تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ودحرجه إلى الأدنى. وفرتن الطفل إذا اشتد بكاؤه ولم يجنح للسكوت. وطفشر أي بدد ما لديه وأنفق دون حساب، ومثلها بحتر أي أسرف في الصرف، وعكس ذلك قرحط، أي بخل وقتّر. ومن ذلك مرمطه أي زاد في إرهاقه ومضايقته. وفرفش إذا تمتع بماله واغتنى وصار إلى نعمة. وكركب أي بعثر، ومثلها خربط وهما ضدان لرتب ونظم. وبربك بمعنى تصنع اللطف وبالغ في التزلف. وشرشحه أي أساء إليه وجعله مهزأة. وفركش: أبطل الاتفاق ونقض الأمور وخربها وفي هذا المعنى أيضاً فعل خربط. وكذلك يقولون برطش اللعبة أو الحفلة، إذا أخرجها عن نسقها وقطعها عن سياقها. وفركشه تعني عطله عن متابعة مشيه وجعله يتعثر. وتقول العامة بصدد طريقة أخرى في شرب الماء زرنق وزمرق أي شرب على نحو مغاير للعادة بحيث يسيل الماء من وعاء في الأعلى إلى حلقه. وسرسق تسرب. وبربع جسده أي تفقع وعلت مواضع من جلده. وبرجم الحديدة رأبها وثبتها بالمسمار والمطرقة. ونكرزه عمد إلى مضايقته بقدر من المداعبة والممازحة فيما يطلق عليه النكرزات. والبربسة ولا سيما عند النساء تعني الإفراط في النظافة إلى ما يقارب الهوس. وجردمه أي قص له شعر رأسه بشكل اعتباطي يشوه منظره. والخربشة أو الخربشات ما تخطه أيدي الأطفال من كتابات ورسوم رديئة ... وتفرعط الجمع إذا تشتت أفراده وتفرقوا سريعاً على غير هدى أو نظام. والدردشة الأحاديث العابرة المتبادلة بعيداً عن التركيز والعمق ... وطرمخ، ومنها تطرمه أي اشتد به الإعياء وكأنه ضرب على مخه أو قحف رأسه. وعربق ومنها تعربق الأمر، إذا اضطرب وتعقد وانتكث فتله.

وواضح أن هذه زمر لفظية يجمعها قاسم مشترك هو حضور الراء فيها جميعاً. ويلاحظ أنها في معظمها أفعال، أي أنها تفيد معاني الحدوث والفعل والحركة. وحرف الراء فيها، تبعاً لنطقه وكونه صوتاً مجهوراً مكرراً، فإن وجوده في اللفظ يزيده إيحاء بالحركة ودلالة على الحدوث، وذلك من منطلق محاكاة الصوت في الطبيعة، وآية ذلك كما هو معروف ألفاظ مثل خرير وزئير وشخير ... فهذا لإيحاء لا يتأتى بغياب الراء عن الأفعال فقع وطبش وخمش بل يتأتى بحضورها في الكلمة حين نقول: فرقع وطربش وخرمش .... وعلى هذا الغرار توحي الألفاظ المشابهة مثل: بربر وشرشح وخربط وطفشر بدلالات خاصة بفضل الراء فيها.

ولما كانت "اللغة ـ في البدء ـ أصواتاً يعبر به كل قوم على أغراضهم" وكانت بذلك تلبية لحاجات تعبيرية في حياتهم، من منطلق أن الحاجة أم الاختراع، فقد عمد الناس إلى إغناء لغتهم بالعديد من الألفاظ المستحدثة، ومن ثم حشوها ببعض الحروف المجهورة وذات النبر والتكرير، قاصدين بذلك ما يرمون إليه من دقة منشودة في التعبير عن غاياتهم والإفصاح عن أفكارهم. وكان أن هداهم حسهم السليم وفطرتهم الخالصة وذائقتهم المرهفة، إلى أن صوت الراء هو القادر على إبلاغهم مقصدهم، فارتضوه دون سائر الحروف، ومن حيث لا يقصدون، تبعاً لطبيعته الصوتية التكريرية ومن التكثيرية، وجعلوه في صلب جملة من الكلمات وجمهرة من الألفاظ.

ومجمل القول إن كل ما سبق وروده إنما هو مصداق لما كان يردده علماء العربية من أن الراء من أكثر الحروف دوراناً على ألسنة العرب. كما أن ذلك يشير في الوقت نفسه إلى تنوع وظائف هذا الحرف وتعددها، على نحو يشمل العديد من اللغات واللهجات عربيها وأجنبيها، وبذلك تتبدى الراء حرفً متميزاً له خصائصه ودلالاته دون سائر الحروف.

س ـ منزلة الراء في جذور الألفاظ العربية وقوافي الأشعار:

تعاظمت النزعة الإحصائية في الدراسات اللغوية الحديثة بفضل التقدم التكنولوجي الباهر واختراع أجهزة الحاسوب والكمبيوتر، فضلاً عن أجهزة التسجيل الصوتي وقياس الذبذبات وما إلى ذلك. وتمت معرفة أعداد مفردات اللغة وجذورها في آيات القرآن الكريم وفي مجموعة حسنة من معاجم العربية وكتب الأدب ودواوين الشعر العربي ([72]).

ويظهر إحصاء الجذور في معجم تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري أنها "بلغت 5639 خمسة آلاف وستمئة وتسعة وثلاثين جذراً، وأن حرف الراء في هذه الجذور بلغ 1003 ألفاً وثلاث مرات، وهي النسبة العليا بين سائر الجذور، أي أن حرف الراء هو الأكثر وروداً في ألفاظ العربية قاطبة. يليه في ذلك حرف الميم 837 مرة، فالنون 818 مرة، فاللام 804 مرات" ([73]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير