· اعلم أن الصوت يخرج من حلق التالي للقرآن الكريم على ثلاثة درجاتٍ أو طبقاتٍ:
o طبقة (القرار): وهو أغلظها وأفخمها صوتاً وأهدؤها أداءاً، واسمه على مسماه، فمِنْهُ المُنْطَلَقُ إلى علوِّ الصوت فهو القرار من الاستقرار!
o طبقة (الجواب): وهو الدرجة أو الطبقة الوسطى، وتميل إلى الحدَّةِ وعلوِّ الصوت قليلاً، ويكون عليها أغلب التلاوة.
o طبقة (جواب الجواب): وهو أَحَدُّ الطبقاتِ وأرفعُها وأعلاها صوتاً.
· داخل كل طبقة من الطبقات الثلاث: توجد طبقات أخرى فرعية، حاول استكشافها والتدرب عليها حتى تصبح ضمن مجال صوتك، وربما اكتشفت بالتدريب طبقةً جديدة تكون مريحة لك أكثر من سابقتها أثناء التلاوة مما يُمَكِّنُكَ من التلاوة لوقتٍ أطول، كما يمكنك أن تفيئ إليها أحياناً إذا أرهقتك التلاوة في طبقاتٍ أخرى، أو كنت تتلو القرآن الكريم وحنجرتك مصابة.
· و (النشاز) في الصوت: هو اختلالٌ في تَدَرُّجِ القارئ نزولاً وصعوداً بين طبقات الصوت المختلفة، وتعرِفُه الأذن بسهولة، وسببه عدم تمكن آلة النطق من الانتقال بين طبقات الصوت بسهولة، ويزول ذلك بالتدريب والمحاولة والصبر والدأب على تقوية الحنجرة والأحبال الصوتية.
· ابدأ تلاوتك دائماً بالقرار واختمها به، إلا إذا كنت تستكمل تلاوة سابقة أو تسجل مصحفاً أو سورة طويلة، وبالتالي يكون القرار في أول السورة وآخرها، لأن البدء بالجواب يؤذى الحنجرة والأحبال الصوتية، كمن يقوم بمزاولة رياضة عنيفة دون إحماءٍ أو تليينٍ لعضلاته أولاً، وعلى قانون القصور الذاتي فإن القيام بحركة قوية وسريعة قد يؤدي إلى قصور الحنجرة عن مجاراة الصوت، وذات الحال مع ختم التلاوة بالقرار حتى يكون التوقف بعد التهدئة لا مفاجئاً فيقفَ القارئُ؛ والسامعُ لم يتهيئ للوقف معه! كما أنَّ ختمَ التلاوةِ بالقرارِ يوحي للسامعِ بقربِ الاستقرار بنهاية التلاوة، وذلك لنزوع الصوت فيه إلى الهدوء.
· كن حريصاً أثناء التدرب على طبقة الجواب: لأنها طبقة قوية يسهل فيها جرح الأحبال الصوتية، فابدأ بالارتفاع ببطء عن طبقة القرار قليلاً قليلاً حتى تأنس من صوتك التمكن من أول درجات الجواب، ولا تعجل على نفسك بل استمر في التلاوة فترة تكفي لاستقرار حنجرتك على الطبقة الجديدة.
· أياً ما كانت الطبقة التي تتدرب عليها: أوقف التدريب فوراً إذا أحسست بإنهاك صوتك أثناء التلاوة، لا تَقْسُ على حنجرتك وامنحها فرصة للراحة لحين استعادة نشاطها وقوتها، وهذا السلوك يحفظ عليك تألق صوتك وبريقه ويمنح أحبالك الصوتية الحيوية والنشاط اللازمين لصوتك.
· لا تَصِلْ إلى أعلى طبقاتِ صوتِكَ وهو جوابُ الجوابِ إلا إذا عرفتَ وتعلمتَ كيف تنزل إلى الجوابِ أو القرارِ مرةً أخرى بسلاسة وسهولة ودون نشاز. كما أنه من البدهي ألا ترتفع كذلك إلى الجواب حتى تتقن الانتقال والنزول منه إلى القرار مرة أخرى، ويكون ذلك في آخر التلاوة غالباً، فإذا لم يتدرب القارئ على النزول من الجواب إلى القرار لختم التلاوة به وهو حتمٌ غالباً، فإنه يميل مباشرة إلى النشاز!
· عادةً ما يُتلى تعقيب الله جل وعلا على كلام الفاسقين بطبقة القرار، لأنها طبقة فخيمة توحي بالجلال والعظمة والكبرياء والعلو، بعكس كلام الفاسقين الذي يتلى عادة بالجواب إذ يشبه الصراخ، ويعطي انطباعاً بالحدة والرعونة قياساً بالقرار.
· حاول تنويع رتمك ودرجة صوتك أثناء التلاوة، تنويعاً في الأداء ليناسب أسلوب الاستفهام والإخبار ومعاني الآيات المختلفة من بشارة ونذارة وآيات أحكامٍ وقَصَصٍ وغير ذلك، بالانتقال بين طبقات الصوت المختلفة وبين المقامات إذا كنت متمكناً منها، بخيث لا تشغلك عن أحكام التجويد أو التدبر، وكيفيات الاستفهام والإخبار تُعرف بالتلقي من المشايخ.
· والتمييز بين الإخبار والاستفهام من أبسط وأهم الملكات التي يجب أن يصقلها القارئ: وبيان ذلك سهل جداً ويتقنه كل أحد ولو بالعامية: إذ لو قال لك قائل (جاء إبراهيم) مخبراً، فاستبعدتَ كلامَهُ فأعدتَ الجملةَ ثانيةً مستنكراً (جاء إبراهيم؟)، أليست إعادتك لها بِرِتْمٍ مخالفٍ تماماً، فانظر إلى فارق هذا من ذاك! إنه عين الفارق بين الاستفهام وبين الخبر!
¥