تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأبوا أن يرجعوا إلي، حتى رفعنا ذلك إلى عثمان، فقال عثمان: اُكتبوه "?لتابوت"، فإنما أنزل ?لقرآن على لسان قريش».

وإنكـ لترى من هذا أن رئيس لجنة ?لتدوين قد واجه صعوبات ?لِاختلَاف و?لخلَاف ?لناتجة عن ?لفروق بين لُغات ?لعرب وخبرات ?لرجال. ولم يكن أمامه من سبيل لتجاوز ذالكـ سوى ?لقياس على لسان قريش، أي ضرورة تنميط نص ?لقرآن كلسان عربي مُبين، به أُنزل ?لذكر الحكيم وبه يجب أن يحفظ.

ويروي ?لْإمام ?لبخاري أن عبد ?لله بن عمرو ذكر عبد ?لله بن مسعود فقال: «لَا أزال أحبّه، سمعت ?لنبي صلى ?لله عليه وسلم يقول: خُذُوا ?لقرآن من أربعة، من عبد ?لله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأُبَيّ بن كعب» [13]. ويروي ?لبخاري أيضا أن شقيق بن سَلَمة قال: «خَطَبنا عبد ?لله [بن مسعود]، فقال: و?لله لقد أخذت من فِيِّ رسول ?لله صلى ?لله عليه وسلم بِضعًا وسبعين سورةً. و?للهِ لقد علم أصحاب ?لنبي صلى ?لله عليه وسلم أنّي من أعلمهم بكتاب ?لله، وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في ?لْحِلَق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادًّا يقول غير ذلك» (في عبارة ?لْإمام مسلم: "فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يَعيبه") [14]. ويروي ?بن أبي داود ?لسجستاني (230 - 316هـ) أن عبد ?لله بن مسعود -بعد جمع ?لمصحف ?لعثماني وإحراق ما سواه- خطب ?لناس على ?لمنبر فقال: "ومن يَغْلُل يأت بما غَلَّ يوم ?لقيامة"، غُلّوا مصاحفكم، وكيف يأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت من فيّ رسول ?لله صلى ?لله عليه وسلم بضعا وسبعين سورةً، وإنّ زيد بن ثابت ليأتي مع الغِلْمان له ذُؤابتان، و?لله ما نزل من ?لقرآن إلَّا وأنا أعلم في أي شيء نزل، ما أحد أعلم بكتاب ?لله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه ?لْإبل أعلم بكتاب ?لله مني لَأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن ?لمنبر جلست في ?لْحِلَق، فما أحد يُنكر ما قال.» [15].

يقول ?لْإمام ?لنووي (631 - 676هـ) في شرحه على "صحيح مسلم": «وقال لِأصحابه "غُلُّوا مصاحفكم"، أي ?كتموها، "ومن يَغلُل يأت بما غَلَّ يوم ?لقيامة"، يعني: فإذا غللتموها جئتم بها يوم ?لقيامة، وكفى بكم به شرفا.». أما ?بن حجر ?لعسقلَاني (773 - 852هـ)، فيقول، في "فتح ?لباري": «وكان مُراد عبد ?لله بن مسعود بـ"غَلِّ ?لمصاحف"، كتمها وإخفاؤها لئلَّا تخرج فتُعدم. وكأنَّ ?بن مسعود رأى خِلَاف ما رأى عثمان ومن وافقه على ?لِاقتصار على قراءةٍ واحدة وإلغاء ما عدا ذلك، أو كان لَا يُنكر ?لِاقتصار لِما فيه عدمه من ?لِاختلَاف، بل كان يُريد أن تكون قراءته هي ?لتي يُعوَّل عليها دون غيرها، لِمَا له من ?لمزية في ذلك مما ليس لغيره، كما يُؤخذ ذلك من ظاهر كلَامه. فَلَمَّا فاته ذلك ورأى أن ?لِاقتصار على قراءة زيد ترجيحٌ بدون مرجح عنده، ?ختار ?ستمرار ?لقراءة على ما كانت عليه» [16].

ويأتي ?لقاضي أَبو بكر ?بن ?لطيب ?لباقلَاني (338 - 403هـ/950 - 1013م)، فيعقد، في كتابه "?لِانتصار للقرآن"، فصلًا مُهِمًّا حول كيفية توجيه ?لقول باللحن ?لمنسوب إلى كل من عثمان بن عفان وأم ?لمؤمنين عائشة رضي ?لله عنهما. وفي خلَال ذالكـ يقول: «ومما يُعتمد في تأويل قول عثمان "أرى فيه لحنا"، هو أن ?لمقصود به ما وُجِد فيه من حذف ?لكاتب و?ختصاره في مواضع وزيادة أحرُف في مواضع أُخَر، وأن ?لكاتب لو كان كتبه على مخرج ?للفظ وصُورته لَكَان أحق وأولى وأقطع للقالة وأنقى للشُّبهة عَمَّن ليس ?لكلَام باللسان طبعًا له. وقولُه "لَتُقيمَنَّهُ ?لعربُ بألسنتها"، معناه أنها لَا تلتفتُ إلى ?لمرسوم ?لمكتوب ?لذي وُضِع للدلَالة فقط، وأنها تتكلم به على مقتضى ?للغة و?لوجه ?لذي أُنزل عليه من مخرج ?للفظ وصُورته.» [17]. ويُورِدُ ?لباقلَاني في عقب ذالكـ بعض ?لْأمثلة، فيقول: «فمن هذه ?لحروف و?لكلمات ما كُتِب في ?لمصحف من "?لصلَاة" و"?لزكاة" و"?لحياة" بالواو دون ?لْألف، وكان ?لْأَولى أن تُكتب "?لصلَاة" و"?لزكاة" و"?لحياة" على مخرج ?للفظ ومطابقته. وكذلك "إبراهيم" و"إسماعيل" و"إسحاق" و"صالح" و"?لرحمان"، وأمثال هذه ?لْأسماء ?لتي تُسقط ?لْألف منها وهي ثابتة في ?للفظ و?لمخرج؛ ونحو إلحاقهم في آخر ?لكلمة من "قالوا" و"قاموا" و"كانوا" وأمثال ذلك ألفا، و?لْألف غير ثابتة ولَا بَيِّنة في ?للفظ. فرأى عثمان [أن] كتابة هذه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير