تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أبعث إليك, على عجل, ترجمتي لأول خطاب لأبيل قدرة عن وطننا بدلهي.

اقرأ هذه الصفحات التي أبعثها إليك كما ترجمتها, فتأثري متعذر وصفه.

انفانتي! وطننا يطل على العالم!

إنه أمر بالغ الأهمية لقضية الشرق!

متى سنرى بعضنا؟ متى؟ سأكتب لك على مكث.

و الآن, تقبل تحيات محبكم, دييغو رويث.

(من فيرمو بوستا, بولونيا. 15 مايو 1930م.)

نستشف من هذه الرسالة مدى التأثر الذي خلفته خطابات أبيل قدرة في نفوس أصحاب القضية الأندلسية و مدى انخراطهم في نظريات أبيل قدرة المتعلقة ب"مبدأ الثقافات" و بموقع الأندلس في خارطة السياسة الدولية.

شكل المفكرون العرب المغتربون بأوربا (السوريون و الفلسطينيون أساسا) أحد أركان التأثير الفكري بالحركة الأندلسية.

كان العالم العربي و الإسلامي يعيش, في هذه الفترة, تحت نير الاستعمار الأوربي. فقبل الحرب العالمية الأولى و حتى قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية, تقاسمت القوى الأوربية العالم الإسلامي: فرنسا استحوذت على الجزائر, تونس, المغرب و سوريا, إيطاليا احتلت ليبيا, إسبانيا استولت على شمال المغرب, بينما هيمنت انجلترا على فلسطين و الجزيرة العربية.

في هذه الظروف, ظهرت حركات تحرر الشعوب المستعمَرة, و كان أهم وجوهها و مفكريها مستقرين في المهجر الأوربي. و رُبِطت العلاقة بين بلاس انفانتي و الجماعات التحررية عبر مجموعة المفكريين السوريين و الفلسطينيين الذين أصدروا في هذه الفترة مجلة ''الأمة العربية'', و كان على رأس هذه الجماعة أمير البيان شكيب أرسلان و إحسان الجابري. و يمكن العثور على العديد من نسخ هذه المجلة في مكتبة بلاس إنفانتي.

بفضل مقامهم الطويل بالأندلس, مارس هؤلاء الشعراء و المفكرون الفلسطينيون و السوريون تأثيرا مهما على الحركة الفكرية و السياسية التي بدأت في البزوغ.

حول هذه العلاقة بين الحركات التحررية العربية و الأندلسية, كتب البروفسور بيدرو مارتنيث مونتالفيث Pedro Martinez Montalvez:

"... إنه أمر مثير للاهتمام, أول حركة ضخمة و حقيقية للقصيدة العربية المعاصرة ولدت أساسا بأراضي المهجر, و هي نتاج رجال مغتربين يحملون آلاما في الجسد و الروح. إنها نتاج الشعراء السوريين و اللبنانيين الذين عاشوا فترة مهمة من حياتهم, و كتبوا, في العالم الجديد, مشكلين بذلك "المهجر". إنها قصيدة تحمل بصمة ثلاثة أمور: الحنين, الفكر و التوق للحرية. "

و من بين هؤلاء المفكرين السوريين-اللبنانيين, نجد الشاعر البارز أمين الريحاني, الذي قال عنه مارتنيث مونتالفيث:

"رحالة مستمر بين الشرق و الغرب, زار إسبانيا سنة 1923 (سنة واحدة بعد رحلة إنفانتي إلى المغرب) و 1940 ... إن قوة الريحاني تكمن في الفكر ذي البعد السياسي و الاجتماعي, و كان عمله من أكثر الأعمال أهمية و تأثيرا في العالم العربي في فترة ما بين الحربين ... "

لقد كان لجماعات المهجر المستقرة بأمريكا, و خاصة بساو باولو, دور مهم للغاية, حيث أسسوا مجلة ''العصبة الأندلسية'' التي كان لها نفوذ كبير بين الجماعات الأندلسية في أمريكا الجنوبية.

في هذا الإطار الذي جعل من العودة إلى مجد الأندلس قاعدة للحركات التحررية العربية, ألقى آبل قدرة خطابه في الهند. لقد جعل من "النظرية الأندلسية" حركة للتحرر و أداة للاستقلال ليس فقط في الأندلس, و إنما لكل الشعوب المستعمرة التي تبحث عن مرجع مشترك و وجدته في مجد الفردوس المفقود. لقد شكلت الأندلس, سواء للحركات القومية العربية أو للحركة الأندلسية, دليلا و مرجعا ثقافيا و هوياتيا.

من كلمات آبل قدرة في مؤتمر دلهي

كما رأينا من قبل, شكل إسهام آبل قدرة و بلاغته في التعبير عن فكره في مؤتمر دلهي, إضافة لفكر إنفانتي و إسهامات باقي رموز الحركة الأندلسية, هيكل ''النظرية الأندلسية". إن مؤتمر دلهي, الذي أطلق عليه إنفانتي "مؤتمر الشعوب التي لا دول لها" و سمّاه آبل نفسه "المؤتمر الإسلامي", يقدم لنا فكرة الأندلس كمنارة و دليل للشعوب الإسلامية في الشرق, في تجديد للزعامة الروحية التي كانت تشغلها في عهد الأندلس التاريخية و مقدمة نفسها للشرق كمحور مركزي لتحرير الشعوب الإسلامية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير