[الرقية الشعرية للشاعر المثرثر والناقد القديس!]
ـ[جلمود]ــــــــ[17 - 09 - 2009, 04:29 م]ـ
من علامات فساد حياتنا الأدبية أن يتطاول على الشعر الشعرورُ بثرثرته والقديسُ بترانيمه.
لقد صار كل امرئ يدعي الشعر وقوله؛ حتى غلب الغثاءُ على الزبد؛ فكثر الشعر والشعارير في زمن قلت فيه الفصاحة وانحدرت، وليت شعري! ما كان أقل الشعراء في زمن الفصاحة الأول، حتى إنهم كانوا يحتفلون إذا خرج من بينهم شاعر يخلد ذكرهم وذكراهم.
فما أكثر غثاء الشعر اليوم: مسمطات ومطولات وملحمات ومخمسات!
وما حال النقد بأفضل من حال الشعر: نرى الناقد اليوم كالقديس يلقي ترانيمه على رهبانه، لايسئلونه دليلا إلا الاستزادة من عبثه وهرائه ومدحه ونفاقه.
بين ذلك الشعرور المثرثر وهذا الناقد القديس يقف القراء والمستمعون مسحورين، وقد ضل سمعهم وفسد ذوقهم.
واليوم جئتكم بتعويذة شعرية، سأتلوها مرة على الشعرور المثرثر؛ عله يصمت؛ فتنجلي غشاوة صوته عن أعين الناس؛ فيدركوا الجمال، ثم سأتلوها مرة ثانية على ذلك الناقد القديس؛ عله يتوب فيسلم للحق، ثم سأتلوها مرة ثالثة على هؤلاء المنصتين لهذا الشعرور وهذا القديس، علهم يثورون عليهما؛ فيقتلونهما قتلة المعرض عن شعر المثرثر وترانيم القديس.
قصيدة الشاعر لصاحبنا المازني
يرى من ستور الغيب حتى كأنما = يطالع في سفرٍ جليل المراقم
له خاطرٌ يقظان ليس بنائم = يجيش بأصداف اللآلي الكرائم
صقيلٌ كخد الصبح سمحٌ كنوره = نقيٌّ كصوب العارض المتراكم
وروحٌ كأن الكون من فرط رحبها =بها قطرةٌ في زاخرٍ متلاطم
ولحظٌ كأن البرق ريش سهامه =يضيء حواشي كل أغبر قاتم
ولفظ كضوء الشمس في مثل سيرها = يسح بفيض العقل سحّ الغمائم
كأن رياضاً في مثاني حروفه = أرجْن بأنفاس الثغور البواسم
يحمل خفاق النسيم حديثه = ويركبه ظهر الرياح الهواجم
فتجريه في أفواف كل خميلةٍ = وتنشده بين الربى والمخارم
وتلقيه أنداءً على الزهر سحرةً = وتوحيه سجعاً في صدور الحمائم
وترسله في الجو صرخة آيسٍ =يجاوبها قصف الرعود الغواشم
وتطلعه فجراً على الناس واضحا = يريهم سبيل الحق بادي المعالم
وما الشعر إلّا صرخة طال حبسها = يرن صداها في القلوب الكواتم
يرقرق أنداء العزاء على الأسى = ويضرم طوراً خامدات العزائم
وفي الشعر للمفؤود سلوى وأنه = ليغنيه عن صوب الدموع السواجم
أيها الناس إن الشاعر لم يخلق من تلك الطينة التي خلق منها بنو البشر، وإنما خلق من طينة امتزجت فيها:
الصور/بالوجدان، واللفظ/بالمعنى، والعاطفة/بالعقل، والحب/بالألم، والغيب/بالحاضر، والحس/بالفكر،
إنها طينة الشعراء!
هذا هو الشاعر وهذا هو الشعر، فمن استطاعه فبها ونعمت، ومن لم يستطع فليكف عنا أذاه.
ـ[السامية للمعالي]ــــــــ[18 - 09 - 2009, 04:21 ص]ـ
(وما الشعر إلّا صرخة طال حبسها .. يرن صداها في القلوب الكواتم
يرقرق أنداء العزاء على الأسى .. ويضرم طوراً خامدات العزائم
وفي الشعر للمفؤود سلوى وأنه .. ليغنيه عن صوب الدموع السواجم)
بارك الله فيك أخي جلمود
وجزاك خيرًا.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[19 - 09 - 2009, 05:12 م]ـ
و ما أكثر شعارير هذا الزمن.
بوركت أستاذ جلمود.
ـ[جلمود]ــــــــ[20 - 09 - 2009, 05:38 م]ـ
الأخت السامية للمعالي والأخت وضحاء،
جزاكما الله خيرا على هذا المرور الكريم!
ـ[الصهباء]ــــــــ[20 - 09 - 2009, 10:38 م]ـ
يرى من ستور الغيب حتى كأنما .... يطالع في سفرٍ جليل المراقم
أيها الناس إن الشاعر لم يخلق من تلك الطينة التي خلق منها بنو البشر، وإنما خلق من طينة امتزجت فيها:
الصور/بالوجدان، واللفظ/بالمعنى، والعاطفة/بالعقل، والحب/بالألم، والغيب/بالحاضر، والحس/بالفكر،
إنها طينة الشعراء!
ولا يعلم الغيب إلا الله
قال تعالى (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)
بارك الله فيك أخي
ـ[مُسلم]ــــــــ[20 - 09 - 2009, 11:14 م]ـ
س: هل يجب أن تكون كل هذه المميزات مولودة مع الشاعر حتى يكون كذلك؟ أم من الممكن أن يتعلمها إن كان يملك بذور بعضها؟
ولا تنسَ أخي أن الله قال عن حبيبه - صلى الله عليه وسلم -:" وما علمناه الشعر " فلو شاء عز وجل لقال وما وهبناه الشعر أو وما جعلناه شاعراً، ولكن الله عز وجل قال وما (علمناه) وهذا يدل على أن الشعر يأتي عن طريق التعلم.
وأني أظن - وبعض الظنون كواذب - أن من يولد بهذه الصفات لا يمكن أن يكون غير الشعراء النابغين تمام النبوغ الشعري كالمتنبي وأمثاله .... فهل لا يوجد غير المتنبي وأمثاله شعراء؟!
ـ[مُسلم]ــــــــ[20 - 09 - 2009, 11:20 م]ـ
ولا يعلم الغيب إلا الله
قال تعالى (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)
بارك الله فيك أخي
لعله لا يقصد الغيب الذي تعنيه أختي العزيزة، وإنما هو ذلك الغيب الذي كان يقوله الشعراء الحكماء كأمثال المتنبي في أشعارهم وحكمهم التي لا تزال تطبق حتى يومنا هذا، فهم إذا كمن يعرفون الغيب .... إذ لا يمكن أن يعلم الغيب إلا الله عز وجل.
¥