وجامعه هو العلامة الإمام العالم المشهور الملقب بحجة الإسلام محمد رشيد بن علي رضا محمد شمس الدين بن منلا علي خليفة القلموني، البغدادي الأصل، الحسيني النسب.
ولد بقلمون من أعمال طرابلس الشام سنة 1282 ونشأ بها، وفيها تلقى العلم عن شيوخها وعلمائها.
وجلس للناس يفيدهم بعلمه ويرشدهم بنصحه ووعظه، ولقد بلغ من الفقه الديني والتمكن من علوم الكتاب والسنة والخبرة بأحوال الزمان منزلة ما تخال أنها تتاح لأحد بعده إلا في دهر طويل.
ورحل إلى مصر وهو عالم مفكر وكاتب متبصر، فصحب الأستاذ الإمام محمد عبده صحبة العالم الصغير للعالم الكبير.
فكان من أول آثاره إصداره للصحيفة الإصلاحية التي كان يستمد روحها من الأستاذ الإمام، ثم رغبته في إلقاء دروس التفسير التي كانت أساسا لتفسير المنار ورغبته إليه في إقراء علم البلاغة من كتابي إمامها"دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" فكانت قراءتهما فتحا جديدا في العربية كما كانت دروس التفسير فتحا جديدا في الدين".
واستمر السيد على وفائه للأستاذ الإمام بعد وفاته كما كان له في حياته، وما عرف المصريين وغير المصريين قدر الأستاذ، وحفظ عليهم أمانته وخلد لهم آثاره إلا السيد رشيد، وكان إلى آخر حياته- وقد فاق أستاذه في نواح عديد من العلم- لا يفتر يلهج بأستاذه حتى كاد ينسي الناس نفسه وآثره الخاص.
ومن آثاره رحمه الله تعالى ما نشره من تفسير القرآن الحكيم، على صفحات المنار، وما كتب في المنار وغير المنار، هم الذي جلى الإسلام بصفاته الحقيقية للمسلمين وغير المسلمين، وهو الذي لفت المسلمين إلى هداية القرآن، وهو الذي دحر خصوم الإسلام، من المنتمين إليه وغبر المنتمين إليه، وهتك أستارهم حتى صاروا لا يحرك أحد منهم أو من أشباههم يده إلا أخذ بجنايته، فهذه الحركة الدينية الإسلامية الكبرى اليوم في العالم إصلاحا وهداية وبيانا ودفاعا من آثاره.
توفي رحمه الله تعالى سنة 1354.
وتفسيره المسمى بتفسير القرآن الحكيم" والمشهور" بتفسير المنار" طبع في اثني عشر مجلدا، ابتدأ بأول القرآن وانتهى عند قوله تعالى في الآية 101 من سورة يوسف {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين} ثم عالجته المنية قبل أن يتم تفسير القرآن كله.
وتفسيره يعتبر طريقة مبتكرة من طرق التفسير، يقول:" فكانت الحاجة شديدة إلى تفسير تتوجه العناية الأولى فيه إلى هداية القرآن على الوجه الذي يتفق مع الآيات الكريمة المنزلة في وصفه، وما أنزل لأجله من الإنذار والتبشير والهداية والإصلاح.
وقال في موضع آخر:"إن قصدنا من التفسير بيان معنى القرآن وطرق الاهتداء به في هذا الزمان.
وأما عن منهجه في التفسير فيقول:" هذا وإنني لما استقللت بالعمل بعد وفاته بعد وفاته خالفت منهجه رحمه الله بالتوسع فيما يتعلق بالآية من السنة الصحيحة، سواء كان تفسيرا لها أو في حكمها، وفي تحقيق بعض المفردات أو الجمل اللغوية والمسائل الخلافية بين العلماء، وفي الإكثار من شواهد الآيات في السور المختلفة وفي بعض الاستطرادات لتحقيق مسائل تشتد حاجة المسلمين إلى تحقيقها، بما يثبتهم بهداية دينهم في هذا العصر، أو يقوي حجتهم على خصومه من الكفار والمبتدعة، أو يحل بعض المشكلات التي أعيا حلها بما يطمئن به القلب وتسكن إليه النفس".
• ما انتقد عليه.
انتقد عليه العلماء أشياء نجملها فيما يلي:
أ - إتيانه بأفكار غريبة في تفسير القرآن.
ب - مخالفته لأهل السنة في مسائل، كخلود أكل الربا وقتل العمد في النار، والسحر هل له حقيقة أو ضربا من التمويه والخداع، والمعجزات.
ت - مخالفته لجمهور الفقهاء في بعض المسائل الفقهية وتمسكه ببعض الآراء الضعيفة.
ث - تذرعه بالمجاز والتشبيه، فيصرف بعض ألفاظ القرآن عن ظواهرها.
ج - شرحه لمبهمات القرآن بما جاء في التوراة والإنجيل.
وانتقد عليه أشياء ليست بشيء، أضربنا عليها فلم نوردها في مذّكرتنا والله أعلم ونسبة العلم إليه أسلم.
وأختم القول على تفسير المنار بكلمة قالها إمام النهضة الإصلاحية في المغرب الإسلامي العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى " .. هو الذي جلى الإسلام بصفاته الحقيقية للمسلمين وغير المسلمين، وهو الذي لفت المسلمين إلى هداية القرآن.
¥