تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

?لكلمات أو ?لْأسماء ورسمها على مطابقة ?للفظ ومخرجه أولى وأحق، وأن ?لمتكلم إن تكلم بها وتلَاها على حَدِّ ما رُسِمت في ?لمصحف، كان مُخطئا لَاحِنًا خارجا عن لغة ?لعرب وعادتها ومتكلمًا بغير لسانها. غير أنه عَرَف هو وكُلُّ أحد من [كَتَبة] ?لمصحف وغيرهم من أهل ?لعلم باللغة أن ?لعرب لَا تَلْفِظ بـ"?لصلاة" و"?لزكاة" و"?لحياة" بالواو، وتُسقط ?لْألف، ولَا تحذف ?لْألف في لفظها بـ"?لرحمان" و"سلمان" و"إسماعيل" و"إسحاق" و"صالح" ونحو ذلك، ولَا تأتي بألف في "قاموا" و"قالوا" و"كانوا" وأمثال ذلك، وأنها لَا تتكلم بذلك إلَّا على مقتضى ?للفظ ووضع ?للغة لشهرة ذلك وحُصُول ?لعلم به، وتَعَذُّر ?لنطق به على ما رُسِم في ?لمصحف. فلذلك قال "ولَتُقيمَنَّه ?لعرب بألسنتها"، أي أنها تنطق به على واجبه، ولَا تَشُكُّ في ذلك لِأجل أن ?لرسمَ في ?لخط بِخِلَافِه.» [18].

ويستنتج ?لباقلَاني من ذالكـ ?لْأمر فيقول: «فوجب أنه إنما أراد بذكر ?للحن ?لهجاء ?لذي رُسم على غير مطابقة ?للفظ ومنهاجه، وأنه لَمَّا رأى ذلك قد ?تّسع وكَثُر في ?لمصحف -كثرةً يَطُول تتبعها، ويحتاج معها إلى إبطال ?لنسخة ?لتي رُفعت إليه، و?ستئناف غيرها [بـ] إلزام ?لكَتَبة في ذلك وسائر من عنده نسخة منه-، [بدا له أن في ?لْأمر] كلفةً ومشقةً شديدةً، وعَلِم أن ذلك يصعب على أهل ?لذكاء و?لفطنة ?لذين نصبهم لِكَتْب ?لمصحف وعرضه، لِأنهم لم يعتادوا ?لكتابة إلَّا على ذلك ?لوجه، وأن أيديهم لَا تجري إلَّا به، أو خاف نُفُورهم من ذلك وتنكرهم له ونسبتهم إلى ميل عليهم وقدح فيهم، وخشي حصول قالةٍ وتَفَرُّق ?لكلمة. فأبقاه على ما رُفِع إليه من لحن، وقال "إن ?لعرب ستُقيمُه بألسنتها"، لِمَوْضِع شهرة تلك ?لْألفاظ، وعِلْمه وعِلْم ?لناس بأن ?لعرب لَا تتكلم بها أبدًا على ما قِيلت ورُسِمت في ?لخط.» [19].

وبعد ذالكـ مباشرة، يُورِد ?لباقلَاني ?عتراضَ ?لمُعترضين: «فإنْ قالوا: على هذا ?لجواب، فقد صِرْتُم إلى أنه قد وقع في خط ?لمصحف ورسمه خطأ، وما ليس بصواب، وما كان غيرُه أولى منه، وأن ?لقوم أجازوا ذلك وأمضوه وسَوّغُوه. وذلك إجماع منهم على خطإ، وإقرار بما ليس بصواب». ثم يدفع هذا ?لِاعتراض بما يلي: «يُقال لهم: لَا يجب ما قُلتم، لِأجل أنَّ ?لله إنما أوجب على ?لقُرّاء و?لْحَفَظة أن يقرؤوا ?لقرآن ويُؤدُّوه على منهاجٍ محدود، وسبيل ما أنزل عليه؛ وأن لَا يُجاوزوا ذلك ولَا يؤخروا منه مُقَدَّمًا ولَا يُقدِّموا مُؤخرا، ولَا يزيدوا فيه حرفا ولَا ينقصوا منه شيئا ولَا يأتون به على ?لمعنى و?لتعريب دون لفظ ?لتنزيل على ما بَيَّنّاه فيما سلف؛ ولم يأخذ على كُتّاب ?لقرآن وحُفّاظ ?لمصاحف رسمًا بعينه دون غيره، أوجبه عليهم وحَظَر ما عداه؛ لِأن ذلك لَا يجب –لو كان واجبا- إلَّا بالسمع و?لتوقيف. وليس في نص ?لكتاب، ولَا مضمونه ولحنه، أن رسم ?لقرآن وخطه لَا يجوز إلَّا على وجهٍ مخصوص وحَدٍّ محدود، ولَا يجوز تجاوزُه إلى غيره؛ ولَا في نص ?لسنة أيضا ما يُوجب ذلك ويدل عليه؛ ولَا هو مما أجمعت عليه ?لْأمة، ولَا دلّت عليه ?لمقاييس ?لشرعية؛ بل ?لسنة قد دلَّت على جواز كَتْبه بأي رسمٍ سهل وسَنَح للكاتب، لِأن رسول ?لله -صلى ?لله عليه- كان يأمر برسمه وإثباته على ما بيّنّاه سالفا، ولَا يأخذ أحدًا بخط محدود ورسم محصور، ولَا يسألهم عن ذلك، ولَا يُحفظ عنه حرف واحد. ولِأجل ذلكـ ?ختلفت خطوط ?لمصاحف، وكان منهم من يكتب ?لكلمة على مطابقة مخرج ?للفظ، ومنهم من يحذِف أو يزيد مما يعلم أنه أولى في ?لقياس بمطابقته وسياقه ومخرجه. غير أنه يستجيز ذلك لعلمه بأنه ?صطلَاحٌ وأن ?لناس لَا يخفى عليهم. ولِأجل هذا بعينه جاز أن يكتب بالحروف ?لكوفية و?لخط ?لْأول، وأن يجعل ?للَّام على صورة الكاف، وأن يُعوّج ?لْألفات، وأن يكتب أيضا على غير هذه ?لوجوه؛ وساغ أن يكتب ?لكاتب ?لمصحف على ?لخط و?لهجاء ?لقديمين، وجاز أن يكتب بالهجاء و?لخطوط ?لمحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك. وإذا عُلِم وثَبَت أن خطوط ?لمصاحف وكثيرا من حروفها مختلفة متغايرة ?لصورة، وأن ?لناس قد أجازوا ذلك أجمع ولم يُنكِر أحد منهم على غيره مخالفة لرسمه وصورة خطه، بل أجازوا أن يكتب كل واحد منهم بما هو عادته و?شتهر عنده، وما هو أسهل وأولى من غيرِ تأثيمٍ ولا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير