[وهنا مقال آخر للنقاد الأفاضل]
ـ[فرحان بن سميح]ــــــــ[28 - 08 - 2009, 01:53 ص]ـ
عندما اختلف عقيل ومسلم (قصة تحكي واقع الكثير من الناس)
بسم الله الرحمن الرحيم
عقيل ومسلم رجلان من عامة الناس ..... القاسم المشترك بينهما البساطة، والمحدودية العلمية.
مسلم يعاني من مرض يبحث له عن طبيب.
قال له عقيل: أعرف طبيبا حاذقا. ما رأيك أن تذهب إليه؟
تحت وطأة المرض والبحث عن الشفاء استجاب مسلم لطلب رفيقه، وذهب إلى الطبيب المذكور.
أجرى الطبيب التحاليل اللازمة وشخص حالة مسلم وصرف له الدواء اللازم.
بفضل الله ثم باستخدام العلاج أخذت حالة مسلم تتحسن.
قرر عقيل أن يزور صديقه ليطمئن على حالته.
زاره فرآه في تحسن وخير.
قال عقيل: ما ذا فعل لك الطبيب؟
قال مسلم رافعا أصبعة إلى السماء في إشارة إلى حمد الله: بفضل الله بعد الفحوصات اللازمة صرف لي هذا الدواء فنفعني الله به.
قال عقيل: أرني هذا الدواء.
أخذ عقيل الدواء وقلبه بعجله ناظرا إلى الكتابات الأجنبية التي تحيط بمغلف هذا الدواء من كل جانب، ثم رماه قائلا: هذا ما ينفع لا تستخدمه.
نظر إليه صديقه مسلم مندهشا وهو يقول: وما الذي أدراك أن هذا الدواء لا ينفع!
قال عقيل: قلت لك هذا الدواء لا ينفع ..... والدكتور الذي صرف لك هذا الدواء لا يفهم شيئا. ثم أردف يقول: أنا أعرف هذه الأشياء وأعرف أن هؤلاء الدكاترة إنما هم يضحكون على الناس .... ويدعون أنهم هم فقط من يعرف كل شيء.
نظر مسلم إلى رفيقه عقيل بنظرة استهجان قائلا له: وهل تستند في كلامك هذا على شيء موثوق أم لا؟
رد عقيل قائلا: أليس أنا من دلك على هذا الطبيب؟
قال مسلم: بلى.
قال عقيل: تجادلني في شخص أنا دللتك عليه!
قال مسلم: وهل حجتك الوحيدة هي أنك دللتني عليه؟.
رد عقيل بكبرياء قائلا: نعم وكفى بها حجة. طالما أني دللتك عليه فأنا أعرفه أكثر منك. ولا يمكن أن أصدق أن هذا الدواء ينفع. عقلي لا يستوعب ذلك.
قال مسلم بنبرة تظهر منها الثقة: معرفتك له دليل عليك لا لك. كونك تدلني على هذا الطبيب، هذا إقرار منك بحذقه ومعرفته، وهو من ناحية أخرى إقرار منك على نفسك بالجهل. ولو كنت تقدر نفسك حق قدرها لقلت: كفى نفسي فخرا أن دلتني على أن هذا الطبيب حاذق وأنه يجب علي استشارته في تخصصه لا استشارة غيره.
عندها انقطع عقيل ولم يطق جوابا.
انتهى المقصود من القصة.
...........
أقول أيها الإخوة:
العقيليون وإن شئتم فقولوا العقلانيون في زماننا كثر.
يأتي أحدهم إلى أمر لو جمع له الملايين من خبراء العالم لتوقفوا فيه، ثم يقول وبكل بساطة هذا غير صحيح. لماذا؟ قال: لأنني لم أفهمه. عقلي لم يستوعبه.
...........
الاعتراضات العقلية كثيرة .... والمعترضون كثر ..... والمثل يقول: (من راقب الناس مات هما).
الشيء الذي لا يقبل الاعتراض عليه مهما بلغ الشخص المعترض من الرتب هو ما أردته أن يكون محور مقالتي هذه.
إنه:
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
الاعتراض على أمر الشرع بمجرد العقل
.
أشفق- والله- على بعض أحبتي عندما يعرض عليه أمر من أوامر الله أو نص من الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول معلقا:
(كيف!) و (من وجهة نظري) و (رأيي كذا) (وهذا غير معقول) ونحو هذه العبارات التي تدل على الاعتراض.
.................
المسلم سمي مسلما لأنه استسلم لأمر الله وأطمأن له وهذا هو شرط الإيمان الذي لا بد منه. قال تعالى {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} النساء65.
وإذا اعترض الإنسان بمجرد عقله لم يكن مسلما.
.................
قد يقول قائل وهل أعطاني الله العقل حتى أعطله؟
فالجواب: كلا والله .. فقد أهتم الإسلام بالعقل وكرمه وجعله مناط التكليف.
غير العاقل لا يكلف بعمل ..... ولا يؤاخذ على ما فعل.
المنهي عنه هو عبادة العقل لا تعطيل العقل.
الإنسان العاقل لا ينازع في أن الله حكيم لا يشرع إلا ما فيه مصلحة.
الإنسان العاقل لا ينازع في أن الله عليم يعلم ما يصلح حال الإنسان.
الإنسان العاقل لا ينازع في أن الله قوي عزيز لا يغالب ولا يرد أمره ولا يجترأ على محارمه.
إلى غير ذلك من صفاته سبحانه التي يدركها العقل السليم.
¥