تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[29] اُنظر كيف ينتهي ?لْأمر إلى نوع من ?لتطرف في ?لقول بقدسية رسم كتابة ?لمصحف. ولكـ أن تعجب كل ?لعجب إذا عرفت أنه أتى على لسان رجل (?لشيخ عبد ?لعزيز ?لدباغ، رحمه ?للَّاهُ) كان هو نفسه أميا لَا علم له بحقيقة ?لخط ولَا سر ?لكتابة! وحَسْبُنا في رد هذا ?لرأي تأكيد أن ذالكـ ?لنهج لم يَطَّرِد في رسم ?لمصحف ?لعثماني نفسه (اُنظر مثلًا: د. موسى شاهين لَاشين، ?للَّآلِئ ?لحِسَان في علوم ?لقرآن، دار ?لشروق، ط1، 1423هـ/2002م، ص.72 - 76)، وأن ألفاظا مثل "صلَاة"، "زكاة"، و"حياة" كُتِبت بـ"?لواو" لِأن أصلها ?لْأكادي كان كذالكـ. وثمة كثير من ?لْألفاظ في ?للسان ?لعربي لَا تعليل لكتابتها ?لحالية سوى ?ختلَاف نُطقها ?لعتيق عن نطقها ?لحالي، ولعل أشهرها لفظ "مائة" ?للذي كان ينطقه ?لْأكاديون بهذا ?لنحو (اُنظر مثلًا: د. محمد بهجت قبيسي، ملَامح في فقه ?للهجات ?لعربيات من ?لْأكادية و?لكنعانية وحتى ?لسبئية و?لعدنانية، دار شمأل-دمشق، 1999).

[30] محمد عبد ?لعظيم ?لزرقاني، مناهل ?لعرفان في علوم ?لقرآن، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، دار ?لكتاب ?لعربي-بيروت، ط1، 1415هـ/1995م، ج 1، ص.310 - 316 (?لعبارات ?لمشددة من طرفنا).

[31] تُرى، لو كان حقا "?لرسم ?لعثماني" توقيفا ومقدسا، هل يجوز لِأحد -كائنا من كان- أن يفعل ذالكـ، حتى بدعوى مساعدة ?لعامة ودرءا للِالتباس و?لتحريف؟ أليس ذالكـ ?لتجويز هو نفسه ?للذي يسمح بالمطالبة بتنميط معياري لرسم ?لقرآن بالنسبة لكل قارئ؟ ومن ثم، أليس هذا ?لتنميط ?لمعياري أقدر على حفظ كتاب ?لله من ?لتحريف وأنسب لجعله مُيَسرا في تلَاوته على كل ?لناس؟

[32] يُتَحَدَّث، في ?لغالب، عن مزيا هذا ?لرسم وفوائده وحدها دون ما له من عيوب كثيرة بَيِّنة؛ مع ?لعلم أنه صار ?لْآن مُمْكنا إظهار ?لفُروق بين ?لقراآت في ?لهامش على نحو لم يكن ممكنا في زمن تدوين ?لمصحف ?لعثماني.

[33] تلكـ ?لْأدلة ?للتي يتكرر ذكرها ليست قطعية إلَّا في إفادة أن كتاب ?للَّاهِ حُفِظ بالكتابة على هيئة معينة (?لرسم ?لعثماني) هي ?للتي كانت ممكنة في زمن ?لتدوين، وليس بصفتها أفضل هيئة ممكنة على ?لْإطلَاق، وإلَّا لما جاز تحسين هذه ?لهيئة مرات بعد ذالكـ بِنُقَط ?لْإعجام وعلَامات ?لشكل و?لوقف.

[34] لَاحظ أن ?لْأمر هنا يتعلق بـ"?لمبالغة" في حفظ قداسة ?لقرآن، وكأن ?لدعوة إلى تنميط هذا ?لرسم على نحو معياري لَا تُعبر -وهي وحدها- عن ?لرغبة في حفظ كتاب ?للَّاهِ!

[35] ورغم ذالكـ، فإن هناكـ تهويلًا كبيرا لهذا ?لمَحْذُور بخصوص ?ختلَاف ?لقراآت و?لخطوط نفسها بين ?لشعوب و?لجهات ?لْإسلَامية. فلَا شيء من ذالكـ يحدث، على ?لْأقل بين أيدينا ?ليوم؛ وذالكـ على ?لرغم من وجود تلكـ ?لِاختلَافات ?لمذكورة. ثم إن كتابة ?لمصحف ليست من شأن عامة ?لناس حتى يختلفوا ويتقاتلوا بينهم، وإنما هي من أمر خاصة ?لعلماء ?للذين يحرصون -بصفتهم أئمة مُتَّبَعِين- على حفظ وتيسير كتاب ?للَّاهِ بين عباده.

[36] يَحْسُن ?لِانتباه، بهذا ?لصدد، إلى أن "?للسان ?لعربي" لَا يملكـ في ذاته أن يكون جامعا لِأمة من ?لشعوب ?لمتباعدة و?لمختلفة إلَّا على أساس كون "?لقرآن ?لكريم" ?لمصدر ?لرئيس لِلِّسان ?لمُبين. ولكي يستمر كتاب ?للَّاهِ قائما بهذا ?لدور ?لعظيم لَا بُدَّ من تنميط كتابته حتى يتيسر تداوله قراءةً وتِلَاوةً بين مختلف مستعملي ?لعربية. فلَا لسانَ عربيَّ مبينٌ إلَّا بِمُلَابسة ?لبيان ?لْإلَاهي في "?لقرآن ?لكريم".

[37] كأنَّ ?لتنميط ?لمعياري لرسم ?لمصحف سيُؤدي حتمًا إلى تقسيم ?لمسلمين وتمزيق شَمْلهم وقطعهم عن "?لقرآن ?لكريم"، وليس إلى جمعهم على رسم مُيَسَّر وجامع لِلِّسان ?لعربي ?لمُبين. أَلَا إن مثل تلكـ ?لتبريرات ?لمُتكلَّفة هي ?للتي تزيد في فساد ?للسان ?لعربي و، من ثم، إبعاد ?لناس عن كتاب ?للَّاهِ.

[38] ننسى أن كتاب ?للَّاهِ قرآنٌ يُتْلى وكتابٌ يجب أن يكون مُيَسَّرا للذكر. وكل هذا لَا يكون بمجرد ?لْإذاعة كما هو حاصل منذ زمان، في حين أن ?لناس يُخطئون كثيرًا في نُطق وكتابة كلَام ?للَّاهِ.

[39] لَا سبيل إلى حصول ?ليقظة إلَّا بِمُلَابسة لغة ?لقرآن ?لكريم على نحو مُيَسَّرٍ. وهذا ما لَا يُتيحه "?لرسمُ ?لعثماني" وما لَا يُمكن إلَّا بتنميط كتابة تلكـ ?لْألفاظ ?لمشكلة ?للتي ليست بقليلة كما يُقال.

[40] ?لتعويل على ?لتعليم و?لتلقين يَخُصُّ فقط ?لقراءات كما هو معروف. أما ?لتلَاوة و?لتدبر، فلَا بُدَّ أن يكونا في مُتنَاول كل من يستطيع تهجي حروف ?لْألفباء ?لعربي. وهذا غير ممكن إلَّا بإصلَاح رسم "?لقرآن ?لكريم" بعيدًا عن كل ?لمخاوف ?للتي تُبقي إفساد لغته على ألسنة ?لناس بفساد رسمه.

[41] ?لمصدر ?لسابق نفسه، ص. 325 - 326.

[42] صُبْحِي ?لصَّالِحِ، مَبَاحِثُ فِي عُلُومِ ?لْقُرْآنِ، دار ?لعلم للملَايين، (ط1، 1959)، ط22، 1999، ?لفصل ?لسابع، ص. 275 - 280.

[43] اُنظر: ?لزركشي، ?لبرهان في علوم ?لقرآن، ج1، فصل "مرسوم الخط"، ص379. لَاكن سقط في ?لِاقتباس أعلَاه "لِئَلَّا يُوقع في تغيير من ?لجُهَّال. ولكن لَا ينبغي إجراء هذا على إطلَاقه، لِئَلَّا يؤدي إلى دروس ?لعلم". ولعل صبحي ?لصالح -رحمه ?للَّاهُ- وضع في ?لْأصل علَامات ?لحذف ( ... )، كما فعلنا أعلَاه، فسقطت عند ?لطبع لِوُجود "لِئَلَّا" مكررة. ولقد صَحَّح -رحمه ?للَّاهُ- "مراعاته" بـ"مراعاةً".

[44] صبحي ?لصالح، ?لمصدر ?لسابق نفسه، ص.280.

[45] د. موسى شاهين لاشين، مصدر سابق، ص. 81.

[46] حنا ?لفاخوري، ?لجامع في تاريخ ?لْأدب ?لعربي، دار ?لجيل-بيروت، 1986، ص. 53 - 55.

المصدر: الملتقى الفكري للإبداع هنا ( http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?module=da21f3805e97785af4c17a485c687 b40&cat=1&id=676&m=457c7c0cd726f3314cf1eda4fddc9ea6) .

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير