ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[21 Jun 2009, 06:51 ص]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيكم أخي الكريم علي هذه النقولات الطيبة، وقد نقل الشيخ محمد يحيي شريف ـ رحمه الله ـ هذه النصوص وغيرها زاعما تقديم وجه الدراية علي وجه الرواية.
وهذا الباب سبب في جعل بعض القراء يردُّون روايات صحيحة لأجل أنها لا توافق الدراية.
فقد دفع ابن مجاهد ـ رحمه الله ـ قراءة (أرجئه) بالهمز وكسر الهاء وقال عنها (هذا وَهْمٌ .. )
كما ردَّ أبو شامة ـ رحمه الله ـ قراءة "نعما " بإسكان العين وتشديد الميم. وغيرهما من القراء الذين طعنوا في بعض القراءات.
ولم يكن هذا إلا أنهم قدموا وجه الدراية علي وجه الرواية، وهذا فيه ما فيه ولذا قال في النشر:
(قلت) وهذا الذي ذكره الحافظ أبو عمرو متجه وظاهره محتمل لو كانت
القراءة تؤخذ من الكتب دون المشافهة
وإلا إذا كانت القراءة لا بد فيها من المشافهة والسماع فمن البعيد تواطؤ من ذكرنا من
الأئمة شرقاً أو غرباً على الخطأ في ذلك وتلقي الأمة ذلك القبول خلفاً عن سلف من غير
واصل.
وذكر في النشر أيضا جواب الإمام الداني حيث قال ( ... وقال الحافظ أبو عمرو الداني في كتابه "جامع البيان" بعد ذكر إسكان (بارئكم ويأمركم) لأبي عمرو وحكاية إنكار سيبويه له فقال أعني الداني والإسكان أصح في النقل وأكثر في الأداء وهو الذي اختاره وآخذ به، ثم لما ذكر نصوص رواته قال: وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها.)) ا. هـ
وهذه نصوص تؤكد أن وجه الرواية أقوي من وجه الدراية، وإليك بعض النصوص التي تحيل الألفاظ الصوتية إلي المشافهة:
قال الداني في التحديد ـ بعد ذكره لمخارج الحروف ـ قال: فهذه حروف التجويد بأصولها وفروعها علي مراتبها ومخارجها، وقد شرحناها وبينا حقائقها، لتحفظ بكمالها، ويقاس عليها أشكالها، وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة، لينكشف خاص سره، ويتضح طريق نقله وبالله التوفيق)) ا. هـ168
وقال الداني ـ بعد ذكره المدود والإمالات وغيرها من الأصول ـ: فجميع ما ذكرناه ووصفنا حقيقته من الأصول التي تتكرر والفروع التي تتردد فالقراء مضطرون إلي علمه ومعرفته، ولا يتحقق لهم ذلك إلا بالمشافهة ورياضة الألسن، لغموضه وخفي سره وبالله التوفيق)) صـ101 التحديد
وقال قال سيبويه: ... وتكون خمسةً وثلاثين حرفاً بحروف هن فروعٌ، وأصلها من التسعة والعشرين، وهي كثيرةٌ يؤخذ بها وتستحسن في قراءة القرآن والأشعار ...... (ثم ذكر الأحرف)
وتكون اثنين وأربعين حرفاً بحروف غير مستحسنةٍ ولا كثيرةٍ في لغة من ترتضى عربيته، ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر؛ وهي .... (ثم ذكر الأحرف)
وهذه الحروف التي تتمتها اثنين وأربعين جيدها ورديئها أصلها التسعة والعشرون، لا تتبين إلا بالمشافهة، .. )) ا. هـ الكتاب 1/ 448
وقال في موضع آخر: فأما الذين يشبعون فيمططون، وعلامتها واوٌ وياءٌ، وهذا تحكمه لك المشافهة. وذلك قولك: يضربها، ومن مأمنك.)) ا. هـ الكتاب1/ 384
وقال ابن جني في الخصائص: والمعنى الجامع لهذا كله تقريب الصوت من الصوت؛ ألا ترى أنك في قطَّع ونحوه قد أخفيت الساكن الأول في الثاني حتى نبا اللسان عنهما نبوة واحدة، وزالت الوقفة التي كانت تكون في الأول لو لم تدغمه في الآخر؛ ألا ترى أنك لو تكلفت ترك إدغام الطاء الأولى لتجشمت لها وقفة عليها تمتاز من شدة ممازجتها للثانية بها؛ كقولك قططع وسككر، وهذا إنما تحكمه المشافهة.)) ا. هـ1/ 153
وقال العلامة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة المعروف بأبي زرعة في كتبه حجة القراءات (( ... وورش عن نافع والقواس عن ابن كثير يهمزان الأولى ويلينان الثانية ويشيران بالكسر إليها ...... وهذا باب تحكمه المشافهة لا الكتابة .... ))) ا. هـ 1/ 92
فالكتب في أحيان كثيرة لا توفي ما هو مطلوب مثل المشافهة وخاصة ما هو مجمع عليه. والله أعلم.
والسلام عليكم
.
¥