ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[04 Nov 2009, 12:37 ص]ـ
السلام عليكم
هذا بحث فيه من الغريب الكثير ولا أعني الخلاف في المسائل بل أعني الهجوم علي الثوابت، والمشكلة القائمة بين القراء وأهل الأصوات، أن القراء عندهم قوانين وثوابت مبناها علي المشافهة ولا ضير أن نتبع هذه المشافهة بما هو موجود في الكتب ويوافق المقروء المنطوق.
وأهل الأصوات: اهتموا بما هو موجود في الكتب، وعلي آلات صماء لم يجمعوا هم أنفسهم علي نتائجها (كما سبق وتحدثتُ في هذا الأمر)، وأهل الأصوات لم أر أحدا منهم تصدر للإقراء، ولم يشتهروا بذلك، وهذا ما أوقعهم في كثير من الغلط، بل وقد يبلغ ببعضهم أن يأتوا إلي المجمع عليه لدي القراء، وينخرون في الثوابت؛ فهذا أمر لا يمكن السكوت عليه.وأحب أن أنوه علي بعض الأمور:
* قضية الفرجة والإطباق (لن أتحدث عن المسألة بعينها لأنني قد استقصيت الأقوال والكلام موجود في هذا المنتدي المبارك.
قال د/ عبد الرحمان الصالح: مسألة أخرى: تكلم علماء القراءات على وجهين للميم مع الباء، سمّوا أحدهما إظهارا والآخر إخفاء شفويا، وذكر الشمس ابن الجزري في النشر جواز الوجهين.
وكنت أفهمهماعلى أن أحدهما أن أقرأ الميم سريعا دون غنة، والثاني أن أقرأها بطيئا بغنة كما هو شائع [ما سمي خطأً بالإخفاء الشفوي]. ولكنّ في نفسي شيئاً من هذا الفهم لأني لم أسمع من شيخ أو قارئ ما قراءة الميم بدون غنة عند الباء، وإن كان مؤلفو القراءات وعلوم القرآن قد أوردوا هذا القول. ويحسُن التنبيه إلى أن "إخفاء" أبي عمرو البصري للميم المتحركة عند الباء لم يجيزوا معه إلا الغنة ولم يضيفوا وجه الإظهار الذي أجازوه مع الميم الساكنة عند الباء.)) ا. هـ
من قرأ هذا الكلام وجد أن فضيلة الدكتور وُكِّل إلي نفسه، فالمسألة ثابتة بأن الإظهار ـ من غير غنة ـ والإخفاء ـ أي بغنة ـ وجهان ثابتان، ولا يوجد إمام معتبر يقول بخلاف ذلك.
حتي الشيخ الزروق ومحمد يحيي شريف قالا بأن الخلاف لفظي مقرّين بأن الميم تنطق مرة بالغنة ومرة بغير غنة والخلاف عندهم فقط في بقاء أصل الميم دون تبعيض لمخرج الميم.
أما سبب عدم وجود الإظهار في زماننا أن الأمر استقر علي الإخفاء ـ بصرف النظر عن الفرجة أو الإطباق ـ والقراء أجمعوا علي الإخفاء وترك الإظهار ولذا قال القسطلاني عن الإظهار: وأباه المحققون.
وبهذا يتضح أن د/ عبد الرحمان لم تكن له دراية بطريقة القراء في إلغاء وجه وفي بقاء وجه.
* والنقطة الثانية قول فضيلته: ((يجوز في النون قلبها ميما خالصة بغنة وهو ما سمي بالإقلاب، ويجوزتفريج الشفتين عند تلاوة النون مع الباء إبقاء على الإخفاء، بل هو أولى لأننا نفرج الشفتين عن نطق النون الخالصة.))
ثم قال فضيلته: (ولا يجوز تفريج الشفتين مع الميم لأننا لا نفرج الشفتين عند نطقنا للميم الخالصة .. )
والخلاصة: أنه يقر بالفرجة في القلب ويمنعه مع الميم الخاصة.
وهذا الكلام ذهب إليه د/ محمد حسن جبل في كتابه (تحقيقات في التلقي والأداء)، وما أراهما إلا واهمين، لأنهما اغترا بقول ابن الباذش في التفرقة بين حالة القلب والميم الصريحة، وصرح د/ جبل بهذا في كتابه السابق.
ولو عادا لقول ابن الباذش لوجدا أنه يحكي الإظهار في الميم ـ أي بدون غنة ـ وحكي ما قاله سيبويه ولم يحك سيبويه سوي الإظهار، وبهذا تنجلي شبهتما.
وأقول: إن ابن الجزري والداني وغيرهما من جهابذة القراء لم يفرقوا بين نطق القلب وبين إخفاء الميم، فعلي أي أساس فرق الأفاضل من أهل الأصوات؟؟ أليس الداني وابن الجزري من الأئمة؟
وإن كنتم مقرين بالفرجة في القلب، لقلنا لكم: والقراء يلحقون إخفاء الميم بالقلب وعليه فهناك فرجة عند هؤلاء القراء في الميم أيضا. وأما التفرقة فهذا مذهبكما ولا حجة لكما بعد مخالفة القراء.
ولو فهما الفاضلين حقيقة الخلاف ما هوت قدماهما بهذه الطريقة، وهي عند القراء من الأوليات.
* والنقطة الأخري: قول فضيلته: ((بدعة تحريك الحرف من أجل إيضاحه، [ما سموه بالقلقلة، ثم شرعو يقسمونها إلى كبرى وصغرى ومع التشديد]. فالصواب فيها أن يطلب توضيح خروج الحرف والحذر من تحريكه أدنى تحريك لأنه حرف ساكن.))
أقول: بل حتي أهل الأصوات قالوا: بأن فيها شيئا من الحركة، وأكتفي بقول شارح الشافية من أهل اللغة حيث قال: القلقلة ...... لأن صوتها لا يتبين سكونها مالم يخرج إلي شبه التحرك لشدة أمرها من قولهم: قلقله إذا حركه ....... فلما اجتمع الصفتان (الجهر والشدة) احتاجت إلي التكلف في بيانها، فلذلك يحصل الضغط للمتكلم عند النطق بها ساكنة .. ) ص243
وقوله (فلذلك يحصل الضغط للمتكلم عند النطق بها ساكنة) وهذا الضغط الذي يحدث يُتخلص منه بإخراج القلقلة إلي شبه التحرك.
أما نصوص القراء كثيرة قد أوردتها في بحثي (رسالة فاصلة في بطلان القلقلة الساكنة).
قوله ((توهّم بعض القراء أن الحركة المقصودة في عدّ الألف حركتين هي حركة الإصبع. ولذلك تجد بعض المشايخ يحرك إصبعه بسرعة ليعد حركتين، .... ))
إطلاق الحركتين علي الألف هذا من باب التقريب وإن قدرتها للمبتدئين ببسط الأصبع مثلا فهذا من باب التقريب قال مكي في كتاب المدات ما مفادة: بأن الوصف بالألف لحرف المد من باب التقريب فلا يقال وهمٌ (ولا مشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق)
وأكتفي بهذا القدر، والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم
¥