وللعلم فإن لفظ الحديث (من أتى جنازة في أهلها؛ فله قيراط، فإن اتبعها؛ فله قيراط، [فإن صلى عليها؛ فله قيراط]، فإن انتظرها حتى تدفن؛ فله قيراط). هو لفظ منكر وقد رواه البزار، وفيه معدي بن سليمان لم يصرح بتوثيقه أحد من أئمة الجرح والتعديل، ولم يذكروا عن أبي حاتم فيه إلا قوله: "شيخ"، وهذا ليس صريحاً في التوثيق، بل هو يدل على عدم الضعف المطلق؛ كما قال الذهبي في مقدمة "الميزان"، والحافظ تبعاً له في "اللسان"؛ ونفي الضعف المطلق لا يستلزم أنه موثق عنده كما هو ظاهر.
وكأنه لذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه: "ضعيف". قلت: جعل فيه ثلاثة قراريط، فلم يتابع عليه، وقد ضعفه غير واحد) أنظر السلسلة الضعيفة للشيخ الألباني.
وسئل الدارقطني عن حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى على جنازة فله قيراط، ومن اتبعها حتى تدفن فله قيراطان.
فقال: يرويه الزهري واختلف عنه؛ فرواه معمر، وابن أبي حفصة، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعا، وخالفهما يونس، فرواه عن الزهري، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، والقولان محفوظان.
وقال عبد الرزاق: عن معمر، عن الزهري، عن سعيد، وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
وقال هبار، والرصافي: عن الزهري، حدثني رجال، عن أبي هريرة.
حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد، قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى على جنازة فله قيراط، ومن انتظرها حتى توضع في اللحد فله قيراطان، والقيراطان مثل الجبلين العظيمين.
حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن الأعرج، أن أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تبع جنازة حتى تصلى عليها فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: يا رسول الله، وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين.
وهذا مما يدل على صحة حديث سعيد بن المسيب فقد تابعه عليه جمع من أقرانه.
وأما قولك هناك أمور لم أفهمها: فإليك البيان:
قام البخاري تحت باب (من انتظر حتى تدفن) بإيراد إسناد عبد الله بن مسلمة قال قرأت على ابن أبي ذئب ...
فذكر الحافظ ابن حجر ما يلي:
1 - أن هذا الإسناد فيه ما يدعم ترجمة البخاري (الأجر المترتب على انتظار الجنازة - من انتظر حتى تدفن) وهذا الأجر موجود في لفظ الإسناد.
2 - ثم بين ابن حجر (تنبيه) لفظ هذا لإسناد فقال الإسماعيلي:أنه سأل أبا هريرة: ما ينبغي في الجنازة؟ فقال: سأخبرك بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من تبعها من أهلها حتى يصلى عليها فله قيراط مثل أحد، ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان ".
فقوله من تبعها حتى يصلى عليها .... يفيد الانتظار وبالتالي يترتب على الانتظار أجر أيضا.
3 - وأشار الحافظ أن لفظ الانتظار وما يترتب عليه من أجر أخرجه مسلم من رواية معمر.
4 - والذي يظهر لي أن الحافظ أخطأ في قوله (ولفظ الانتظار وقع في رواية معمر عند مسلم، وقد ساق البخاري سندها ولم يذكر لفظها. ووقعت هذه الطريق في بعض الروايات التي لم تتصل لنا عن البخاري في هذا الباب أيضا).
فرواية معمر عند مسلم التي تفيد الانتظار هي قوله: حدثناه أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الأعلى ح وحدثنا ابن رافع وعبد بن حميد عن عبد الرزاق كلاهما عن معمر عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى قوله الجبلين العظيمين. ولم يذكرا ما بعده وفى حديث عبد الأعلى حتى يفرغ منها وفى حديث عبد الرزاق حتى توضع فى اللحد.
فالخطأ الذي وقع فيه ابن حجر في قوله (وقد ساق البخاري سندها ولم يذكر لفظها)
وبعد البحث لم أقف على هذا الإسناد عند البخاري في كتاب الجنائز.
فالحافظ وقع له سبق نظر فخلط بين الإسناد الذي صدر فيه الباب (عبد الله بن مسلمة .. ) وبين إسناد معمر الذي في مسلم.
بدليل قول ابن حجر (تنبيه):لم يسق البخاري لفظ أبي سعيد ...
وأما قول الحافظ ابن حجر: ووقعت هذه الطريق في بعض الروايات التي لم تتصل لنا عن البخاري في هذا الباب أيضا).
يقصد بها رواية معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... وكأنه ليست على شرط البخاري. فتنبه.
وأما قول ابن حجر عن إسناد: عبد الله بن مسلمة قال قرأت على ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (عن أبيه) يعني أبا سعيد كيسان المقبري وهو ثابت في جميع الطرق، وحكى الكرماني أنه سقط من بعض الطرق. قلت: والصواب إثباته. وكذا أخرجه إسحاق بن راهويه، والإسماعيلي وغيرهما من طريق ابن أبي ذئب، نعم سقط قوله: " عن أبيه "، من رواية ابن عجلان عند أبي عوانة، وعبد الرحمن بن إسحاق عند ابن أبي شيبة، وأبي معشر عند حميد بن زنجويه ثلاثتهم عن سعيد المقبري.
فإن ابن حجر يريد أن يشير إلى أن بعض طرق هذا الحديث رويت بدون ذكر (عن أبيه) أي أبو سعيدالمقبري.
ولكن الثابت أنه صحيح بهذه الزيادة.لأنها قد تكون من باب زيادة الثقة أو من باب المزيد في متصل الأسانيد وهو الأرجح. مما يعني ضعف هذه الزيادة.
ولكنه لما قال (وهي ثابتة) رفع عنها الضعف الذي أشرت إليه.
وبارك الله فيك يا أخ مهيوب، فلعلني قد أزلت ما لم تفهمه إن شاء الله تعالى.
2 -
¥