تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ثنائية الآخر في "دماء على حائط المبكى"]

ـ[عصام محمود]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 01:53 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت قد قمت بعمل نقد لمسرحية دماء على حائط المبكى للكاتب فتحي عبد الوهاب،وعندما علم بالنشر من أصدقاء له طلب مني نسخة من النقد فأرسلته له فنشره على موقعه.

ثنائية الآخر في "دماء على حائط المبكى" (*)

تطرح مسرحية"دماء على حائط المبكى" للكاتب فتحى عبد الغنى صورة مغايرة لتلك الصورة التي اعتاد المسرح تقديمها للصراع العربي الإسرائيلي، تلك الصورة التي ظلت ثابتة في الثقافة العربية عن ذلك اليهودي ذي الأنف المعقوف المرابي، الذي يأكل لحم المحتاجين، هذه الصورة الخالية من أي بعد نفسي أو اجتماعي، وهذا ما تجاوزته هذه المسرحية وقدمت لنا صورة مغايرة تماما للصورة الثابتة، فهي تتغلغل في أعماق هذه الشخصية وتطرح رؤية مغايرة ومقارنة لليهودي الحديث والقديم، وفي صورة موازية تطرح الصراع العربي الإسرائيلي في الفكر القديم والجديد، فهي تقدم لنا مجموعة من الثنائيات ليس فيها الأنا والآخر بل الآخر والآخر، وهي ثنائية عجيبة فالآخر يتعدد ويتكرر حتى نكاد لا نعرف من نحن ومن الآخر، هذا التداخل العجيب في المسرحية القصيرة نوعا ما فهي مكونة من فصلين الفصل الأول مشهد واحد والثاني مشهدين والشخوص الرئيسة ستة أشخاص أربعة يقومون بدور محوري ويظهرون في النص بصورة حية واثنتان تظهران من خلال الحديث عنهما بصيغة الغائب لكنهما مؤثرتان في أحداث المسرحية.

1. الثنائية الأولى:

تبدأ المسرحية بمشهد بين ليفي اليهودي كبير السن مع ابنته راشيل التي وصلت توا إلى إسرائيل قادمة من أمريكا بعد أن هربت بها الأم من المانيا أثناء الحرب العالمية الثانية وهى طفلة فى اللفة بعد ان اصبحت فتاة يافعة وتعب الأب في إرسال خطابات يغريها بزيارته فى اسرائيل حتى عادت إليه في زيارة فيحاول أن يجعلها تعيش معه من خلال الإغراء بتملك هذا البيت القديم الذي يعيش فيه ولكن ما قيمة هذا البيت؟ إن القيمة تختلف بحسب نظرة الشخص إلى الشيء،وبالفعل تختلف نظرة راشيل عن نظرة ليفي.

ليفي: لا. لا ... لا .. لقد أعددت لك كنزا .. كنزا حقيقيا.

راشيل: كنز .. كنز يا أبي

ليفيملوحا لها بورقة أخرجها من جيبه) هذه.

راشيل ما هذه؟

ليفيبجزل) عقد تنازل مني لك.

راشيل: عن أي شيء يا ترى؟

ليفي: عن أغلى شيء في العالم.

راشيل: وما هو هل ستقول لي؟

ليفي: عن هذا البيت.

راشيلبدهشة) أي بيت تقصد!!

ليفي: أتراك غير مصدقة .. هذا البيت.

راشيل: الذي نقف فيه الآن

ليفي متهللا) بعينيه

راشيل تنفجر ضحك)

ليفيالذي يؤخذ بضحكها) على ما تضحكين؟

راشيلوهي مستمرة في الضحك) ولكن من قال أني في حاجة إلى هذا البيت المتهالك.

ليفيمستهجنا) راشيل

راشيلوهي مستمرة في الضحك) أنه آخر بيت في العالم يمكن أن أتوق إلى امتلاكه ().

يظهر لنا هذا الحوار التشكال الأول فكل منهما ينظر إلى البيت بحسب قيمته عنده، فليفي ينظر إلى البيت باعتباره كنزا حقيقيا (ليفي: أنا .. لا .. لقد أعددت لك كنزا .. كنزا حقيقيا)، وتفسر لنا السيميائية في النص السابق قيمة هذا البيت عنده، فهو كنز وتردد ليفي كثيرا في منحه لابنته يظهر هذا التردد من خلال النقطتين اللتين وضعهما الكاتب في جملة ليفي كذلك في تكرار كلمة كنز فهو أغلى شيء عنده لكنه مضطر للتضحية به حتى لا تهرب ابنته، لكن هذا البيت عند راشيل التي عاشت حياتها في أمريكا لا يساوي شيئا (أنه آخر بيت في العالم يمكن أن أتوق إلى امتلاكه) ولماذا البيت الأخير؟

راشيل: إن لدي أمي بيوتا كثيرة في أمريكا

ليفي: أعرف

راشيل: البيت الذي نسكن فيه عبارة عن قصر له حديقة مترامية الأطراف

ليفي: بلغني

راشيل: أمي وهبت لي كل هذه البيوت دون أن تصرخ في هكذا (تنفجر في البكاء).

ليفي: اهدأي يا ابنتي

راشيلمستمرة في البكاء)

ليفي: كفى يا حبيبتي كفى .. المشكلة أنك لا تعرفين هذا البيت ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير