تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الاتساق النصي]

ـ[عفاف صادق]ــــــــ[28 - 12 - 2009, 09:47 م]ـ

الاتساق النصّي

دراسة تطبيقية

ــ د. عبد الجليل غزالة – المغرب

طرح الإشكالية

ما الوسائل اللغوية التي يستعملها القاص الليبي زياد علي لتسطير كيفيات الاتساق النصي داخل مجموعته الحكائية التي تحمل عنوان (الطائر الذي نسي ريشه)؟ هل تستطيع المفاهيم الغربية المنظمة لألسنية النص تحديد اتساق الخطاب الأدبي عند المؤلف؟

الإطار النظري:

تدرج ألسنية النص والخطاب وكذلك قطاعاً نحو النص وتحليل الخطاب. مصطلح الاتساق النصي في العديد من بحوثها الأساسية ..

نوظف مصطلح الاتساق النصي في دراستنا الحالية لتحديد التماسك المتين بين الأقسام اللغوية المكونة للخطاب الحكائي الذي ينجزه زياد علي من خلال (الطائر الذي نسي ريشه) يقوم اتساق النص الحكائي على بعض الوسائل اللفظية التي تربط بين العناصر اللغوية البانية لجزئيات الخطاب المتلاحم داخل هذا العمل الأدبي.

سيقطع عملنا طريقا خطياً مترابطاً منذ البداية حتى النهاية، بغية وصف النصوص التي تخلق هذه المجموعة، وتحليل الضمائر والإشارات المحلية والإحالات (سابقة ولاحقة) كما سندرس أدوات الربط والعطف والاستبدال والحذف والوصل والتوظيف المعجمي للكلمات القابعة داخل هذه الحكايات.

والحقيقة أن مقاربتنا الألسنية ستبقى قاصرة عن بناء موضوع الخطاب الحكائي والبنية الكلية للإنتاج الأدبي الذي يقدمه زياد علي. فالظاهرتان تحتاجان إلى مقاربة خارجية، أما ممارستنا الحالية فستكون داخلية خالصة تبرز مظاهر الاتساق النصي أن كل إبداع أدبي يجسد لحمة خطابية موحدة، في حين أن غيابها فإنه يقصي هذا الاتساق ويدخل النص في دائرة العدم: أي وجود جمل مفككة ومبتورة. يشترط الاتساق النصي على كل مقطع لغوي خلق كلّ موحد، تتوفر فيه "خصائص معينة تعتبر سمة في النصوص ولا توجد في غيرها، ولا يقف الاتساق النصي عند المستوى الدلالي فقط، وإنما يتوغل أيضاً داخل مستويات أخرى مثل النحو والمعجم. وهذا مرتبط بتصور الباحثين للغة باعتبارها نظاماً يملك ثلاثة مستويات: الدلالة (المعاني)، النحو والمعجم (الأشكال) والصوت والكتابة (التعبير). يعني هذا التصور أن المعاني تتحقق كأشكال والأشكال كتعابير ... ) (1).

يهتم الاتساق النصي بالعلاقات الموجودة بين أقسام الخطاب الأدبي، لكي يحدد مجموعة من الوسائل والمظاهر التي تربط بين عنصرين لغويين: عنصر لاحق وآخر سابق.

الاتساق النصي في (الطائر الذي نسي رئيسه):

يرتكز الاتساق النصي عند زياد علي في هذه المجموعة الحكائية على عدة وسائل ومظاهر لغوية محددة تنسج البنى الداخلية بكل علاقاتها ووظائفها. نذكر من بين هذه الوسائل: الإحالة، الاستبدال، الحذف، الوصل والاتساق المعجمي.

1 - الإحالة:

يطلعنا التحليل الألسني الخطابي أن مؤلف هذه المجموعة الأدبية يوظف عدة إحالات لغوية تبرز أن العناصر البانية للنصوص لا تستطيع بمفردها تأويل الخطابات الداخلية، بل لا بد من الرجوع إلى ما تحيل إليه مثل بعض الضمائر الوجودية المنفصلة والمتصلة وضمائر الملكية والنسبة وكذلك أسماء وظروف الإشارة الزمكانية وأدوات المقارنة (كمية وكيفية) ..

يحكم زياد على نسج إحالاته اللغوية المشكلة لخطابات (الطائر الذي نسي ريشه) بواسطة نوعين من الضمائر:

1 - 1 - ضمائر وجودية منفصلة: (أنا، أنت، هو، هي، نحن، أنتما، هما، هم، هن)

تنتظم هذه الضمائر داخل عدة صفحات من هذه المجموعة الحكائية. نجد في ص9: " .. وشربت ماء لا هو من الأرض ولا هو من السماء". فالاتساق النصي ينطبق هنا من الجملة الثانية المحتوية على الضمير المنفصل (هو) الذي يحيل إلى الكلمة السابقة (ماءً) المقيمة في الجملة الأولى.

إن هذه الإحالة تجعل الجملتين متسقتين نصياً وتمنع تكرار بعض الكلمات التي يعوضها الضمير المقيم في الجملة الثانية. ولذلك نقوم بتأويل الجملتين (الأولى والثانية) باعتبارهما لحمة متحدة تبنى نصاً أو جزءاً منه، تبعاً للطول والقصر. يتوالى نظم زياد علي للاتساق النصي داخل (الطائر الذي نسي ريشه) بالضمائر عينها. وهكذا نصادف الأمثلة الآتية في ص12 (أما الماء الذي شربه وهو ليس من الأرض) وفي ص23: (وهو يحادثه في شأن الإفراج .. ) والصفحة 45 تبرز لنا الضميرين الوجوديين المنفصلين: (أنا/أنت) من خلال المقابلة: (أنا أفقرته، وأنت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير