تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أدبية اللفظ والمعنى]

ـ[ابن عبدالرحيم الصاعدي]ــــــــ[19 - 01 - 2010, 10:39 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريف اللغة عند " دي سوسير " هي: " ظاهر اجتماعية اعتباطية "

فاللغة يمكن أن يقال عنها "اعتباطية" في الأصل لكنها عندما استقرت أصبحت اللغة "نظام" تندرج تحتها أنظمة، مثل: الصوت "ك" يجب أن تربطه بحروف أخرى ليصبح له معنى مثل كلمة "كرسي" ولكنها ما زالت ليس لها معنى إلا معنى معجمي.

وليس لها دلالة أدبية إلا في السياق النحوي (فعال – مفعول به ... ) فيختلف معناها من سياق إلى آخر بحسب علاقتها بين الجمل والعلاقة بين الجمل "النص" هو مجال علم الأدب.

اللفظ = الدالّ المعنى = المدلول

لكل لفظ من ناحية الدلالة يكون له ثلاث مراتب كالآتي:

1 - المعنى المعجمي (المعنى الأولي) وهو معنى ليس له دلالة أدبية، ويمثل الدرجة صفر (0).

2 - المعنى السياقي (المعاني الثواني) فمن خلال توظيف اللفظ في السياق يكون له دلالة نحويّة علاقته بالجملة – كما نبّه إلى ذلك الجرجاني في نظرية النظم-، لذلك نجد نفس اللفظ لا يكون له نفس المعنى في سياقين مختلفين، مثل كلمة " الكرسي " ففي قولك: " صنع النجار الكرسي " تدل على المقعد المعروف الذي يُجْلَس عليه، وتقول: "فلان يخاف على الكرسي" تريد بالكرسي (المنصب) والوظيفة العليا، لكنها في قولك: " قرأت آية الكرسي " تدل على معنى مغاير للمعنى الأول فهي هنا آية معروفة في سورة البقرة، وانظر إلى معناها ودلالتها في قوله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة»، فهي هنا تدل على معنى ديني ميتافيزيقي، فاللفظ يمكن أن يكون ثابت لكن معانيه متعددة بتعدد السياقات.

3 - المعاني الحافّة (معاني لا متناهية) فالألفاظ ليست من فعل طرف واحد باعتبارها وسيلة تواصل بين أطراف فهي ليست من فعل من يصدرها فقط بل هي "تواطؤ" بين المرسل (الباثّ المتكلم أو الكاتب) والمستقبل (السامع أو القارئ)، ففي الأعمال الأدبية تصبح الألفاظ رموزاً تحمل دلالات ومعاني أكثر مما يحمله الكلام العادي، فإذا أصدر المرسل هذه الألفاظ (الرموز) فإن هناك من يستقبلها ويفهمها والمرسل لا يتحكم في حدود هذا الفهم الذي تحمله هذه الألفاظ - التي أبدع المرسل في انتخابها - وهي المعاني الحافّة التي تعتمد – بعد إيحاءات اللفظ - على ذهنية القارئ وقراءاته وثقافته، وهنا يصبح القارئ منتج ومبدع ومشارك للكاتب من خلال فهمه للمعنى (الحافّ)، ولذلك وُجِدَتْ نصوص خالدة حافظت على إيحاءاتها رغم مرور الزمن وفي مقدمتها النصوص الدينية كالقرآن الكريم والإنجيل والتوراة وكذلك المعلقات وقصائد كبار الشعراء كالمتنبي وأبي تمام وأبي العلاء المعري وغيرهم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير