إن من ينظر في هذه الروايات لأول مرة يأخذه العجب العجاب، كيف جاز لأؤلئك الرواة أن ينقلوا لنا مثل هذه الأقوال التي لا يكاد لعاقل أن يصدقها في نسبة الفاحشة إلى نبي معصوم، والتي يتنزه منها أفسق الناس، ولكن إذا علمنا أن هذه الروايات قد هيَّأ الله لها من يميزها ويردها على أصحابها ويختبرها أكثر من الصيارفة الذين يميزون النقود المزيفة من غيرها، علمنا أن الأمر هين، وإنا بعونه ? سوف نتتبع هذه الروايات على ضوء قواعد علم الجرح والتعديل وننقدها بالدليل العلمي البعيد عن الهوى، ونقد هذه الروايات من أجل الأعمال عند الله، لأنها تصب في خدمة القرآن الكريم، وصيانة عرض نبي مرسل، لصق به الكاذبون من اليهود وغيرهم أبشع المنكرات.
وسوف نتبع الرواة واحدًا واحدًا الذين نقلوا هذه الروايات عن الصحابة والتابعين، وسيكون الحكم على صحتها أو وضعها أو ضعفها، بحسب ما يقتضيه علم نقد الروايات، ودراسة حال كل راوٍ من الرد أو القبول ورد ذكره في سلسلة الإسناد، وإن الحكم على كل سند هو من الدين، وكما أن تنقية التفاسير الكبيرة عن هذه الروايات من أجل الخدمات التي يقدمها الباحث في وقت اختلطت الأخبار المكذوبة بالصحيحة. والله الهادي الى سواء السبيل.
دراسة إسناد الأثر (19013):
1. ابن وكيع: سفيان بن وكيع، روى عن أبيه وابن إدريس وابن نمير ويحيى القطان. وروى عنه الترمذي وابن ماجة وبقي بن مخلد وأبو جعفر بن جرير المفسر، توفي سنة (247 هـ).
أقوال العلماء فيه
قال البخاري: يتكلمون فيه لأشياء لقنوه. وقال أبو زرعة: لا يشتغل به، وكان يتهم بالكذب. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال في موضع آخر: ليس بشيء. وقال الاجري: امتنع ابو داود من التحديث عنه ().
2. عمرو بن محمد: هو عمرو بن محمد العنقزي، مولاهم أبو سعيد الكوفي، وسمي بالعنقزي، لأنه كان يبيع العنقز فنسب اليه، روى عن عيسى ابن طهمان ويوسف بن إسحاق وأبي حنيفة وابن جريج والثوري، وروى عنه إسحاق بن راهويه وعلي بن المديني، توفي سنة (199هـ).
أقوال العلماء فيه
قال عنه أحمد والنسائي: ثقة. وقال ابن معين: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي: ثقة جائز الحديث ().
3. أسباط: هو أسباط بن نصر، روى عن سماك بن حرب وإسماعيل السدي.
أقوال العلماء فيه
سُئل أحمد بن حنبل عن حديثه، قال: لا أدري، وكأنَّه ضعفه. وضعفه أبو نعيم، وقال: عامة أحاديثه عامية سقط مقلوب الأسانيد. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال البخاري في تاريخه: الأوسط صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الساجي: روى أحاديث لا يتابع عليها. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقد أنكر أبو زرعة على مسلم إخراجه لحديث أسباط. وعلق له البخاري حديثًا في الاستسقاء، وقال عنه ابن حجر: ((وهو حديث منكر أوضحته في التعليق)) (). وذكره البخاري في التاريخ الكبير ().
4. السدي: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي (الكبير) هو أبو محمد، لقِّب بالسدي لكونه كان يجلس في سدة باب الجامع، روى عن أنس وابن عباس، ورأى ابن عمر والحسن بن علي وأبا هريرة، ويروي عنه ابن صالح، وقد شك النقاد القدامى في تفسيره، توفي سنة (127 هـ).
أقوال العلماء فيه
أكثر العلماء على تضعيفه. وضعفه يحيى بن معين. وقال الجوزجاني: هو كذاب شتام، وقال في موضع آخر: ((كان بالكوفة كذابان فمات احدهما السدي والكلبي)). وقال أبو زرعة وأبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال العجلي: ثقة عالم بالتفسير. وقال العقيلي: ضعيف يتناول الشيخين. وحكي عن أحمد أنه ليحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسناداً واستكلفه. وقال الطبري: لا يحتج به. وعاب العلماء على مسلم إخراجه حديثه في صحيحه، إلا أن مسلمًا يرى أن تعديل ابن مهدي له أقوى ممَّن جرَّحه بجرح غير مفسر. وقيل للشعبي: إن إسماعيل السدي (الكبير) قد أعطي حظًّا من علم القرآن، فقال: قد أعطي حظًّا من جهل بالقرآن. رمي بالتشيع. ترك بعض العلماء حديثه لكونه يقع في الشيخين أبي بكر وعمر ().
الحكم على الأثر (19013):
¥