تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اعتمدت جماعة التكفير والهجرة على آيات وأحاديث لتحكم على مرتكب الكبيرة بالكفر والخروج من ملة الإسلام دون النظر في الآيات والأحاديث الأخرى والجمع بينهما وذلك كما فعل أسلافهم من الخوارج ومن ذلك:

احتجوا بما يعرف لديهم بدليل البيعة وهو قوله تعالى:} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {(الممتحنة:12) قالوا: إن هذه الآية تحتوي على أمرين:

ألا بشر من بالله شيئاً وفيها المحرمات قطعاً.

ألا يعصين في معروف وفيها الفرائض.

وبنوا على ذلك أن من لم يستكمل شروط البيعة ويؤدي الفرائض جميعها لا يعتبر مسلماً" (جلي، 114:1988 - 115).

كما استدلوا بقوله تعالى:} وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً {(الجن:23) فقالوا هذه الآية تدل على كفر من نقض فريضة أو اجترح محرماً وتقول بخلوده في النار. (جلي، 1988م: 116).

وهذه الآيات التي يستدلون بها لا حجة لهم فيها لأن المراد بالمعصية هنا "المعصية الكفرية، كما قيدتها النصوص الأخرى المحكمة، وأما مجرد المعصية، فإنه لا يوجب الخلود في النار، كما دلت على ذلك آيات القرآن، والأحاديث عن النبي r ، وأجمع عليه سلف الأمة، وأئمة هذه الأمة" (السعدي،7/ 465).

كما استدلوا بالأحاديث النبوية ومن ذلك:" من حمل علينا السلاح فليس منا " (مسلم، 1/ 98 - رقم 98) بمعنى أنه ليس من جماعة المسلمين" (جلي، 1988م:114).

كما أنهم قالوا أن المسلم متى ارتكب معصية كبيرة أو صغيرة فيلزمه التوبة و إلا صار كافراً واستدلوا بقوله تعالى:} إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً {(النساء:17) وفهموا القريب هنا، بالقرب الفوري فمن لم يتب في رأيهم فوراً فهو كافر" (البهنساوي، 1415هـ:124 - جلي،1988م:142).

وقد أهمل هؤلاء أو جهلوا النصوص الموضحة لهذه الآية والتي تفتح باب التوبة حتى غرغرة الموت أو ظهور علامات الساعة الكبرى كطلوع الشمس من مغربها لقول الرسول r :" من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" (مسلم، 4/ 2076رقم2703) وقال أيضاً:"إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" (الترمذي، رقم 3531).

لهم أخطاء شنيعة تدل على الجهل والسذاجة ومن ذلك مثلاً قولهم في تفسير الآية:} وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ {(القصص:59) فقد قالوا بأن (أم القرى) في الشرق الأوسط الآن، وهي التي تطلع عليها باقي الأمة العربية، ويتوزع منها الكفر إلى أقطار الأمة العربية، هي مصر" (جلي، 1988م:142) ومن المعلوم أن أم القرى الواردة في الآية هي مكة المكرمة.

وهكذا يتبين مدى انحراف من ترك التأويل الحق الموافق للكتاب والسنة واتبع طريق الهوى ليضل عن سبيل الله سواءً كان فرقاً باطنية قديمة أم حديثة معاصرة.

الخاتمة

لله الحمد والشكر على ما أنعم ويسر، وبعد فقد ناقش هذا البحث أثر التأويل في ظهور الفرق، وقد توصل الباحث إلى العديد من النتائج يجملها فيما يأتي:

1 - التأويل الصحيح هو ما وافق الكتاب والسنة، وأما ما يخالف الكتاب والسنة فهو التأويل الفاسد المرفوض.

2 - موقف علماء السلف من التأويل يتمثل في أنه إذا وافق الكتاب والسنة قبلوه، وإذا خالف رفضوه، فمقصودهم هو ترك التأويل الذي يؤدي إلى تحريف النصوص أو تعطيلها تحت ذريعة الظاهر والباطن.

3 - إن أصل الخلاف والافتراق يرجع إلى الابتعاد عن الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة، واتباع التأويل الفاسد الناتج عن الهوى والضلال مما أدى إلى افتراق الأمة إلى فرق كثيرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير