الجواب: أنّ هذه الشروط مترابطة، فالرواية الصحيحة تحتوى على نصوص وأداء منقول بالتسلسل، ولا يتحققّ ذلك إلاّ بالعلم المتضمّن للمنقول إذ الرواية لا تؤخذ إلاّ عن علم وفهم، إضافة إلىّ النقد الذي يكون على أساس شروط التي وضعها الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى.
قولكم:
هل يمكن أن يعتمد إمام على نص دون رواية وعلى أداء دون رواية؟
يستحيل أن يوجد نصّ من غير أداء لأنّ النصوص تعبّر عن الكيفيّة الأدائية المنقولة، فإن انعدم الأداء فعلى أيّ أساس يوضع النصّ؟.
أمّا الأداء فإن نُقل بالإسناد فيُعدّ من الرواية بغضّ النظر عن صحّتها وضعفها، فتتقوّي بالنصوص وشهرة الأداء وقوّتها في القياس.
قولكم:
وهل يمكن أن يتعارض أداء صحيح مع نص صريح؟
الجواب: ماذا تقصد بالنصّ الصحيح؟ الأولى أن يُقال النصّ المعتبر الذي اشتهر مضمونه وأداءه عند المتقدّمين، فإن كان الأداء مشهوراً ومستفاضاً فلا يُعقل أن يخالفه نصّ صريح معتبر اللهمّ إلاّ إن كان الخلاف خلاف تنوّع أو كان النصّ مجملاً محتملاً لأكثر من وجه، أو كان مضمونه شاذاً انفرد به البعض.
قولكم:
ألا ترى تناقضا بين ما لونته لك بالأزرق من كلامك وما لونته بالأحمر منه , فأنت تتكلم عن صنيع الأئمة الذين نقلت نصوصهم فهل من صنيعهم التفريق بين الرواية والدراية والنصوص؟
الجواب: الدراية ملازمة لكلّ علم من العلوم وبها يُفرّق بين المقلّد والعالم ويُميّز بين الصحيح والضعيف فهي من مسلّمات الأمور وقد فرّق بينهما الداني ومكي القيسي بقولهما: "فالعلم فطنة ودراية أحسن منه سماعاً ورواية " فالدارية هو العلم بمقتضى المنقول، والرواية قد تُنقل من غير علم وفهم.؟
وأمّا الرواية بالنسبة للنصّ فهي أعمّ فكلّ ما نُقل بالإسناد يُسمّى رواية وهي تتقوّى بالنصوص والأداء المشهور كما يتقّوى الحديث الضعيف إلى درجة الحسن لغيره بالشواهد والمتابعات، ويرتقي الحسن إلى درجّة الصحّة بذلك، فالرواية كناية عن النقل المتسلسل من الراوي إلى المروي إلى منتهى الإسناد فقط وهذا لوحده لا يكفي لقبولها إلاّ إذا انتشر أداؤها وكثرت نصوصها، وقويت من جهة القياس فترتقى بذلك إلى أعلى درجات الصحّة. وإذا نُقل النصّ بالأسناد كان رواية فالرواية شاملة لكلّ منقول بالإسناد والعلم عند الله تعالى
قولكم:
وهل اعتمدوا على النصوص بالدرجة الأولى كما فهمت أنت؟
الجواب:
بالطبع، قال مكي القيسي "والرواية إذا أتت بنصّ في الكتب والقراءة كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب الله ولا صحبها نصّ، وما نُقل بالتلاوة ولم يؤيّده نصّ كتاب فالوهم والغلط ممكن ممن نقله إذ هو بشر " (تمكين المدّ في آتى وآمن وآدم وشبهه ص37).
وقال في كتابه التبصرة: " فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود. وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجود في الكتب وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل". أقول قدّم المنصوص على غير المنصوص.
قد ضعّف الإمام الشاطبيّ بعض الأوجه الأدائيّة لعدم وجود نصّ وثيق أي نصّ معتبر.
قد استشكل أئمّتنا إدغام {قال رجل} و {قال رجلان} للبصري وإمالة {البارئ} للدوري الكسائي لعدم ثبوت النصّ ولولا شهرتها من جهة الأداء وقوّتها قياساً لضعّفوها.
وما ذكرته من الأدلّة يكفي.
قولكم:
أين صريح قولهم في اعتمادهم على النصوص بالدرجة الأولى؟
الجواب: صنيعهم ومنهجهم يدلّ على ذلك.
والعلم عند الله تعالى
ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[17 Feb 2010, 04:49 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجواب: ماذا تقصد بالنصّ الصحيح؟ الأولى أن يُقال النصّ المعتبر الذي اشتهر مضمونه وأداءه عند المتقدّمين،
وهل هناك نصوص صحيحة ليست معتبرة؟
بالطبع، قال مكي القيسي "والرواية إذا أتت بنصّ في الكتب والقراءة كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب الله ولا صحبها نصّ، وما نُقل بالتلاوة ولم يؤيّده نصّ كتاب فالوهم والغلط ممكن ممن نقله إذ هو بشر " (تمكين المدّ في آتى وآمن وآدم وشبهه ص37).
مكي يقارن بين رواية مع نص ورواية من غير نص وسؤالي كان هل اعتمد الأئمة على نص بلا رواية فأعد الجواب؟
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[17 Feb 2010, 05:16 م]ـ
قولكم:
وهل هناك نصوص صحيحة ليست معتبرة؟
الجواب:
قديثبت النصّ بالسند الصحيح ولكن قد يكون مضمونه غير متلقًى بالقبول لعدّم توفّر فيه شرط الشهرة والاستفاضة، والشاذ عند المحدّثين هو انفراد الثقة بزيادة مخالفة لغيره من الثقات وبالتالي فكما أنّ صحّة الإسناد لا تعني صحّة المتن فكذلك صحّة سند النصّ لا تعني اشتهار أداءه عند أهل الأداء. مع التذكير أنّ الشهرة شرط لقبول الوجه.
مكي يقارن بين رواية مع نص ورواية من غير نص وسؤالي كان هل اعتمد الأئمة على نص بلا رواية فأعد الجواب؟
الجواب: إن كان الوجه الثابت بالنصّ والأداء مقدّم على غيره، وكان الأداء المجرّد عن النصّ أعلّه الأئمّة كما في الأمثلة دلّ ذلك على ما قلتُ، ويكفيك يا أخي أنّ ابن الجزري اعتمد على الكتب التي نقل منها القراءات في كتابه النشر فقام بعزو كلّ وجه إلى مصدر من تلك المصادر و ما اكتفى بذكر الأداء والإسناد.
والعلم عند الله تعالى
¥