والعلم عند الله تعالى.
ـ[محمد أحمد الأهدل]ــــــــ[16 Sep 2010, 09:40 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا يا شيخ محمد يحيى على ما تفضلتم به من التوضيح، واسمح لي بتعليق يسير على ما ذكرتموه:
إنّ وصف الغنّة بالتفخيم أو الترقيق لا يتناسب مع أصول وقواعد علم التجويد لعدّة أسباب:
أوّلاً: إنّ الحروف هي التي توصف وليست الصفات لأنّ الصفات هي في حدّ ذاتها صفة. فلا يصحّ وصف القلقلة بالتفخيم والترقيق مثلا، فالحرف هو الذي ينبغي أن يوصف بعدد من الصفا ت لقول ابن الجزري: وهو إعطاء الحروف حقّها من صفة لها ومستحقّها ولاشكّ أنّ الضمير يعود على الحروف لا على الصفات. والغنّة صفة لا ينبغي أن توصف. أمّا قول ابن الجزري: ورققن مستفلا من أحرف. أي رقق الحروف المستفلة وهو كقوله وحرف الاستعلاء فخّم. فالحروف هي المعنيّة بالصفات.
يلاحظ أن الغنة وإن كانت صفة إلا أنها اختلفت عن بقية الصفات بأن لها مخرجًا، وهي بذلك أشبهت الحروف، فلا يبعد أن تشابهها أيضًا بالتفخيم والترقيق.
ثانياً: صوت الغنّة يخرج من الخيشوم، والتفخيم يكون من الفم فيمتلأ بصدى الحرف لأنّ الصوت يرتفع فيصطدم بقبّة الحنك الأعلى فيعود صداه إلى جميع أنحاء الفم. السؤال: كيف يمتلأ الفم بصدى الغنّة، والغنّة تخرج من الخيشوم؟
من الناحية التطبيقية نلاحظ إمكانية تفخيم الغنة, وإن كانت هي من الخيشوم والتفخيم يكون من الفم، ولو لم يكن تفخيمها مُمْكِنًا لما دار النقاش حول جوازه أو منعه!!
وليس كل حروف التفخيم مخرجها الفم, فالخاء والغين من الحلق ومع ذلك هي حروف مفخمة باتفاق، مع أن التفخيم يكون من الفم.
ثالثاً: ليس هناك من أهل الأداء من أشار إلى تفخيم الغنّة من المتقدّمين والمتأخرين وأقصد بالمتأخرين عصر ابن الجزري وما قاربه.
بما أن الغنة السابقة لحروف الاستعلاء يغلب عليها التأثر به فتفخم، ومن عادة العلماء ذكر التحذيرات من أن يتأثر الصوت بالحروف المجاورة, فلو كان تفخيمها محذورًا لنبهوا عليه.
يمكن تفسير ذلك الصوت المفخّم الذي نسمعه في {من طين} مثلاً، أنّك لو أمسكت الأنف حال النطق بالنون المخفاة نلاحظ صوتاً قليلاً يخرج من الفم، وهذا القليل من الصوت يرتفع بارتفاع اللسان حال الإطباق، فيسُمع صوت يظهرُ أنّه مفخَم. السؤال: هل هذا الصوت القليل إن قدّرناه بثلث أو أدنى من ذلك يستحقّ هذا التفخيم الذي نسمعه؟ أيغلب القليل من الصوت الكثير الذي لا يمكن تفخيمه لخروجه من الخيشوم؟ فالأولى أن يغلب الكثير القليل بحيث لا يصل التصويت إلى درجة التفخيم وإن كان فيه نوع من التأثير لأجل الصوت القليل الخارج من الفم.
إذن فالتأثير تنج عن الصوت القليل الخارج من الفم بارتفاعه إلى الحنك الأعلى لارتفاع اللسان حال الإطباق ولا يمكن تسميته بالتفخيم لأنّ الغلبة للصوت الخارج من الخيشوم والذي لا يُفخّم أبداً لعدم خروجه من الفم لأنّه محلّ التفخيم.
والذي نسمعه اليوم هو طغيان الصوت القليل الخارج من الفم على الصوت الكثير الخارج من الخيشوم، والأدهى من ذلك أنّ الطاء مكسورة في نحو {من طين} فمن المفروض أن يضعف التأثير كما أثّرت القاف المكسورة في الراء في {فرق}، ولكن للأسف نلاحظ مبالغة في التأثير حتّى صار كالمفخّم فأطلق عليه لفظ التفخيم جرّاء تلك المبالغة.
واضح هذا التفسير أنه اجتهاد منك ـ مع احترامي لاجتهادك ـ وليس من نصوص الأئمة, وهذا التقسيم الذي قسمته وقدرته بالأثلاث لا أدري من أين مصدره؟
وكيف يظهر الصوت أنه مفخم وليس مفخمًا؟
ثم إنك تقول بأن الغنة تتأثر ولا يسمى هذا التأثير تفخيمًا، فما هو الاسم الذي يمكن أن يسمى به هذا التأثير؟
هذا جوابي من الجانب النظريوالعلمي أمّا من جهة الأداء فليس هناك ما يضمن سلامة ذلك التفخيم من جهة الدراية،فينبغي في نظري التحفّظ منه.
هل هناك من الشيوخ المعتبرين من يَقرأ ويُقرئ بعدم تفخيم الغنة التي بعدها حرف استعلاء؟
وهل يُعقل إجماع الناس على خطأ في كتاب الله تعالى؟!!
تنبيه آخر: عند وقوع النونالمخفاة قبل الكاف والقاف فإنّ معظم المشايخ لا يخرجون الصوت القليل من الفم فكلّهمن الخيشوم نظراً لموقع المخرج. السؤال: كيف يمكن تفخيم الغنّة ولاشيء يخرج منالفم الذي هو محلّ التفخيم؟
¥