و أرى أنه حتى تكون هذه المنتديات ذات فائدة، فيمكن أن تقتصر على أصحاب مؤلفات الأنساب، و من لهم مشاركات سابقة و دراية جيدة و قراءات في هذا الفن .. ، كما يمكن عمل برنامج لطرح أسئلة عشوائية، فمن تمكن من الإجابة يسمح له بالمشاركة على أن لا تكون باسم مستعار، حتى على الأقل من مدير المنتدى، ثم يفتح باب للمنتدى للمشاركات العامة حول تلك القضايا لمن أراد المشاركة، و يمكن لمسئول المنتدى، ينتقي و ينتخب ما يصلح للطرح الخاص ... وهذا ليس تحجيراً على الرأي ولكن ضوابط حتى تتبين مصداقية المشاركين.
...
س 6: قراءة الوثائق والمشجرات من جنس قراءة المخطوطات مع هذا نجد كثيرا من الخائضين في النسب يقدمون على قضايا شائكة دون أدنى خلفيه في هذا الباب؟ ما تعليقكم على هذا الأمر؟
إن الشروط التي ينبغي توفرها في المشتغلين بالأنساب، لا تختلف عن الشروط المطلوبة في سائر العلوم – في نظري -، و ذلك لما يقتضيه علم النسب من الأمور المهمة؛ و يجب عدم الخوض في غمار القضايا الشائكة إلا بعد دراسة مستفيضة حول تلك القضايا النسبية.
إن الأصل في ذلك هو التروي والحيطة، و هذا هو الواجب. و قد احترز كثيرٌ من علماء الأمة في مثل هذه القضايا، و ذكر لنا ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة: (توقف كثير من قضاة العدل عن الدخول في الأنساب ثبوتاً أو انتفاءً لاسيما نسب أهل البيت الطاهر المطهر، .. )؛ ثم قال: .. و عجبتُ من قوم يبادرون إلى إثباته بأدنى قرينة و حجة مموهة! يُسألون عنها يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم)
و من هنا نحذر العاملين في مجال الأنساب - في الاثبات والنفي بدون تحقيق - لما فيه من الاثم الكبير بنفس القدر، وإني أنصح بالتوقف في مثل هذه القضايا، إلا إذا كان الحق لا يقبل الشك أو الافتراضية في النفي والاثبات على السواء.
...
س7: هل أنت راض عن الجهود المبذولة في عالم تحقيق الأنساب عند الأشراف والسادة؟
عندي تحفظ على جزء من السؤال، و هو الفصل بين الأشراف و السادة!
الحقيقة التاريخية التي أقرها كبار المحدثين، و فحول المفسرين واللغويين، و أعلام المؤرخين المتقدمين، اتفاقهم على أنه لا فرق بين اللقبين لتساوي السيادة و الشرف لذرية الحسن والحسين معاً، و يمكن الرجوع في ذلك إلى: السيوطي في " الحاوي في الفتاوى "، ابن حجر في " نزهة الالباب "، البهوتي في " كشاف القناع "، و السخاوي في " استجلاب الغرف "، ابن رسول في " طرفة الاصحاب "، و القلقشندي في " صبح الاعشى " وغيرهم ...
أما ما ذهب إليه بعض المؤرخين والباحثين بالحجاز و خاصة أهل القرن الثالث عشر، و ما تلاه في تفسير إطلاق لقب " (الشريف) على ذرية الحسن السبط لتوليهم شرافة مكة _ أي: إمارتها _، و لقب (السيد) على ذرية الحسين السبط، فتلك مغالطة تاريخية، و قد انتشر هذا الرأي عند العامة وبعض الكتاب ببلاد الحرمين و يمكن الرجوع لمعرفة عدم الفرق بين اللقبين في ذلك إلى: النعمي في (الجواهر اللطاف)، و جعفر لبني في (الحديث شجون)، و الدهلوي في (تحفة الاحباب)، و عبدالله غازي في (إفادة الأنام)، و أيوب صبري في (مرآة الحرمين)، و النبهاني في (الشرف المؤبد)، .. و من سار على نهجهم من المعاصرين ...
وعوداً إلى السؤال الأصلي، وهو حول مدى رضانا عن الجهود المبذولة اليوم في عالم تحقيق الأنساب؛ فأقول:
إن الكمال لله وحده، و لابد لكل عمل بشري أن يعتريه النقص و الخطأ والنسيان، وبطبيعة الحال، فإن جهود تحقيق الانساب على مدار القرون الاسلامية قديماً وحديثاً، يوفقُ الله من يقومُ بتحقيقها وتدقيقها وتوثيقها وتصحيح ما يعتري بعضها من أخطاء، و من سقط أو إضافة و غير ذلك، .. كما يظل آخرون، يزيغون ويزيفون، جاهلون وقاصدون، و الفيصلُ هنا: " عمل النسابة ذاته "
فمثلاً: بالحجاز في العهد الحاضر ليس كتاب: (قبائل الطائف و أشراف الحجاز) للشريف محمد بن منصور آل زيد، ككتاب (الدرر السنية في الأنساب الحسنية و الحسينية) للبرادعي.
وفي العراق ليس كتاب (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب) لابن عنبة، ككتاب (صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطميين الأطهار) للرفاعي.
¥