غيرهم" (ابن تيمية، 1398هـ: 35/ 162).
المطلب الرابع: النصيرية
أولاً: التسمية والنشأة:
النصيرية فرقة باطنية ظهرت في القرن الثالث للجهرة، أصحابها يعدون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجوداً إلهياً في على t و ألهوه به، مقصدهم هدم الإسلام ونقص عراه، وهم مع كل غاز لأرض المسلمين، ولقد أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهاً لحقيقتهم الباطنية، ويعتبر مؤسس هذه الفرقة أبو شعيب محمد بن نصير المتوفى سنة 270هـ حيث سميت النصيرية نسبة إليه، ادعى النبوة والرسالة وغلا في حق الأئمة إذ نسبهم إلى مقام الألوهية. (الحلبي، 33 - جلي، 1988م:243).
ثانياً: من تأويلاتهم:
تأليه على بن أبي طالب t وتأويل النصوص لتحقيق فكرهم ومعتقدهم:
يفسرون قوله تعالى:} قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي {(الكهف: 109) بأن الكلمات هي الظهورات التي ظهر فيها الله البشرية" (الخطيب، 1984م: 342).
أما معنى قوله تعالى:" وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة" (مريم:55) " فالصلاة أمير المؤمنين، والزكاة معرفته، وأما إقامة الصلاة فهي معرفتنا وإقامتنا. (عواجي، 1997م: 1/ 434).
وتزعم النصيرية أن الحكمة من ظهور الله تعالى في البشر " عدلاً منه وإنصافا لئلا يكون على الله حجة بعد الرسل، منطق من البشر وظهر بالمعجزات والقدرة ليدلهم على ذاته، فكان ظهوره قدره ونطقه حكمة، ودلالته على ذاته رحمة وغيبتة عظمة، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى" وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " (الزخرف:84) (الخطيب، 1984م:342).
إن استدلال النصيرية بالقرآن الكريم على مفترياتهم وكذبهم وضلالهم ليدل بوضوح على تأويلهم لآيات القرآن الكريم تأويلاً يتفق مع أهوائهم وأهدافهم، فالآية لا تدل على حلول الذات الإلهية في الإنسان كما يزعمون، وإنما الإخبار عن إلاهية الله تعالى، بمعنى أنه معبود أو مستحق للعبادة، ولذلك يقول الشوكاني في تفسيره للآية: "والمعنى، وهو الذي معبود في السماء ومعبود في الأرض، أو مستحق للعبادة في السماء والعبادة في الأرض" (الشوكاني:4/ 567).
ينكر النصيريون اليوم الآخر وما يترتب عليه وآمنوا بالتناسخ ولذلك أولوا الآيات لتتفق مع معتقدهم ومن ذلك:
قوله تعالى:} يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين {(الانفطار:6 - 12) قالوا:" فمسخهم الله لتكذيبهم بالدين لأن الدين المذكور في الآية الكريمة ـ كما يزعمون ـ هو أمير المؤمنين على بن أبي طالب " (الخطيب / 1984م: 357ومن المعلوم أن المقصود بالدين في الآية الكريمة هو يوم الحشر، يوم الجزاء والحساب، يوم يجازي الناس على معتقداتهم وأعمالهم.
قوله تعالى: " كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر مما يكبر في صدوركم" (الإسراء:50 - 51) ويعتبرون الخلق الذي يكبر في الصدور الذهب والقضة باعتبارهما من معادن الجبال لقوله تعالى:" وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" (سورة فاطر:27) فالجبال في نظرهم هم الجبابرة والطواغيت الذين ظلموا أهل الحق – النصيرية- فمسخوا على هذه الحال حتى ينتهي هذا الدور، فيمسخوا مرة أخرى حيوانات تؤكل وتشرب" (الخطيب، 1984م:375).
قوله تعالى:" وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ" (فاطر: 37) يقول النصيريون:" فالكافرون يقولون لربهم أخرجنا من الأبدان المسوخية ومن هذا العذاب إلى الأبدان الناسوتية لكي نعمل صالحاً:" (الخطيب، 1984م: 358) وهكذا يتبين مدى انحراف النصيرية عن الحق في تأويلاتهم للقرآن الكريم.
¥