تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تناكر لذلك، عُلِم أنه لمْ [يُؤخذ] في ذلك على ?لناس حدٌّ محدودٌ محصور، كما أُخِذ عليهم في ?لقراءة و?لْأداء. و?لسبب في ذلك أن ?لخطوط إنما هي علَامات ورسومٌ تجري مجرى ?لْإشارات و?لعقود و?لرموز. وكل شيء يدل على ?للفظ ويُنبئ عنه. وإذا دَلَّ ?لرسمُ على ?لكلمة وطريقها و?لوجه ?لذي يجب ?لتكلم عليه بها، وجب صحتُه وصوابُ ?لكاتب له على أي صورة كان وأي سبيل كَتَب. وإذا كان ذلك كذلك، بطل ما تَوَهَّمُوه. وفي ?لجملة، فإن كل من ?دعى أنه قد ألزم ?لناس وأخذ عليهم في كَتْب ?لمصحف رسمًا مخصوصًا وصورةً محدودةً لَا يجوز ?لعُدُول عنها إلى غيرها، لَزِمَهُ إقامة ?لحجة وإيراد ?لسمع ?لدال على ذلك. وأَنَّى لَهُ به!» [20].

وبَيِّنٌ من هذا ?لنص أن ?لْإمام ?لباقلَاني يُؤكِّد بكل وضوح أن رسم ?لمصحف ?صطلَاح لَا توقيف فيه، حيث يجوز (بل يجب) أن يُكتَب ?لقرآن بما هو أيسر وأسهل. لَاكِنَّ ?لباقلَاني نفسه يُورِدُ بعد ذالكـ، بخصوص ?لحروف ?لمُشكِلة أو ?لمتشابهة، كَلَامًا قد يُفهَم منه ?لعُدُول عما سبق أن أكَّدَه. إذ يقول: «أما إطباق ?لجماعة على كتابة هذه ?لحروف على خلَاف ?لوجه ?لْأظهر، فهو أصَحُّ دليل على أنهم مأمورون بذلك و [موقوفون] عليه و [مأخوذون] به، وأنه لَوْلَا إلزامهم ذلك وجواز ?لقراءة ببعضها مع إطلَاق ?لقراءة بغيره رحمةً، وتضييقه ?لقراءة ببعضها على وجه ما ثبت، وموافقة خط ?لمصحف، لَكَتَبُوهُ على ?لوجه [?لْأظهر] ?لْأشهر، لَا سيما وليس في ذلك ما يتعلق باختلَاف منفعة أو دفع مضرة، أو يعود بإثبات إمامة وتأثيل مَحَلّ ورئاسة وتفضيل قوم وبنقص آخرين، ولَا يضر بهم إثباته على ?لوجه ?لْأشهر في باب دنيا ولَا دين، وإثباته له على ما أثبتوه. [و] إذا كانت ?لحال على ما وصفناه، [فهو] من أدل ?لْأمور على أنهم مأمورون بذلك ومُخبَرون بصحته وجوازه.» [21]. غير أن ?لنظر إلى هذا ?لنص في سياقه يجعله خاصا بالكلمات أو ?لحروف ?للتي تكلم عنها ?لباقلَاني في ?لصفحات ?لسابقة من كتابه [22]، حيث نجده يُورِد ?لِاعتراض ?لتالي: «فإنْ قالوا: إذا أجَزْتم قراءة هذا ?لحرف بالجزم و?لنصب [يقصد "أَكُنْ" أو "أكون" كقراءتين جائزتين في ?لْآية "فأَصَّدَّق وأَكُنْ من ?لصالحين"، ?لمنافقون:10]، وأجزتم أيضا قراءة قوله "إِنَّ هاذان لساحران"، تارةً كذلك، وتارة:"إنَّ هذين لساحران"، فألَا أجزتم أيضا قراءة قوله: "و?لمقيمين ?لصلَاة"، بالرفع، وأن يقرأوا: "و?لمقيمون ?لصلَاة"، وكذلك فألَا أجزتم قراءة قوله: "و?لصابئون" بالنصب، وأن يقرأوا: "و?لصابئين" منصوبا، وإن كان ذلك مخالفًا لِخَطِّ ?لمصحف كما صنعتم ذلك في "أصّدّق وأكن"، و"إن هذين لساحران"، وإن خالفت ?لقراءة خط ?لمصحف حيث تكونوا قد أعطيتم ?لقياس حقه ومضيتم مع مُوجبه.». وبعد ذالكـ يُجيب عنه قائلًا: «يُقَالُ لهم لَا يجب ما قُلْتُم لِأجل أننا قد بيَّنّا جواز قراءة ?لحرفين ?لْأولين على ?لوجهين جميعا، وبيَّنّا أن قومًا من ?لسلف وخَلْقًا من ?لْخَلَف قرأوا بذلك، فاشتهر عنهم وقامت الحُجّة به من غير تَنَاكُر ولَا تَرَافُع، وأوضحنا ذلك بما يُغني عن رده، فوجب تجويز ?لوجهين جميعا في "أصَّدَّق وأكُن" وفي "إن هذين لساحران". ولم يُنْقَل عن ?لسلف، ولَا قامت ?لحجة بأن أحدًا منهم قرأ: "و?لمقيمين ?لصلَاة" بالرفع، و"?لصابئين بالنصب"، وهو إذا قُرِئَ كذلك مخالفٌ لِخَطِّ ?لمصحف، وإذَا قُرِئَ على مُوافقة خط ?لمصحف فقد قُرئ بوجهٍ صحيح جائز. وقد بَيَّنّا صحته وسلَامته لغير وجه. فلَا يَسُوغُ لِأحد ترك قراءتهما على موافقة خط ?لمصحف ?لذي نَتَّفِقُ أنه أُنْزِلَ كذلك، وقُرِئَ به إلى مخالفة ?لخط في ?لمصحف ?لذي لَا يُؤْمَن معه أن يكون ?لله سبحانه ما أنزله على ذلك ?لوجه، وإن كان جائزًا سائغًا. وقد أوضحنا فيما سلف أن ?لقراءة تُثْبِتُ تارةً جواز ما بخط ?لمصحف ونقله و?لشهادة بصحته، وتَثْبُت تارة بالنقل عن ?لسلف وظهور ?لقراءة للحرف بينهم، وإن خالف خط ?لمصحف. فوجب لِأجل هذه ?لجملة جواز قراءة ما قُلناه على ?لوجهين جميعا، ولم يَجُز قراءة: "و?لمقيمين ?لصلَاة" [و] "?لصابئون" بخلَاف ?لمصحف، وعلى ما لَا نعلم أن ?لله سبحانه أنزله عليه، وإن كان سائغا ظاهرا وكان هو ?لْأشهر في ?للغة ?لعربية، لِأنه قد يجوز أن يترك ?لحرف و?لحرفان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير