تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

?لصالح إلى ?لقول: «وإنَّا لنذهب في رسم ?لقرآن مذهبًا أبعد من هذا، فلَا نرى جواز مخالفته لمجرد ?لحجج ?لتي أوردها ?لباقلَاني، بل نأخذ برأي ?لعز بن عبد ?لسلَام ?لذي يقول "لَا تجوز كتابة ?لمصحف ?لْآن على ?لرسوم ?لْأولى باصطلَاح ?لْأئمة، ( ... ) لِئَلَّا يُؤدي إلى دُرُوس ?لعلم. وشيءٌ أحكمته ?لقدماء لَا يُترك مُراعاةً لجهل ?لجاهلين. ولن تخلو ?لْأرض من قائم لله بالحجة» [43]. وعلى ?لرغم من أن ?لمرحوم صُبحي ?لصالح يُؤكد أن «?لعامة لَا يستطيعون أن يقرؤوا ?لقرآن في رسمه ?لقديم، فيحسن، بل يجب أن يُكتَب لهم بالِاصطلَاحات ?لشائعة في عصرهم»، فإنه يعود ليقول -وكأنه يستدركـ حتى لَا يفوته شيء مما يحرص عليه عادةً مُقَدِّسو ?لرسم ?لعثماني! -: «ولكن هذا لَا يعني إلغاء ?لرسم ?لعثماني ?لقديم، لِأَنَّ في إلغائه تشويهًا لرمز ديني عظيم ?جتمعت عليه ?لكلمة، و?عتصمت به ?لْأمة من ?لشِّقَاق، ففي ?لْأُمة دائما علماء يُلَاحظون هذه ?لفُروق ?لضئيلة في ?لرسم ?لعُثماني. ومن ?لممكن -مع ذلك- كما ?قترحت مجلة ?لْأزهر أن يُنَبَّه في ذيل كل صفحة من صفحات ?لمصحف على ما عسى أن يكون فيها من ?لْألفاظ ?لمخالفة لِلِاصطلَاح ?لحديث في ?لخط و?لْإملَاء.» [44].

أما موسى شاهين لاشين، فيذهب في ?للَّآلِئ ?لحِسَان في علوم ?لقرآن -بعد أن ?ستعرض أدلةَ ?لقائلين بتوقيفية رسم ?لقرآن فردَّ عليها- إلى أن «?لظاهر أن هذا ?لرسم ?لمخالف لقواعد ?لْإملَاء إنما كان من فعل ?لكُتَّاب وتَوَارُدهم على ?لكتابة. فمن ?لمعلوم أن ?للجنة ?لتي تكونت لنسخ ?لمصاحف في عهد عثمان رضي ?لله عنه، كانت تضم ?ثني عشر كاتبا، يُملي بعضهم، ويكتب بعضهم. وقد نسخوا خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية مصاحف. فتوارُدُهم على كتابة ?لمصحف ?لواحد، جعل بعضهم يكتب هاء ?لتأنيث مثلًا تاء مربوطة وبعضهم يكتبها في كلمة أخرى من سورة أخرى مفتوحة، وهكذا. وليس ذلك على سبيل ?لخطإ، بل على أساس أن قواعدهم آنذاك كانت تُبيح ?لْأمرين على ?لسواء، لِأن ?لمصاحف عُرِضت بعد ?لكتابة، ورُوجِعت مراجعةً دقيقةً، فلو كانت هذه ?لمخالفات خطأً عندهم لَأَصلحوها. أما ?ليوم -وقد أصبحت خطأً إملَائيا يُوقِع في ?للَّبْس، ويدفع بالمبتدئ وغير ?لماهر إلى ?لتحريف-، فإنه يجب رسمه بالرسم ?لصحيح. أأ ونحن لَا نُنَادي بتغيير رسم ?لمصاحف كلها، و?لقضاء على ?لْأثر ?لكريم ?لذي وضعه ?لسلف ?لصالح، وإنما ?لذي نحرص عليه، وندعو له، أن يُفتَح ?لباب أمام مصاحف تُطبَع على رسم ?لْإملَاء ?لحديث، لِتَسِيرَ جنبًا لجنب مع ?لمصاحف ?لتي تُطبع بالرسم ?لعثماني، فيكون لتلك قُرَّاؤُها من ?لمبتدئين و?لمُطالِعين، وتكون هذه لِأهلها من ?لْحُفَّاظ و?لمَهَرة و?لمُتخصِّصِين، وبذا تُيَسَّر قراءة ?لقرآن، ونَحفَظ له رسمه ?لْأول ?لمأثور. وما دام ?لمُعَوَّل عليه في ?لقرآن، قديما وحديثا، هو ?لتلقي، وما دام تغيير ?لرسم لَا يُغير في ?لنطق بل يُحسِّنُه، فإنه لَا ضير على ?لقرآن ولَا على ?لْإسلَام من تعديل ?لرسم ?لمُخالِف. وحيث ?نتفت ?لمفسدة، وتحققت ?لمصلحة وجب ?لمصير إليها.» [45].

وهكذا ترى أنه يصعب -رغم تأكيد بعض كبار ?لعلماء أن "?لرسم ?لعثماني" ليس توقيفيا ولَا مقدسا، وإنما هو ?تفاقي و?صطلَاحي- على كثيرين من ?لمسلمين، بمن فيهم ?لعلماء، ?لِانتهاء -من ثَمَّ- إلى تأكيد أن ذالكـ ?لرسم ليس سوى إرث أو تقليد يُمكن (ويجب) تركه إذا ظهر ما هو أحسن وأيسر منه، بل إذا دَعَتِ ?لحاجةُ إلى ?طِّراحه تماما كما هو ?لواقع ?لْآن.

لذالكـ، يَحِقٌّ لنا، بِناءً على كل ما سبق، أن نَخْلُص إلى إثبات جازم بأن رَسْمَ ?لْمُصْحَفِ يَقْبَلُ مبدئيا وشرعيا كُلَّ ?لتَّحْسِينَاتِ ?للَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَجْعَلَ ?لْقُرْآنَ أَسْهَلَ فِي ?لتِّلَاوَةِ عَلَى ?لْعِبَادِ. غير أن معظم ?لمتخصصين في علم ?لقراآت ورسم ?لمصحف لَا يكادون يرون مَحِيدًا عنِ "?لرسم ?لعثماني"، حتى في أبرزِ ?لثغرات ?للتي شابته لِضُعف صناعة ?لكتابة في عهد تدوينِ ?لمصحف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير