في عصرنا هذا سيجد الناس في ترتيب القرآن ما يثبت لهم أن هذا الكتاب هو كتاب الهي وليس كما يزعم خصوم القرآن والمشككون فيه وهم كثيرون .. وهذه هي وظيفة المعجزة , إنجاز الخطوة الأولى باتجاه رسالة ما وتصديقها , يتوجه من يؤمن بها بعد ذلك إلى كتاب الله واتباع كل ما جاء فيه , يصل بعد ذلك إلى مرحلة تبدو معها المعجزة وكأنها فقدت دورها في حياته , وهذا هو السر في قول بعضهم: أنا مؤمن بالقرآن ولست بحاجة إلى أي معجزة جديدة.
ويواجه القرآن حملات من التشويه والافتراء وإثارة الشبهات من حوله بقصد التشكيك فيه , ويزعم المرتابون والمشككون في القرآن ضياع بعض أجزائه بحجة كتابته على الحجارة وسعف النخل واستخدام أدوات بدائية في حفظه مما كان متوفرا زمن نزوله ... وتتسع دائرة التشويه إلى حد الزعم أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم , وقد أعانه عليه بعض معاصريه ...
ومن الطبيعي أن تجد هذه الافتراءات آذانا صاغية من قبل الكثيرين الذين لا يعرفون عن القرآن غير ما يصلهم عن طريق هذه الفئة , ويزداد التأثير على هؤلاء في حالة غياب البديل , أعني دور المؤسسات الإسلامية في تقديم الصورة الحقيقية للقرآن الكريم , واستغلال كل ما من شأنه توضيح هذه الصورة , وفي مقدمة ذلك ترتيب القرآن , وجه الإعجاز الذي ادخره لهذا العصر , ومخاطبتهم باللغة التي يفهمونها لغة الأرقام ..
لنقرأ بعض ما يكتب عن القرآن: (نقلا عن الإنترنت)
" ومما لا ريب فيه ولا ينبغي أن يختلف فيه اثنان أن محمدا هو في الحقيقة مصنف القرآن وأول واضعيه , وان كان لا يبعد أن غيره أعانه عليه كما اتهمته العرب ....... "
" ولما قام الحجاج بنصرة بني أميه لم يبق مصحفا إلا جمعه واسقط منه أشياء كانت نزلت فيهم وزاد أشياء ليست منه. وكتب ستة مصاحف جديدة بتأليف ما أراده وهي القرآن المتداول اليوم .... "
" وهذا الكتاب كما اعتراه النقص تطرقت إليه الزيادة أيضا وذلك أن الخلفاء الذين أمروا بجمعه أولا لم يكفهم انهم حذفوا منه كل ما رأوا المصلحة في حذفه حتى زادوا فيه ما ليس منه ... "
" ويترتب على ما مر من التناقض والغلط والجهل أن القرآن كلام البشر لا كلام الله وانه من حيث المعنى تصنيف رجال مختلفي المقاصد من عرب ومجوس ونساطرة ويهود ... وكم وكم في القرآن من كلام لا ينبغي أن يتردد أحد في الجزم بأنه لمحمد نفسه , وكم وكم فيه من كلام لكتبة محمد .... "
وقد تصدى علماء المسلمين للرد على هذه الشبهات كل قدر استطاعته , إلا أن هذه الردود على كثرتها ظلت قاصرة عن مواجهة حملات التشكيك في جمع القرآن وترتيبه بسبب غياب حقيقة الترتيب القرآني , هذه الحقيقة التي بدأت تتكشف أسرارها حديثا ..
إن في ترتيب سور القرآن وآياته من الأدلة المادية الملموسة على مصدر القرآن وألوهيته ما لا يمكن إنكاره , انه وجه الإعجاز القرآني الذي يمكن نقله إلي الآخرين باللغة التي يفهمونها دون أن يفقد دلالاته , وهي ميزة تستدعي الاهتمام بهذا الوجه وتوظيفه في خدمة القرآن وأهله.
ولا بد أن يثير ترتيب القرآن – حين الاطلاع عليه – التساؤل: كيف جاء ترتيب القرآن على هذا النحو مع ما نعلمه من نزول القرآن مفرقا حسب الوقائع والأحداث وحاجات الناس , وترتيبه على نحو مغاير لترتيب النزول؟ ..
هل يتفق هذا الترتيب المحكم مع ما يزعمه المشككون بالقرآن , والزاعمون بأن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم؟ هل يتفق هذا الترتيب مع القول بتحريف القرآن وتعرضه للزيادة والحذف التي يروج لها المشككون؟ هل يتفق هذا الترتيب مع الطريقة التي يزعم المشككون أن محمدا اتبعها في تأليف القرآن؟
إن ما أثير حول القرآن من شبهات سيبدو مضحكا وغير مقبول حين نحتكم إلى ترتيب القرآن , ونيسر للآخرين الاطلاع عليه , وهذه المهمة تتطلب دورا فاعلا من المؤسسات الإسلامية , وأقل ما يمكنها تقديمه في هذا المجال: دعم الباحثين والدراسات الجادة في هذه المسألة.
إن من المؤسف حقا أن يكون بعض أهل القرآن هم أول من يتخلى عن الباحث في هذا المجال , هذا إذا لم يحاربوه بصورة أو بأخرى ,. ومما قد يترتب على مثل هذا الموقف أن ينقطع الباحث عن إتمام عمل ما قد يكون فيه فوائد جمة للقرآن وأهله، وبقاء حقيقة ترتيب القرآن غائبة عن القيام بدورها في خدمة القرآن وأهله.
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[03 Oct 2007, 03:52 ص]ـ
بينما أقرا هذا الموضوع يعرض لي حديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (نحن أمة أمية لا نعرف الحساب ... )
القوانين والعلاقات الرياضية ليست لغة مشتركة بين جميع الناس بل هي لغة معقدة العارفون لها قليل، ولم يأت في فضلها أثر.
أخشى أن نقع أحيانا تحت تأثير ضغط الواقع.
والواقع غير ثابت، من الممكن تغييره.
بمعنى أن لغة العصر: الأرقام هي لغة زمن محدود له قبل وبعد، ما بينهما قصير في عمر الأمم،
فإذا كان له تأثير في زمن ما فسوف ينتهي هذا التأثير ..
هذا إن صح أن لغة العصر هي الأرقام؛ وإلا فإنه بالسبر (حتى في هذا العصر) اتضح أن البيان هو اللغة المؤثرة في الحقيقة.
على أي حال قد تكون المسألة نسبية؛ أعني لغة العصر.
وصيتان:
1 - لا تقل في مسألة ليس لك فيها إمام.
2 - لا تحقر الأقوال والآراء الأخرى والتي وراءها أئمة وفحول.
¥