تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ وكذلك يكف طالب التاريخ عما وقع من بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور مرجوحة فيعرض عنها ولا يتوسع في عرضها أو ذكرها، فالصحابة كلهم عدول -رضي الله عنهم- لكن لا تعني العدالة عدم الوقوع في الخطأ، وأخطاؤهم قليلة مغمورة في بحر حسناتهم، رضي الله عنهم، والأجمل بطالب العلم أن يبتعد تماماً عن هذا الموضوع المثير لحساسيات هو في غنى عنها.

ـ وكذلك يكف عن ذكر بعض ما ورد في ثنايا كتب التاريخ من مفاسد خلقية وسلوكية مثل الزنا واللواط وشرب الخمر، ومثل هذا يكثر في كتب معينة مثل "الوافي بالوفيات" للصفدي، ومثل "يتيمة الدهر" للثعالبي، ومثل "خلاصة الأثر في أهل القرن الحادي عشر" للمُحِبِّي، إلى آخر هذه الكتب التي تورط مؤلفوها في إيراد مثل هذا الذي يفُسد الأخلاق ويضر بالقيم.

7. الاطلاع على كتب التاريخ الحديث:

وهذا هو البحر المتلاطم الخِضَمّ، والمنهل الأكبر الأعظم، وهو الذي ينبغي أن يتريث المرء طويلاً قبل الخوض فيه والوقوف على دقائقه وتفصيلاته؛ وذلك لتشعبه وكثرة أحداثه كثرة هائلة.

ويمكن اعتبار الخط الزمني الفاصل بين التاريخ الحديث والتاريخ الوسيط هو الحملة الفرنسية على مصر سنة 1211هـ/ آخر القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر الميلادي: 1799 - 1801، فمنذ ذلك التاريخ مر على العالم الإسلامي أحداث ضخمة وكثيرة جداً، ففي القرنين الفائتين وقع الاحتلال لأكثر بلاد الإسلام فيما يعرف خطأ بـ"الاستعمار" وهو استخراب وليس استعماراً، وكذلك سقطت الخلافة، وتكونت كل الجماعات الإسلامية، ونشأت المذاهب العقدية الضارة الجاهلية مثل الشيوعية والقومية واليسارية والاشتراكية والوجودية والبعثية وغيرها، ونشأت الدول الإسلامية بحدودها المعروفة اليوم حتى بلغت قرابة الستين، وحُكِم في أكثرها بغير ما أنزل الله في سابقة تاريخية ليس لها نظير في ديار الإسلام، وبرز رجال عظماء ذادوا عن حمى الدين، وفي الوقت نفسه برز رجال كان لهم أسوأ الأثر على الإسلام، وقامت حربان عالميتان هلك فيهما أكثر من خمسين مليونا إلخ ...

ولابد أن يعرف المريد للتخصص في التاريخ الحقائق التالية حول العصر الحديث:

1. ليس هناك كتاب تاريخ واحد جامع اشتمل على التاريخ الحديث كله، بل إن أكثر أحداث التاريخ الحديث مفرقة في عدة كتب.

2. هناك أحداث تاريخية كثيرة لم تدون إلى الآن.

3. هناك أحداث تاريخية كثيرة دُوِّنت خطأ: جهلاً أو نفاقاً ومداهنة، أو مداراة.

4. هناك أحداث تفرد بكتابتها المستشرقون -تقريباً- أو أنهم أتلفوا كل كتابة سوى كتاباتهم؛ ومن أقرب الأمثلة على ذلك التاريخ المفصل لإندونيسيا؛ فقد احتلها الهولنديون ثلاثة قرون تقريباً فطمسوا التاريخ، ونفوا أبطالهم ورموزهم إلى جنوب افريقيا، وقتلوا آخرين، فلم يبق من التاريخ الطويل لتلك البلاد سوى ما كتبه هؤلاء المستشرقون -وهم غير مؤتمنين في الجملة- ونِتَف قليلة كتبها أهل البلاد بلغتهم الأصلية وبحروفها الغريبة التي لم تَعُد يكتب بها اليوم لا تروي ظمأ المتعطشين لمعرفة تواريخ تلك البلدان على التفصيل.

وقس على ذلك ما كتبه الفرنسيون عن بلدان أفريقيا السوداء، وما كتبه الروس عن القوقاز وتركستان الغربية، وما كتبه الصينيون عن تركستان الشرقية، إلخ ...

ـ لذلك كله كان استيعاب أحداث العصر الحديث أمراً أقرب إلى العُسْر منه إلى اليسر، وفي بعض المواضيع يقترب من كونه مستحيلاً، لكن هناك بعض الكتابات المقربة للتاريخ الحديث من أهمها:

أ. كتابات الأستاذ محمود شاكر ياسين عن دول الإسلام الحديثة، وهي سلسلة موجزة جيدة، وله كتاب مهم في باب آخر من أبواب التاريخ الحديث يوجز فيه كثيراً من الأحداث والوقائع وهو "الثقافة التاريخية".

ب. كتاب "حاضر العالم الإسلامي" تأليف لوثروب ستودارد، مع الحواشي النافعة جداً للأمير شكيب أرسلان رحمه الله.

د. كتابات الأستاذ أحمد شلبي عن التاريخ الحديث، وهي قليلة لكنها نافعة.

هـ. كتب الأستاذ أنور الجندي وفيها كثرة وتنوع، وليُقرأ كتاب "معالم تاريخ الإسلام المعاصر" على وجه الخصوص.

و. كتاب الأستاذ يوسف القرضاوي: الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا.

ز. بعض كتابات الأستاذ عماد الدين خليل، وتمتاز بالتحليل العميق واختيار الكليات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير