أولاً: أكرر لك الشكر والعرفان بأن تقبلت مداخلتي بصدر رحب، وأوافقك في قولك:" المهمّ العلم والفائدة ".مع أني رأيتك أخذت جانباً لا علاقة له بمداخلتي من قريب أو بعيد، ولكن من حقك علي أن أجيبك على ما ذكرته، فأقول والله الموفق:
قولكم:
" وأنت تعلم أن متقدمي الشافعية كانوا على مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم في باب الصفات "خروج عن مداخلتي فنحن لا نتكلم عما كان عليه الشافعية أو غيرهم قبل الإمام الأشعري واكتمال " المذهب الأشعري " كمذهب " كلامي " يبحث في " الأصول "و" العقائد " وثمّ: هل كان هناك شيء اسمه " مذهب السلف الصالح " وأقصد التسمية لا المنهج.
وأما قولكم:
"وما ينبغي عليك إن رمت الإنصاف والحق في المسألة أن يكون الحكم من خارج المذهبين"
فهل أنت يا أخي الكريم إلتزمت بهذا الذي " ينبغي " عندما أمرتني بالرجوع إلى كلام المشايخ ابن عثيمين رحمه الله ومن معه؟؟ هؤلاء يا أخي معروف موقفهم من المذهب الأشعري و" الأشاعرة " لو استثنيت الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فإن نظرة الشيخ سفر الحوالي - شفاه الله - للأشعرية ليست ببعيدة عن نظرة الإمام السبكي لمخالفيه كما صورتها أنت بقلمك.
إذن: اين الحياد يا أخي الذي طلبته مني.
وما أشرتم إليه من " تحامل الإمام السبكي فيه كثير من الصحة والصواب وخاصة ما سطرته يداه – عفا الله عني وعنه بحق شيخه الإمام الذهبي رحمه الله، فهما الآن بين يدي الله تعالى نرجو الله لنا ولهما الرحمة والرضوان، ولكنك وأنت – حسب ظني أنك من العارفين – أن هذا من " التعصب المذهبي " الذي لا يسلم منه "مؤرخ " أو " عقدي " وإلا لماذا نص العلماء رحمهم الله تعالى أن " الجرح العقدي " لا يقبل وأنه من أسباب " التحامل " إلا عند من سلمه الله.
وما ذكرتم من صنيع الناشر وتزويره فهذا يخصه والله محاسبه عليه مع اعتقادي الجازم بأن كلام التاج السبكي رحمه الله لا يحتاج إلى تزوير لوضوحه وضوح الشمس.
وأما قولكم:
قد وقع فيه بعض الشافعية، بسبب قصيدته الشهيرة في العقيدة الصحيحة، والتي نقله منها الإمام الذهبي في العلو؛ فنقموا عليه وكان ما كان ممن كان على شاكلة الإمام السبكي غفر الله له.
فالأمانة العلمية تحتم علي وعليك الإشارة إلى ما كتبه السبكي في هذا الموضوع وهو رحمه الله وإن لم يكن قد " طعن في نسبتها إلى الكرجي " إلا أنه ذكر أدلة تجعل المنصف يقف أمامها.فراجعها إن شئت.
أما ماذكرتموه في الفقرة (ثالثاً):
فكاتب هذه الحروف لم يتعرض للأكثرية بالطريقة التي صورتموها حفظكم الله، ولم أدخل أي "نسبة مئوية " لأن هذا عندي من الكلام الهابط الذي يفرق المسلمين ولا يجمعهم وليس مذهبي كذلك بل ما قلته بالحرف الواحد مدوّن وهو:الأكثرية بالنسبة لعلماء الشافعية وشتان بين المسألتين أخي الكريم، وعندما أدخلت " المسلمين" قيدت كلامي ب " المتكلمين " منهم.
وما تفضلتم به من " جرد " لأسماء أئمة شافعية ليسوا أشاعرة فهذا يرد به على من يهتم ب " إحصاء " علماء كل مذهب ومعتقد، وكما قلت لكم أخي الكريم لست من أولئك ولا يهمني من قريب أو بعيد عدد أفراد أي مذهب، لأن المذاهب وجدت قبلي وستظل بعدي.
وأما نصيحتكم لي بقراءة الكتب المذكورة فنصيحة مقبولة ولا أخفيك سراً أني قرأتها وقرأت غيرها سواء عند الأشاعرة أو المعتزلة أو غيرهم، ولا تظن أخي الكريم أن كانت دراستي النظامية هي في " القراءات " أن معنى ذلك هجر العلوم الأخرى فبحمد الله ونعمته قرأت وجلست بين يدي الشيوخ في مبادئ اللغة ودرست عليهم والنحو والعقيدة والفقه حتى بفضل الله تعالى " عرفت " ما أدين الله تعالى به من الحق ليس " عصبية أو تقليداً أعمى؟؟؟
وهل أدخلني في المناقشات مع أحبابي وزملائي في هذا الملتقى أو غيره ووصل الحد بهم إلى " تصنيفي " و " الغضب " مني ": عدم العصبية الفكرية؟؟ أعرف أن هذا لا علاقة له بالموضوع ولكن أسجله حتى تعلم أني لم أداخلك من "جهل " أو " فراغ " علمي بالمسألة وأبعادها.
هذا: و كنت رجوت أن تكون طلبت مني قراءة كتب الفقه والتفسير وقبل ذلك قراءة كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا أن تطلب مني قراءة " كتب عقدية مليئة بعلم الكلام والاجتهاد الذي قصارى ما فيه أن:صاحبه غير معصوم وأنه مردود عليه في بعض ما يقرره ..
" وإن كان لي أن أرد لك الجميل وأنصحك فإني أقول لنفسي أولاً:
إياك وقراءة كتب " العقائد " إلا إذا كنتِ – يا نفس - متسلحة بسلاح العلم وهو قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم - وليس بسلاح التقليد ومحبة الشيوخ.
وما ختمتم به من كلام الجويني فلم أعرف المراد منه لكن غيري قد يكون بحاجة إليه فيحاول فهمه.
وتقبل كامل التحية والتقدير.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[03 Sep 2007, 12:35 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
جزاك الله خيراً كثيراً أيها الشيخ الكريم
إني وإيَّاك لمتفقان في الجملة، وتبقى بعض الرتوش، أخالفك فيها حفظك الله ونفع بك، ولكلِّ وجهة هو مولِّيها.
ويبقى الحق عند الله واحد.
وأحب ان ألفت نظرك الكريم _ أكرمك الله ورضي عنك _ أن طالب العلم لا ينبغي أن يكون حاكماً ومصنفاً للناس؛ فذا أمره إلى الله.
ولكن من حق أي طالب علم أيضاً أن يأخذ، ويرد، ويُنَاقِش، ويُناقَش بأدب، وخلق واحترام لأهل العلم، والتعويل على الكتاب والسنة.
ولندع العاطفة في المسائل العلمية جانباً. وليكن التعصب الصحيح للدليل الصحيح.
ولنقرِّب أواصر المحبة بين النفوس.
وخلتك ممن يفعل.
زادني الله وإيَّاك علماً وعملاً وفقهاً وبصيرة في الدنيا والاخرة.
أخوك الراجي له ولك كل خير
¥