والمعنى على الأول: لكل أحد جعلنا ورثة في تركته. ثم إنه كأنه قيل: ومَن هؤلاء الورثة؟ فقيل: هم الوالدان والأقربون؛ فيحسن الوقف على قوله: ?مما ترك? ..
وأما على الثاني، فإما أن يكون في الكلام تقديم وتأخير، أي: ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالي، أي: ورثة. وإما أن يكون ?جعلنا موالي? صفة ?لكل? بل محذوف، والعائد محذوف، وكذا المبتدأ. والتقدير: ولكل قوم جعلناهم موالي نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون، كما تقول: لكل من خلقه الله إنساناً من رزق الله. أي: حظٌ من رزق الله» ().
فأنت تلاحظ أنه على المعنى الأول يكون الوقف على ?ترك? كافيا، وعلى المعنى الثاني يكون قبيحا؛ لأن ?الوالدان والأقربون? فاعل ?ترك?، ولا يفصل بين الفعل وفاعله.
السبب الثالث: الحديث قبولا وردا
من أوضح ما يمثَّل به لهذا السبب من أسباب الاختلاف ما أسماه بعض العلماء وقف السنة أو وقف جبريل ×، وإنما اعتبرت هذا من أسباب الاختلاف لأنهم اختلفوا في ثبوت نسبة هذه الوقوف للنبي > وعدم ثبوت ذلك.
واكتفي هنا بذكر كلام الشيخ المرصفي؛ لأنه لخص كلام من سبقه، فقال: «والآن نشرع بحول الله في بيان الوقف المنسوب إلى النبي > في القرآن العظيم؛ مما أكثره ليس برأس آية، ونص عليه غير واحد ممن يعتد بنقلهم من محققي علماء القراءات، مع عَزْوِ ذلك إليهم، ونسبته لهم. فقد قيل: إن من بركة العلم نسبة القول إلى قائله. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أولاً: نقل صاحب "منار الهدى في بيان الوقف والابتدا" عن العلامة السخاوي أن هذه الوقوف عشرة، وسمى بعضها بوقف جبريل عليه السلام، وإليك نص عبارته: (قال السخاوي (): ينبغي للقارئ أن يتعلم وقف جبريل؛ فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: ?قُلْ صَدَقَ اللَّهُ? ثم يبتدىء ?فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً? والنبي > يتبعه. وكان النبي > يقف في سورة البقرة والمائدة عند قوله تعالى: ?فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ?. وكان يقف على قوله: ?سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ?. وكان يقف ?قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ?، ثم يبتدىء ?عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي?. وكان يقف ?كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ?، ثم يبتدىء ?لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى?. وكان يقف ?وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا?، ثم يبتدىء ?لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ?. وكان يقف ?أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً? ثم يبتدىء ?لاَّ يَسْتَوُونَ?. وكان يقف ?ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ? ثم يتبدىء ?فَنَادَى?. وكان يقف ?لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ? ثم يبتدىء ?تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ?.
فكان > يتعمد الوقف على تلك الوقوف، وغالبها ليس رأس آية، وما ذلك إلا لعلم لدنِّي علمه من علمه وجهله من جهله. فاتباعه سنة في أقواله وأفعاله) () انتهى منه بحرفه.
ثانياً: نقل صاحب () انشراح الصدور أن مواضع هذه الوقوف سبعة عشر موضعاً وفيما يلي نص عبارته: (اعلم أن الوقوف المندوبة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الوقوف عليها سبعة عشر موضعاً:
الأول والثاني: ?فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ? بالبقرة والمائدة.
والثالث: ?قُلْ صَدَقَ اللَّهُ? بآل عمران.
والرابع: ?مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ? بالمائدة.
والخامس: ?أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ? بيونس.
والسادس: ?وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ? بها أيضاً.
والسابع: ?قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ? بيوسف.
والثامن: ?كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ? بالرعد.
والتاسع: ?وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا? بالنحل.
والعاشر: ?إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ? بها أيضاً.
والحادي عشر: ?يا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ? بلقمان.
والثاني عشر: ?كَمَن كَانَ فَاسِقاً? بالسجدة.
والثالث عشر: ?أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ? بغافر.
والرابع عشر: ?فَحَشَرَ? بالنازعات.
والخامس عشر: ?خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ? بالقدر.
والسادس عشر: ?مِّن كُلِّ أَمْرٍ? بها أيضاً.
والسابع عشر: ?بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ? بالنصر أهـ منه بلفظه.
ثالثاً: نقل صاحب "الرحلة العياشية" أن هذه الوقوف سبعة عشر وقفاً وساقها في نظم مبارك بديع ... » ().
¥