تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

** فهل ترى أننا إذا جمعنا العلماء في المجالات العلمية المختلفة وشرحنا لهم الآيات الكونية فسيكون هذا سببا في إسلامهم؟!

* طبعا .. طبعا فأنا أشبه المعرفة الإنسانية بشكل هرمي قاعدته العلوم البحثية التطبيقية .. لا احتقارا لها ولا استهانة بشأنها، ولكنها هي وسيلة الإنسان لإعمار الأرض، وفوقه تأتي رسالة العلوم بمعنى استنتاج الحكمة من الشواهد المادية في الكون، فلا أستطيع أن أكتفي بالقول إن هذا الكون الشاسع دقيق البناء محكم الحركة، بل يلزم أن أشير إلى أن هذا الكون لم يوجد نفسه، بل لا بد من موجد عظيم .. وهذا الموجد العظيم لا بد أن يكون مغايرا لخلقه لا يحده المكان ولا يحده الزمان ولا تصنعه المادة ولا تشكله الطاقة، وفوق هذه العلوم الإنسانية كلها؛ لأن الإنسان مخلوق مكرم والمتعلق بالمكرم مكرم، وفي قمة الهرم وحي السماء وهو بيان من الله للإنسان في القضايا التي لا يستطيع الإنسان أن يصل فيها إلى الطريق الصحيح .. وكل مثقف عليه أن يتخصص في شريحة من الشرائح، لكن لا يجوز له أن يعزل نفسه عن بقيتها .. ومأساة العالم هذا العزل.

الحقائق العلمية والقرآنية وحكم رفضها

** ماذا لو رفضت – كمسلم- هذه الحقائق العلمية ولم أومن بها؟

* عزلت نفسك عن زمانك ودفنت رأسك في الرمل.

** هل لهذا حكم شرعي؟ هل يمكن أن أكفر مثلا؟!

* لا .. ولكن صرت جاهلا!

** لكن ماذا لو جئت فضيلتك وطابقت إحدى هذه الحقائق العلمية بحقيقة قرآنية لما تراه من "إعجاز علمي"، ثم جئت أنا ورفضت هذا الكلام؟!

* إذا كان تفسيرًا علميًّا فلا مشكلة لأن التفسير يتعدد ويتغير.

** لا .. أنا أتحدث عن الإعجاز العلمي وليس التفسير؟

* الإعجاز العلمي لا ينقض!

** على سبيل المثال إذا أنا رفضت نظرية الانفجار العظيم لتفسير نشأة الكون التي ترى أن القرآن سبقها ويؤيدها، ألا يضعني هذا في مأزق ديني؟ وما الحكم هنا؟

* .. وهل هذه النظرية الوحيدة القائمة في تفسير الكون؟!! .. هناك مئات النظريات في تفسير الكون، ولكنني اخترت هذه النظرية لأن لها رباطًا بالقرآن الكريم (!!).

** ألا يعني ذلك إلغاء وتجاهل النظريات العلمية الأخرى بمبررات دينية؟

* طبعا .. طبعا .. بناء على وضوح نص الآية.

** إذن فقد حدث التطابق وصرت أنا ملزما به ما دامت الآية واضحة وتؤيد هذه النظرية .. كيف لي أن أعارضها؟!

* أنت لست ملزما بشيء .. لكن بالرجوع إلى الآية) أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ (. نجد أن تفسير الآية في كتب التفسير جاء بدائيًّا وسطحيًّا، ولا يقدم أي شيء من الحقيقة، والتفسير الأقرب لها الآن هو نظرية الانفجار العظيم .. والنظرية هنا تبقى نظرية، وإذا وصل العلم إلى حقيقة فهذا تفسير .. وأنا لم أقل إن هذا قطعي ويعد إعجازا علميا .. ولكن النظرية قائمة على شواهد صحيحة وهذه الشواهد تكلم القرآن عنها .. والتوسع في السماء حقيقة .. فحين نزل قول الله تعالى:) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (، لم يفهمها البدو والعرب أيام الرسول على أن الكون يتسع، بل فهم أن الكون شاسع على الإنسان، لكن موسع اسم فاعل وموسعون صيغة مصدرية توحي بالاستمرارية وهو ما يؤكده العلم الحديث!.

** لكن هذا التفسير الأخير تفسير لغوى! فهم قواعد اللغة يؤكد اتساع الكون أو يقبل القول به.

* وهو تفسير علمي أيضا! فلماذا لم تقل في الماضي؟ ولماذا لم يقل أحد من المفسرين القدامى إن الكون يتسع؟.

** ربما غاب عن المفسرين ولم يكن الله قد فتح عليهم!

* لا لا ... لقد قلنا هذا الكلام حين اكتشفنا أن اتساع السماء حقيقة كونية .. ولم يقل أحد من المفسرين به من قبل.

بين ثبات النص المقدس ومتغيرات العلم

** أليست مفارقة أن موجة الإعجاز العلمي في القرآن تلت موجة مشابهة لها شهدها الغرب قبل عقدين من الزمان، كانت تسعى إلى إثبات صحة النصوص المقدسة من خلال العلم؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير