وما أمر الاكتفاء بمجرّد المتابعة الأدائيّة من غيرتصحيح. فكانت نقولهم تمرّ على مجهر النقد المتمثّل في الشروط التي وضعوها لقبول القراءة الصحيحة المذكورة، بل لم يكتف ابن الجزري بهذه الشروط الثلاثة بل أضاف شرط الشهرة وجعله ميزة لكلّ ما نقله في كتابه النشر، فقال عليه رحمة الله تعالى: وهو أن يروي القراءة العدل الضابط عن مثله كذا حتّى تنتهي، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمّة هذا الشأن غير معدودة عندهم من الغلط أو ممّا شذّ به بعضهم.
ثمّ بيّن الناظم المنهجيّة التي ينبغي اتّباعها في النقد والتصحيح وهو اتّباع سبيل السلف وعدم الخروج عن نهجهم وطريقتهم فقال:
فكن على نهج سبيل السف ...... في مجمع عليه أو مختلف.
يتبيّن من خلال ما ذكر الناظم أنّه لا بدّ للقارئ أن:
- يجتهد في تحصيل القرءان الكريم بحفظه وأخذه عن الشيوخ المسندين
- يصحّح ما حصّله على ضوء ما نُقل عن الأئمّة وما أودعوه في مصنّفاتهم وكذا الشروط والضوابط التي وضعوها.
- يُعمل تلك الضوابط وفق صنيع المتقدّمين في نقدهم أو تصحيحهم للمرويّات التي نقلوها ونُقلت عنهم.
وإذا قرنّا هذا المنهج القويم بصنيع المعاصرين يتضح الفرق فيما يلي:
- الاعتماد على مجرّد الأداء في النقد و التصحيح
- عدم الإدراك بأنّ الأداء هو مجرّد كيفيّة أدائيّة تؤخذ عن المشايخ وذلك لا يضمن سلامته وصحّته
- اعتقاد الكثير أنّ شهرة الأداء عند المعاصرين يضمن صحّته ولو كان مخالفاً لأقوال المتقدّمين الذين هم المصدر في الرواية.
- عدم الالتفات إلى مناهج المتقدمّين في نقد المرويّات وكذا تعاملهم مع ما ثبت بالأداء والنص عندهم,
- الاهتمام الكبير بتحقيق الكتب مع دراسة الأساليب والتفنن في ذلك دون النظر والاستفادة من المضمون والمقتضى فترى الأكادميّين أكثر جرأة على نقد الطبعات والتحقيقات، وفي نفس الوقت أكثر تساهلا في قبول كلّ ما ثبت بالأداء عندهم وعند غيرهم ولو كان مناقضاً لما في الكتب التي اعتنوا بها من جهة التحقيق، فاتّجهوا باتّجاه معاكس لطريقة السلف.
وأخيراً أقول: ليس من الصعب اتّباع الشيخ في الأداء وتقليده إذ يقدر على ذلك الطفل الصغير الذي ما فقه شيئاً، وإنّما العبرة في وضع الضوابط حتّى يكون الأداء موافقاً أو قريباً قدر الإمكان بأداء سلفنا الصالح ولا يكون ذلك إلاّ بالاعتماد على أقوالهم الدقيقة لتقويم الأداء وإبعاد كلّ دخيل على الرواية الصحيحة. هذا الذي نريده من جامعاتنا ومن متخصّصينا، وهو الهمّ الوحيد الذي ينبغي حمله بالدرجة الأولى وهو الذي حمله أئمّتنا عليهم رحمة الله بدليل أنّهم ما دوّنوا كتب التجويد إلاّ لتقويم الأداء. فالأولويّة تكمل ههنا.
والعلم عند الله تعالى.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[09 Sep 2010, 03:59 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
كثيراً ما نقرأ في كتب التجويد أنّ مخرج اللام هو أوسع المخارج، وإن كان هذا القول صحيحاً من زاوية ولكنّه ليس على الإطلاق إذ لا نختلف جميعاً أنّ مخرج الجوف هو أوسع المخارج على الإطلاق.
فالأولى أن يقال أنّ مخرج اللام هو الأوسع بالنسبة للمخارج المحققة دون المقدّرة.
والعلم عند الله تعالى.
ـ[محمد أحمد الأهدل]ــــــــ[12 Sep 2010, 08:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه, وبعد:
فكثيرًا ما يفيدنا الشيخان الجليلان محمد يحيى شريف الجزائري, وأبو عمر عبد الحكيم عبد الرزاق بالمواضيع الهامة التي يتفضلان بطرحها ـ حفظهما الله تعالى وكثَّر من أمثالهما ـ, مع ما يدور بينهما في كثيرٍ من الأحيان من مناقشات شديدة وهادئة لطيفة يكون فيها النفع الكثير مع التزامهما بآداب الحوار والمناقشة, وأكتفي دائمًا معهما بالمتابعة والاستفادة دون المشاركة, إلا أنني هنا أحببت أن أشاركهما النقاش, فأقول مستعينًا بالله تعالى:
¥