[الهوية واللغة مستويات التداخل]
ـ[ذ. مصطفى بادوي]ــــــــ[23 - 02 - 2010, 09:56 م]ـ
ذ: بادوي مصطفى، استاذ الفلسفة.
المغرب.
لم يكن "انطونيو غرامشي" صاحب كراسات السجن ـ مخطئاً في اللحظة التي اعلن فيها أن آخر الجذور التي يمكنها أن تقتلع من مجتمع ما هي الثقافة.
ترى ما الثقافة،؟ و هل من الممكن قولبة هذه الملفوظة في تعابير تدل على التقاليد و الاعراف و القوانين و نظم العيش و غير ذلك؟
قد يبدو من السخف ان نُقَولب ما هو متناهيٌّ في الصّغر بما لا يتناهى مماّ يستطعيه الانسان ان يَثْقُفَهُ.
ترى؟ بم يثقُفُ الانسانُ الاشياءَ و الموضوعاتِ و القضايا و التقنولوجياتِ و اساليبِ التواصلِ و التفاعلِ و انماطِ الفعل و رد الفعلِ، بل حتى انماط الهوية و الشعور؟
ترى؟ ما علاقة الهوية بالثقافة؟ و ما علاقة الثقافة باللغة؟
في ضوء اشكاليات قطاعية كذي: يبدو اننا امام ثلاثية اللغة و الثقافة و دورهما في تشكيل هوية الانسان.
ترى ما الهوية؟ و كيف تتحدد الهوية الشخصية؟ و ما بنية الهوية الانسانية؟ بل كيف تستطيع اللغة ان تصنع هوية الانسان؟
هل تعني الهوية انها فقط ذلك المجال الشعوري الادراكي الذي يستطيع الانسان انطلاقا منه ادراك الاشياء و الموضوعات ووقائع العالم الخارجي
؟
قد يدرك الانسان هويته و لكنه لا يستطيع بشكل حاسم معرفة كيف استطاع ان يقنع ذاته باختياراته الشخصية و لا في الوانه التي يرتديها و لا حتى في منطلقاته التي يعتقد بها "عدا الايمان" بل في حدود الثقافة ان الانسان يجهل فعلا ما يسميه تطابقا هوياتيا بين ما يفهمه الانسان من قضية ما "السرقة مثلا " او ما يستطيع الانسان ان يتموقف فيه "حينما يتعلق الامر بالدفاع عن حق او المطالبة به ".
ينتج عن هذا ان الانسان لا يعرف فعلا ما الاسباب المتحكمة في قناعاته الشخصية و منطلقاته الايديولوجية و حتى انتماءاته الحركاتية او السياسية ... لست أقر فعلا بان مجال اللاشعور مسؤول عن الاختيارات الهوياتية، ولكن اود لو لوحت الى اهمية هذا الجانب.
قلنفترض مثلا لا حصرا ان مراهقا كان ينتمي لمجموعة راقصة من فرق "الهيب هوب " و حدث ان واجه هذا المراهق ضغوطات تلزمه بالابتعاد عن هذه المجموعة، و بدا ان المراهق بعد مقاومة عنيفة اذعن لهذا الخيار و ابتعد عن هذه المجموعة؟
هل من السهل ان نعتقد فعلا بان كل الرغبات التي لم ستطع تحقيقها مع المجموعة عرفت طريقها الى الاختفاء و التلاشي؟
لن يمضي الامر مع الاسف بهذا الشكل ومن هنا اود لو وضحت الامر قليلا في مستواه المنطقي، لعل جملة من التصرفات و التفاعلات و انماط التكلم و الكتابة و التفاعل و اشكال الكتابة الخطية و نسقية الافكار و اللباس علاوة على فيزيزيونوميا هذا المراهق سوف تاخذ بشكل لا شعوري معبرة عن الاحباط كل هذه الاشكال بل قد يحدث ان نصادف هوية المراهق مشتتة او مثل زربية تعج بالالوان المليئة بالحياة.
ينتج عن هذا ان كل افعالنا و قناعاتنا و خياراتنا و افكارنا و انماط تصرفنا و سلوكنا تاخذ نصيبها الاوفر من جانب اللاشعور الذي يعتبر مقبرة لكل الافعال المكبوتة لا سواء منها التي تقبل الممارسة في الواقع او تلك التي يقتضي تنظيمها مع مبدأ الواقع.
كيف تستطيع اللغة اذن أن تفرز لنا هويات اجتماعية و ضمائر جمعية سواء واعية او غير واعية *فهذا بعثي، و هذا لينينيٌّ و ذاك ماركسيٌّ فيما الاخر اسلامي، أو مسلم؟
فكرت لوهلة في ذات السياق الذي قال بصدده المفكر المغربي و الكاتب عبد الفتاح كليطو: لست اذكر من قال و لكم كنت اود ان اكون صاحب القول: أننا ضيوف اللغة؟
ان اللغة تتلبس بنا و تسكننا كالمارد مثلما ان اللغة تسكن أيّما وجود.
نقول باللغة و نلبس باللغة و نقتات باللغة و بموجبها نمارس السلطة، و بها نقول السياسة و القانون و الفلسفة و الدين و الشريعة و كل نواحي الحياة الاجتماعية؟
لا يمكن بهذا المعنى ان نتحدث عن هوية بدون لغة، فاللغة تصنع الهوية و تحددها؟ والا من السخف ان نتحدث اجمالا عن مجتمع بدون لغة، لانه لاوجود لمجتمع بدو هوية؟ او حتى هويات متواشجة او متعارضة فيما بينها؟
ولكن، هل نستطيع الجزم بان كل المجتمعات الثنائية اللغة او الرباعية اللغة يستطيع افرادها تحقيق هوياتهم الاجتماعية؟ و الى أي هوية يجب ان ينتموا لتحقيق وجودهم؟ هل وفق ما تمليه اللغة؟ و هل هناك دوافع اخرى قد تتدخل في تحقيق الهوية او قمعها؟
سوف نتعرض لبقية الاشكالات و القضايا و الاجابات المقترحة في وقت لاحق بحول الله.
بانتظار تفاعلكم؟
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[25 - 02 - 2010, 11:17 ص]ـ
أظن أن دور اللغة في التشكيل متقدم؛ إذ يبسط الطريق و يجهزه و يرتبه للثقافة. فالثقافة كما ذكرت دكتور مظلة كبيرة جدا لأشياء عديدة.
الهوية تتحور بوجود ثقافة قد تكتسب في مواطن معينة دونما اللغة، و لكن اللغة السبيل لانتقالها كاملة و من ثم تأثيرها.
بينما في مراحل متأخرة تكون اللغة مساعدا مهما في تثبيت هذه الثقافة أو تغييرها.
¥