلبسا فلن يكون رده اني لم افعله ردةعن ديني ولا شكا في إسلامي سيكون الجواب غير ذلك بالضرورة ولكن لما كان متقررا في نفوس الصحابة ان هذا العمل جنسه كفر كان هذا الجواب من حاطب وكان هذا لموقف الصريح من عمر حيث قال: دعني أضرب عنق هذا المنافق ...
ولا يقال مثل هذا في المعاصي مهما كبرت ....
هذا مقتضى الإنصاف بل هو مقتضى اللغة وفقه المسألة والبحث العلمي الدقيق ... فما بالنا نترك هذا للإنصاف الذي هو أعز ما يكون في هذا الزمان؟!
والشيخ وفقه الله لما بنى بحثه كله على أن فعل حاطب مظاهرة للمشركين وان حكمها متعلق بالغرض الدنيوي وجودا وعدما اخذ يحمل كل أقوال العلماء الواردة في قصة حاطب رضي الله عنه على أنها في مظاهرة المشركين وهذا إن كان الشيخ يعلم ان مخالفه لا يسلم له بذلك فهو منقصة للشيخ نربا به أن يقع فيها
فالعلماء على ما سبق القول في مسالة الموالاة يجعلون منها الصور المكفرة ومنها دون ذلك كما سبق
وعليه فما قرره عن شيخ الاسلام وابن كثير والقرطبي والشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رحمهم الله تعالى أن كلامهم في مظاهرة المشركين ليس صحيحا وهو قائم على طريقة انتقائية لأقوالهم وسنضرب لذلك أمثلة مناقوالهم توضح ذلك ولنبدا بالإمام القرطبي رحمه الله:
قال الشيخ وفقه الله: " وممن نص على أن مظاهرة المشركين لمجرد غرض دنيوي ليست كفرًا استنادًا إلى قصة حاطب الإمام القرطبي، حيث قال: (من كثر تطلعه على عورات المسلمين، وينبه عليهم، ويعرف عدوهم بأخبارهم، لم يكن بذلك كافرًا، إذا كان فعله لغرض دنيوي، واعتقاده على ذلك سليم، كما فعل حاطب حين قصد بذلك اتخاذ اليد، ولم ينو الردة عن الدين)
وهذا خطأ لا شك فيه فليس كلام القرطبي رحمه الله عن مظاهرة المشركين على المسلمين ولكن سبق ذكر طريقة الشيخ في اعتماد هذا الأسلوب الغير لائق بمثله وإذا رجعنا لتفسر آيات التولي عند الإمام القرطبي رحمه الله نجده على أصول الشيخ غال في التكفير بل ومتناقض تناقضا شديدا حيث فسر التولي بالنصرة وجعله ردة عن الإسلام ...
قال القرطبي رحمه الله:
¥