[أبوتمام والبحتري والمتنبي في ميزان ابن الأثير]
ـ[ناصر البيان]ــــــــ[08 - 03 - 2009, 04:02 م]ـ
يتحدث الكثير من الأدباء والنقاد حول هؤلاء الشعراء الثلاثة الذين أبدعوا
في مجالهم أيما أبداع والذين بلا شك أنهم استفادوا من أشعار السابقين
من فطاحلة الشعر العربي فأتوا بما يلخص أشعار المتقدمين وتألقوا
في وقت ازدهرت فيه العلوم و نشطت فيه حركت التأليف ولم يتفرد
أحد منهم في السبق على قرينيه فكلهم قد حيروا النقاد والأدباء
وسيظلون على شاعريتهم مختلفين إلى قيام الساعة.
ومن الجواهر في الموازنة بين هؤلاء الأفذاذ جوهرة ضياء الدين بن الأثير
في كتابه (المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر) فلنتذوق أخي القارئ
درة ابن الأثير الجميلة الرائعة.
يقول ضياء الدين بن الأثير في هؤلاء العباقرة:
(وهؤلاء الثلاثة هم لاتُ الشعر وعُزَّاه ومَنَاتُهُ، الذين ظهرت على أيديهم
حسناته ومستحسناته، وقد حوت أشعارهم غرابة المحدثين إلى فصاحة القدماء، وجمعت بين الأمثال السائرة وحكمة الحكماء.
أما أبو تمام فإنه ربُّ معان، وصيقل ألباب وأذهان وقد شهد له بكل معنى مبتكر، لم يمش فيه على أثر، فهو غير مدافع عن مقام الإغراب الذي برّز فيه على الأضراب، ولقد مارست من الشعر كل أول وأخير، ولم أقل ما أقول فيه إلا عن تنقيب وتنقير، فمن حفظ شعر الرجل وكشف عن غامضه وراض فكره برائضه أطاعته أعنَّةُ الكلام، وكان قوله في البلاغة ما قالت حذام، فخذ مني في ذلك قول حكيم، وتعلم ففوق كل ذي علم عليم.
وأما أبو عبادة البحتري فإنه أحسن في سبك اللفظ على المعنى، وأراد أن يشعر فغنَّى، ولقد حاز طرفي الرقة والجزالة على الإطلاق، فبينا يكون في شظف نجد إذ تشبث بريف العراق، وسئل أبو الطيب المتنبي عنه، وعن أبي تمام، وعن نفسه، فقال: أنا وأبو تمام حكيمان، والشاعر البحتري. ولعمري إنه أنصف في حكمه، وأعرب بقوله هذا عن متانة علمه، فإن أبا عبادة أتى في شعره بالمعنى المقدود من الصخرة الصماء، في اللفظ المصوغ من سلاسة الماء، فأدرك بذلك بعد المرام، مع قربه إلى الأفهام، وما أقول إلا أنه أتى في معانيه
بأخلاط الغالية، ورقى في ديباجة لفظه إلى الدرجة العالية.
وأما أبو الطيب المتنبي فإنه أراد أن يسلك مسلك أبي تمام فقصرت عنه خطاه، ولم يعطه الشعر من قياده ما أعطاه، لكنه حظي في شعره بالحكم والأمثال، واختص بالإبداع في وصف مواقف القتال، وأنا أقول قولا لست فيه متأثما، ولا منه متلثما، وذاك أنه إذا خاض في وصف معركة كان لسانه أمضى من نصالها، وأشجع من أبطالها، وقامت أقواله للسامع مقام أفعالها، حتى تظن الفريقين قد تقابلا، والسلاحين قد تواصلا، فطريقه في ذلك تضل بسالكه، وتقوم بعذر تاركه، ولا شك أنه كان يشهد الحروب مع سيف الدولة ابن حمدان فيصف لسانه، ما أدى إليه عيانه، ومع هذا فإني رأيت الناس عادلين فيه عن سنن التوسط، فإما مفرِط في وصفه وإما مفرِّط، وعلى الحقيقة فإنه خاتم الشعراء، ومهما وصف به فهو فوق الوصف وفوق الإطراء، ولقد صدق في قوله من أبيات يمدح بها سيف الدولة:
لا تطلبن كريما بعد رؤيته * إن الكرام بأسخاهم يدا ختموا
ولا تبال بشعر بعد شاعره * قد أفسد القول حتى أحمد الصمم
ولما تأملت شعره بعين المعدلة البعيدة عن الهوى، وعين المعرفة التي ما ضل صاحبها وماغوى، وجدته أقساما خمسة، خمس في الغاية التي انفرد بها دون غيره، وخمس من جيد الشعر الذي يساويه فيه غيره، وخمس من متوسط الشعر، وخمس دون ذلك، وخمس في الغاية المتقهقرة التي لا يعبأ بها وعدمها خير من وجودها، ولو لم يقلها أبو الطيب لوقاه الله شرها، فإنها التي ألبسته لباس الملام وجعلت عرضه شارة لسهام الأقوام.
ولسائل ههنا أن يسأل لما عدلت إلى شعر هؤلاء الثلاثة دون غيرهم؟
فأقول: إني لم أعدل إليهم اتفاقا، وإنما عدلت إليهم نظرا واجتهادا، وذلك أني وقفت على أشعار الشعراء قديمها وحديثها حتى لم أترك ديوانا لشاعر مفلق يثبت شعره على المحل إلا وعرضته على نظري، فلم أجد أجمع من ديوان أبي تمام وأبي الطيب للمعاني الدقيقة، ولا أكثر استخراجا منهما للطيف الأغراض والمقاصد، ولم أجد تهذيبا للألفاظ من أبي عبادة، ولا أنقش ديباجة، ولا أبهج سبكا، فاخترت حينئذ دواوينهم، لاشتمالها على محاسن الطرفين من المعاني والألفاظ، ولما حفظتها ألغيت ما سواها مع ما بقي على خاطري من غيرها.)
ـ[المغيره]ــــــــ[29 - 11 - 2009, 04:50 ص]ـ
ماذا يقد بالخمس الذي هو في غاية المتقهقرة
هل هجاء المتنبي مثلا لضبة
ـ[الراقي1]ــــــــ[04 - 12 - 2009, 02:26 م]ـ
تقبلوا مني التحية والتقدي1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رر
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين