تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قراءة في ديوان فيض الشجون للشاعر حسن متولي]

ـ[عبدالبر علواني]ــــــــ[12 - 03 - 2009, 06:37 م]ـ

قراءة في ديوان "فيض الشجون" للشاعر حسن متولي

بقلم: عبدالبر علواني

"هل الريح تعلم أني انفلاق الشعاع

وأني انعتاق الغضب"

ربما كان هذان السطران الشعريان اللذان أبدعهما الشاعر علي قنديل في ديوانه (كائنات علي قنديل الطالعة) مدخلا صالحا من كثير من الوجوه لدراسة

تجربة الشاعر (حسن متولي) في ديوانه الأول فيض الشجون الذي صدرت طبعته الأولى عام 2008م.

لقد صدر هذا الديوان في الوقت الذي امتلأت فيه الساحة الشعرية بما يسمى شعر الحداثة، الذي دقت من حوله الطبول،وأقيمت له حفلات الزار، حتى أصبح له سدنة ومريدون، وأصحاب مباخر.

وديوان (فيض الشجون) يمثل تجربة من الشعر العمودي، هذا الشعر الذي عاب عليه النقاد بأنه لم يعد فيه مواهب، تزاوج بين مقتضيات التراثية، وطبيعة العصر في التجربة، واستخدام اللغة، وبناء العبارة، وأن معظمه ليس فيه الوهج الفني الشعري الذي يمكن أن يجعله مقبولا إلى جانب الشعر الحر، وشاهد ذلك عندهم أن الشعر العمودي بدأ يتضاءل، فجاء الشاعر ليرد على كل هؤلاء قائلا:

ودع عنك الغريب المحال يدع عنك إزراءه الساخر

فحسبك أنك رمت الكمال وأنك في عجزهم قادر

فهؤلاء الذين جروا وراء الغريب من المعاني، راكبين مهر الحداثة الجامح، يقفون موقفا عدائيا من الشعر العمودي، حتى أصبح شعراؤه يتسولون الرضا في المنتديات والصالونات الأدبية، وكأن الشاعر العمودي أصبح مطليا بالقار أجرب، مما حدا بحسن متولي أن يقول:

ترحل لا تقم أبدا بأرض يطاول بعرها درر اللآلي

ودعونا نلقي الضوء على التجربة وصاحبها من خلال النصوص المعروضة عبر ديوانه؛ لنحدد شخصيته من خلال موضوعاته، فهو شاعر وطني، متمكن من لغته مبنى ومعنى، ولم لا؟ وهو معلم لها، متعبد في محرابها يأخذ منها أوراده وأدعيته، يعبر في قصائده عن انتمائه لبيئته ووطنه الذي ينتمي إليه، فجاءت قصائده محملة بالحب وصدى للوجدان، فجاء الحرف نبضة من نبضات القلب

إذ يقول عن موطنه (كفر الشيخ):

لكفر الشيخ ما يدعو بنيها إلى أن يبدعوا الأشعار فيها

لها من سابغ النعماء فضل يروح به الفتى زهوا وتيها

وهل مثل الوفاء لرد دين وكم ذا قد رعت أم بنيها

بدلتا نيلها المعطاء تبدو كفلج الحسن خلابا بفيها

فدلت بالذي يختال حسنا بأن قد فاز حتما مستبيها

فالكتابة تصور الانفعال، والانفعال حركة توقع بصورة صوتية وبذلك تأتي موسيقى العمل الأدبي معبرة عن عاطفة صاحبه، فكان استخدام بحر الوافر هنا معبرا عن عاطفة الحب والانتماء،فارتبط الوزن بالعواطف والمعاني.

ومما يدل على هذا الانتماء أيضا قصيدته (إلى مصر) حيث لا يتنكر لها أو ينكر فضلها، ويعرف وفاء الرجل بحنينه إلى أوطانه، ووفائه لأهله وإخوانه. فيقول:

لمصر العزيزة في ذمتي صنوف من الفضل والنعمة

فمنها رشفت رحيق الحياة وفيها ظلالي في الوقدة

ومهد الطفولة في حضنها وعهد الصبابة والصبوة

دماء الشرايين من نيلها سرت من شرايينه العذبة

وفيها قرأت كتاب الحياة تجلى سطورا على صفحتي

ثم لا ينسى دوره في إيقاظ همم أبناء وطنه مصر، وحثهم على القيام بدورهم،فيقول: فقوموا بني مصر هذا الأوان لسعي حثيث إلى النهضة

فهنا شاعر وأبناء وطن، وكل قوم يحبون تجديد أنفسهم،وبعث قوميتهم، والشعر رسالة، والشاعر هنا يستنهض أبناء الوطن، فهو يعرف ما يكمن في الشباب من حداثة وقيم وآراء إذا وضعوها في خدمة وطنهم يظلون قائمين لا ينحنون، فهذا هو الوقت المناسب للنهوض من الرقدة، والقيام من الغفلة، ولذلك جاء بالظرف الاعتراضي (هذا الأوان) الذي لم يأت عفويا إنما هي لحظة الكشف والشاعرية التي تلقي بالكلمة في طريق الشاعر، فيكون لها سحرها وجمالها، فهو وفق في اختيار الوقت المناسب للنهوض، والأمة في حراكها السياسي، والشارع يطالب بالإصلاح والتغيير، تحتاج إلى من يقوم عنها ليغير الأوضاع المتردية، فلا يأس ولا خنوع

فبالعزم لا يستحيل الرجاء وأما الشقاء ففي الكبوة

وهل ينفع العاجزين الرجاء بلا أي حول ولا حيلة

وهل يمطر الجو خبز الجياع ولم يزرعوا الأرض بالحنطة

إن حسن متولي المعجون بتراب هذا الوطن، والمهموم بقضاياه لم ينس بغداد الألم والجرح النازف، فهو يكتب إلى (دجلة والفرات)

سينية لا تقل جمالا وروعة عن سينية البحتري فيقول:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير