تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 09:41 ص]ـ

موضوع لطيف وطريف أخيتي المبحرة، فجزاك ربي خير الجزاء.

قبل مدة كنت قد كتبت حول بعض الأبيات من الرثائية المشهورة والتي نرى أبيات الحكمة تكثر فيها والمعروف أن هذه المرثية لايرقى إليها مرثية في تاريخ الأدب العربي على اعتبار موضوعها الإنساني العالمي غير المحدود بمكان أو زمان،رغم أنها قيلت بمناسبة رثاء فقيه حنفي من حلب. ولنتذكر منها أبيات كثراً ماأدندن بهم مع نفسي:

خلق الناس للبقاء فضلت =أمة يحسبونهم للنفاد

إنما ينقلون من دار أعما=لٍ إلى دار شقوة أو رشاد

حيث نراه هنا في قمة الإيمان وعلى غير مايريد البعض أن يعلاف بهذا الرجل الفذ ..

وإليكم ماكنت قد سطرته بشأن الأبيات وربما سيكون لي عودة للموضوع.

" المعري والرسم بالشعر "

منذ الطفولة ويشدني المعري وأدبه الثرّ، فأجدني أبحر في عالم من الأدب السامق

والذي لايطاله أحد في عليائه بل في مملكته بل في عوالمه الرحبة ...

أبحر ولا اكاد أصل الى مرسى!

وأنى لي أن أصل! وكلما غصت الى الأعماق استهوتني درره فلا أستطيع الفكاك منها ...

المعري ذلك الانسان الشامخ الذي شغل الدنيا ومازال، رغم كل الأعاصير والدوائر عليه

مازال يمتعنا بأعذب الألحان وأصدقها ومازلنا نردد معه بل قل ننظر بدهشة الى لوحاته الفنية

والتي صاغها شعراً وما أكثرها!!!

وأريد أن أقف على لوحة من هذه اللوحات الرائعة!

وقفة مستريح في دوحة الأدب بالرسم ...

مع أبيات من مرثيته المشهورة والتي منها:

رب لحد قد صار لحداً مراراً= ضاحكٍ من تزاحم الأضداد

والذي تسير معها الأبيات:

صاح هذي قبورنا تملأ الرحب= فأين القبور من عهد عاد

خفف الوطء ما أظن أديم الأ =رض الا من هذه الأجساد

سر ان اسطعت في الهواء رويدا=لااختيالاً على رفات العباد

فتراه هنا يصحبك برحلة إنسانية ليس لها حدود لافي الزمان ولا في المكان!

رحلة موغلة في عمق الشعور الوجداني والذي يهزك من الاعماق، وأنت تردد مع المعري الرسام هنا وأنت تقرأ اللوحة في البيت:

صاح هذي قبورنا ..... تشعر بشيء واسع من خلال المدود للألف في صاح ... والياء في هذي ... والواو

في قبورنا ... فيقودك اللفظ تلقائياً الى أن المعري يشير الى فضاء رحب واسع ...

فاذا التفتّ الى البيت الثاني: خفف الوطء ... ترى السكينة والخشوع في جرس ألفاظ هذه الأحرف ...

فما أروعك يا المعري حتى في اختيارك للأحرف!!!

ونمضي مع المعري الرسام هنا وهو يرسم صورة السخرية: .......... ضاحكٍ من تزاحم الأضداد

تستطيع هنا أن تشاهد صورة مزرية مضحكة متحركة فتتخيل القبر وله فم يضحك ممن؟!

من هؤلاء الذين يختالون في الأرض ...

أوما يعلمون أن مصيرهم إليها!!!

فلماذا يفسدون فيها؟!

فهي ستضمهم عاجلأ أم آجلاً فإذاً يعظنا هنا: سر ان اسطعت في الهواء رويداً ...

وهكذا نسير مع المعري مع لوحات فنية صامتة ناطقة وما أجملها من لوحات الرسم بالشعر!!!

فكرة شرح الأبيات عن كتاب"النقد الأدبي"لسيد قطب

ماأجمل تلك الكلمات بل وماأروعها في انسيابها إلى أعماق النفس كلمات تشدو القارئ حين يقرأ

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[20 - 12 - 2008, 02:49 م]ـ

في الحديث عن شيخ المعرة يجب أن نفطن إلى نقطتين الأولى: وهي نفسية الشاعر وظروفه الاجتماعية

والثانية: ثقافة الشاعر وتأثره بالفلسفة.

فالشاعر فاقد للبصر منذ طفولته الأولى وسواد نظره انتقل إلينا في شعره فهو رهين المحبسين -وإن كان هو يراها ثلاثة محابس كما عبر عن ذلك في أحد أبياته-

كما ان تعمق في الفلسفة والملل والنحل.

ولا بد أن يكون أثر ذلك جلي في شعره

بالنسبة للأبيات هذه فقد ذكرها في قصيدة رثاء أحد أصدقاءه ولا غرابة أن يأتي المعري على ذكرة حقيقة الدنيا التي توصل إليها.

كما أن هذه الحقيقة ليست جديدة في الشعر فهي ركن من أركان قصيدة الرثاء وقد ذكرها الشعراء قبله

ولكن هذه الحقيقة تشكل مبدأ عاما ينطلق منه المعري في أكثر شعره

غير مجدٍ في ملتي واعتقادي= نوح باكٍ ولا ترنُّم شادِ

وشبيهٌ صوت النّعي إذا قيـ س= بصوت البشير في كل نادِ

يرى المعري هنا أنه من العبث فرح الفارحين بمولود فهم سيبكون عليه ذات يوم كما فرحوا بقدومه وأتذكر هنا قول لأحدهم يقول: إن من استقبل يوما باكيا بفرح سيودع صامتا بالبكاء

إذن فالأمر سيان بكاء الباكي بفقد وفرح بولد

أبكت تلكم الحمامة أم غنّت =على فرع غصنها الميادِ

صاح، هذي قبورنا تملأ الرُّحب فأين القبور من عهد عادِ؟

خففِ الوطء ماأظنُّ أديم =الأرض إلا من هذه الأجسادِ

وقبيحٌ بنا، وإن قدم =العهد، هوان الآباء والأجدادِ ثم يؤكد على مقالته بذكر أنه هذه الأرض التي نمشي عليها قد أثخنت بأجساد من كانوا على ظهرها في يوم ما

وما هي إلا أجساد آبائنا وأجدادنا الذين سبقونا فحري بنا أن نذكر مصيرهم

ونمشي بهوادة احتراما وتوقيرا

ربما يختلف المعري عن غيره من الشعراء في تناول هذه الفكر وهذا ناتج عن تأثره بالفلسفة وبظروفه الخاصة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير