تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بحسب ?لحاجة؟

يروي ?لْإمام ?لبخاري -رحمه ?للَّاهُ (194 - 256هـ) - في صحيحه عن زيد بن ثابت -رضي ?للَّاهُ عنه- قال: «أرسل إليَّ أبو بكر، مقتلَ أهل ?ليمامة، فإذا عمر بن ?لخطاب عنده، قال أبو بكر رضي ?لله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن ?لقتل قد ?ستحَرَّ يوم ?ليمامة بقراء ?لقرآن، وإني أخشى أن يستحرّ ?لقتل بالقراء بالمَواطن، فيذهب كثير من ?لقرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع ?لقرآن. فقلت لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول ?لله صلى ?لله عليه وسلم؟! قال عمر: هذا و?لله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح ?لله صدري لذلك، ورأيت في ذلك ?لذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب ?لوحي لرسول ?لله صلى الله عليه وسلم، فتتبع ?لقرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع ?لقرآن. قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول ?لله صلى ?لله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يُراجعني حتى شرح ?لله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فتتبعت ?لقرآن أجمعه من ?لعُسُب و?للِّخاف وصدور ?لرجال، حتى وجدت آخر سورة ?لتوبة مع أبي خزيمة ?لأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره ("لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنِتُّم") حتى خاتمة براءة. فكانت ?لصحف عند أبي بكر حتى توفاه ?لله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي ?لله عنه» [10].

فـ?نظر، على إثر حديث ?لبخاري، كيف بدأ جمع "?لقرآن ?لكريم" بعد وفاة رسول ?للَّاهِ -صلى ?للَّاهُ عليه وسلم-، وكيف أن ?لصديق أبا بكر –رضي ?للَّاهُ عنه- تردد في قَبُول ما عرضه عليه عمر بن ?لخطاب -رضي ?للَّاهُ عنه-، حتى ?حتاج إلى أن يُراجعه وقتا طويلًا أو مرات عديدة، علما بأن ?لْأمر لم يكن يتعلق بشيء آخر غير جمع "?لقرآن"، وهو كلَام ?للَّاهِ، لكي لَا يضيع بذهاب حَمَلته من ?لصحابة ?لقُرّاء! و?نظر كيف أن زيد بن ثابت رضي ?للَّاهُ عنه -كاتب ?لوحي بين يدي رسول ?للَّاهِ- عَجِب من أمر أبي بكر وعمر وهما يُهُمَّان أن يفعلَا ما لم يفعله رسول ?للَّاهُ -صلى ?للَّاهُ عليه وسلم-، بل يدعوانه أن يفعله هو! و?نظر كيف ?ستعظم ?لْأمر فوجده أثقل عليه من نقل جبل! وإنما كان هذا كله، لِأن ?لْأمر يتعلق بتناول كتاب ?للَّاهِ عز وجل، ليس بما يُسيء إليه أو يضره، بل بما يحفظه من ?لضياع!

ثم إن ?لْإمام ?لبخاري يروي في صحيحه مباشرة بعد ?لحديث ?لسالف، أن أنس بن مالكـ قال: «إن حذيفةَ بن ?ليمان قَدِم على عثمان، وكان يُغازي أهل ?لشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل ?لعراق، فأفزع حذيفةَ ?ختلافُهم في ?لقراءة، فقال حذيفةُ لعثمان: يا أمير ?لمؤمنين، أدرك هذه ?لْأمة قبل أن يختلفوا في ?لكتاب، ?ختلَاف ?ليهود و?لنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في ?لمصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان. فأمر زيدَ بن ثابت وعبدَ ?لله بن ?لزبير وسعيدَ بن ?لعاص وعبدَ ?لرحمن بن ?لحارث بن هشام، فنسخوها في ?لمصاحف. وقال عثمان للرهط ?لقرشيين ?لثلاثة: إذا ?ختلفتم أنتم وزيدُ بن ثابت في شيء من ?لقرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا ?لصحف في ?لمصاحف، رد عثمان ?لصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من ?لقرآن، في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرَق» [11].

و?نظر، من جديد، كيف أن كل ما كان يجده أصحاب رسول ?للَّاهِ في جمع ?لقرآن وحفظه قد زال في ?لجمع ?لثاني، وصار مكانَه سعيٌ جادٌّ وعزمٌ ماضٍ يتمثل في ?لْأمر و?لتنفيذ و?لتنظيم. إذ حذيفة يُشير، وعثمان يأمر وينظم، وكل من حفصة و?لرهط ?لقرشيين ينفذون! و?نظر إلى مبدإ ?لعمل و?لِاتفاق: إذا ?ختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من ?لقرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم (أو كما في ?لرواية ?لْأخرى: "إذا ?ختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربيةٍ من عربيةِ ?لقرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن ?لقرآن أُنزل بلسانهم" [12]). ويروي أبو عمرو ?لداني (444هـ)، في كتابه "?لمقنع في رسم مصاحف ?لْأمصار"، أن زيد بن ثابت قال: «فجعلنا نختلف في ?لشيء، ثم نجمع أمرنا على رأي واحد. فاختلفوا في "?لتابوت"، فقال زيد: "?لتابوه"، وقال ?لنفر: "?لتابوت"؛ قال: فأبيت أن أرجع إليهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير