وجه الاستشكال: أن ظاهر هذا الكلام أن ابن الجزري يرى أرجحية هذا المذهب الخامس وأنه أولى عنده، وهذا خلاف ما قاله ابن الجزري؛ فإنه قال (النشر: 2/ 51): "وهذا الذي يظهر من كلام الشاطبي وهو الأولى عندي بحمل كلامه عليه"، فمقصود ابن الجزري أن الأولى حمل كلام الشاطبي على هذا المذهب، وليس مقصوده أن هذا المذهب أولى عند ابن الجزري؛ فاجتزاء عبارة: "وهو الأولى عندي" من سياقها يوهم خلاف المقصود.
- مسألة زيادة "آتاني الله" للكسائي:
ذهب الضباع إلى أن الكسائي يزيد "آتاني الله" ساكنة في الحالين!! كما يقول (الإضاءة: 79): "وقرأ [يعني: الكسائي] "يوم يأت" في هود و"نبغ" في الكهف بإثبات الياء فيهما وصلا، و"فما آتان" في النمل بإثبات الياء ساكنة في الحالين".
وجه الاستشكال: أن هذه الياء لم يذكر أحد من المقرئين المتقدمين زيادتها للكسائي، في ما وقفت عليه؛ فالمعروف أن الكسائي لا يزيد من طريق الشاطبية إلا ياءين هما: "يات لا"، و"نبغ"، كما يقول الشاطبي: (البيتان: 424 - 425):
............................. وفي الكهف نبغي يأت في هود رفلا
سما ..........................
ثم كيف تزاد هذه الياء ساكنة وصلا مع أن بعدها ساكنا؟! فالمعروف أن القراء الذين زادوا هذه الياء قد زادوها مفتوحة؛ لأن بعدها ساكنا، قال الشاطبي (البيت: 429):
وفي النمل آتاني ويفتح عن أولي حمى وخلاف الوقف بين حلى علا
وقال ابن الجزري في الطيبة (البيتان: 416 - 417):
بالخلف والوقف يلي خلف ظبى
آتان نمل وافتحوا مدا غبى
حز عد وقف ظعنا وخلف عن حسن
بن زر يردن افتح كذا تتبعن
ومن العجيب أن الشيخ الأبياري قد ذكر أيضا زيادة هذه الياء للكسائي، ولعل الضباع قد نقل ذلك عنه. كما يقول الأبياري في منظومته لمعة الضياء يسفر عن قراءة الكسائي، (ضمن: إرشاد القراء إلى قراءة الكسائي: 39):
واليا فأثبت واصلا لما يعد
نبغي بكهف يأت في هود ورد
آتاني الله فسكن واصلا
وأثبتن وقفا وذو الأصل انجلى
وقد نبه شارح هذه المنظومة إلى أن الأبياري انفرد بذكر هذه المسألة.
ب – مخالفة الضباع للتحريرات المشهورة:
منهج الضباع هو الالتزام بالتحريرات (وخصوصا تحريرات المتولي) وعدم الاقتصار على ظاهر الشاطبية، كما يقول منتقدا ابن القاصح والجعبري في أخذهما بظاهر الشاطبية (مختصر بلوغ الأمنية: 62): "وهو تفسير بما يقتضيه ظاهر قول الشاطبي من غير نظر إلى ما ورد في ذلك من كلام المحققين". لكننا مع ذلك نجد عنده خلاف ما اتفق عليه المحررون، كما في المسائل التالية:
- مسألة مد "يواخذكم" لورش:
لم يتعقب الضباعُ الشاطبيَّ وشعلةَ في ذكرهما الخلاف لورش في مد "يواخذكم" (كنز المعاني لشعلة: 106 – 107)، مع أن من عادته أن يتعقبهما عند مخالفتها للتحريرات. (وقد كتب مقدمة "كنز المعاني لشعلة" كل من الضباع ومتولي عبد الله الفقاعي ومحمد سليمان صالح، ووُصِف الأخيران بأنهما "المصححان" (ص: هـ)، فالظاهر أنهما صححا النص وأن الضباع هو واضع الهوامش، ويدل على ذلك تشابهها الكبير مع سائر مؤلفاته).
وجه الاستشكال: أن هذا مخالف لما عند كافة المحررين (انظر: النشر: 1/ 340)، بل لما عند الضباع نفسه في موضع آخر، كما يقول (المطلوب: 4): "وقد اتفق أصحاب المد إشباعا كان أو توسطا على استثناء يواخذ كيف وقع".
- مسألة إبدال "بارئكم" للسوسي:
لم يتعقب الضباعُ الشاطبيَّ وشعلةَ في ذكرهما مذهب ابن غلبون في إبدال "بارئكم" للسوسي (انظر: كنز المعاني لشعلة: 131 – 132).
وجه الاستشكال: أن هذا مخالف لما عند كافة المحررين (انظر: النشر: 1/ 393).
- إمالة "يا" للسوسي:
تعقب الضباعُ الشاطبيَّ وشعلةَ في ذكرهما الإمالة لقالون في "هايا"، ولكنه لم يتعقب ذكرهما لإمالة "يا" للسوسي (انظر: كنز المعاني لشعلة: 417 – 418).
وجه الاستشكال: أن إمالة قالون هنا صحت من طرق النشر، إما إمالة السوسي فلم تصح لا من طريق الحرز ولا من طرق النشر كما يقول الضباع نفسه (انظر: مختصر بلوغ الأمنية: 104 – 106).
- مسألة زيادة "نرتع" لقنبل:
ذكر الضباع الخلاف لقنبل في زيادة "نرتع" بدون أن يرجح أحد الوجهين وبدون أن يشير إلى أن الإثبات خروج (انظر: الإضاءة: 128).
وجه الاستشكال: أن هذا مخالف لما عند كافة المحررين (انظر: النشر: 2/ 187).
¥