[ما معنى إشكالية المصطلح في الأدب المقارن؟]
ـ[آسية24]ــــــــ[06 - 01 - 2010, 10:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين السلام عليك ورحمة الله وبركاته ما معنى إشكالية المصطلح في الأدب المقارن؟ وما هي المراجع التي تعالج الموضوع؟ وما هي الخطة المتبعة لإنجاز هذا البحث من فظلكم
ـ[سوسنة القلب]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 02:26 ص]ـ
إن مفاتيح العلوم مصطلحاتها, ومصطلحات العلوم ثمارها القصوى, فهي مجمع حقائقها المعرفية, وعنوان ما به يتميز به كل واحد منه عما سواه, وليس من مسلك يتوسل به الإنسان إلى منطق العلم غير ألفاظه الاصطلاحية، والمصطلح: يمثل العملة التي بدونها لا يمكن أن يتم أي تبادل منظّم (1).
والمصطلح أي مصطلح، ينتمي دون ريب إلى المنظومة الفكرية والفلسفية للمحيط الذي يولد فيه، ويكتسب مناعته وخصوصيته من طبيعة اللون المعرفي الذي يقتضيه ويلتزمه (2).
وقد لخّص الدكتور علي القاسمي في كتابه "مقدمة في علم المصطلح" صفة المصطلح الجيد بشرطين هما:
1 - تمثيل كل مفهوم بمصطلح مستقل.
2 - عدم تمثيل المفهوم الواحد بأكثر من مصطلح واحد (3).
فالتساهل في تحرير المصطلحات وضبط ما تدل, يولّد كثيرا من الجدل يماثل الجدل البيزنطي في القديم، ولعل أقرب مايدور في الساحة من هذا الجدل, الجدل الدائر في تحرير مصطلحات حقل العلوم الإنسانية, وبالذات حقل النقد الأدبي, الذي تداعت له المؤتمرات والندوات الواحدة تلو الأخرى, بحثا عن مخرج من هذا التخبط, الذي يجعل المفهوم الواحد له عشرين مصطلحا, كمصطلح اللسانيات الذي هو مرادف لمصطلح (علم اللغة، فقه اللغة، اللسانيات، علم اللسان، علم اللسانة، والألسنية).
إن من يحاول أن يقرأ في الكتب النقدية الحداثية يخرج بنتيجة واحدة, هي الشتات والتشظي والاضطراب؛ بل يجد نفسه تذوب في الهم والحزن من عدم فهمه لما يكتب، مما جعل الناقد الأدبي شكري عياد يقول: "إن مستخدم هذه الكلمات النقدية الغامضة يصبح أحيانا مسخا، وفي أحيان أخرى يرى الغموض الذي يصيب هذه الكلمات هو غموض متعمد يقصد منه الاستعلاء الثقافي, فيظل مستخدمها متأرجحا بين موقعين, فلا هو ظل على ثقافته، ولا أصبح الآخر (4).
ولذلك نخشى أن ينتقل موت المؤلف إلى المتلقي والقارئ حين يغرق الناقد في هذا النمط من الإيهام.
ومحاولة للمعالجة ولرأب الصدع, نسمع بين الحين والآخر أصوات تنادي بإشكالية المصطلح النقدي, وأن اللغة العربية لم تعد قادرة على مواكبة العصر، فقد أصيب رحمها بالعقم عن توليد مصطلحات جديدة، حتى نادى مناديهم إلى تفجير اللغة، فاللغة التي بقيت قرونا تضخ المصطلحات قد أصابتها الشيخوخة والخور!!!
ومن العجيب أن هذه الإشكالية نفسها التي نتذمر منها ليست مقصورة على العرب وحدهم, وإنما نلمحه بنفس القدر -وربما بقدر أشد عند غيرهم- فقد ذكر جاكسون (5) في مراجعته لترجمة بعض المصطلحات الخاصة لسوسير من الفرنسية إلى الإنجليزية على أيدي مترجمين مختلفين، كيف يخطئ بعضهم المعنى أحيانا ويصيبه أحيانا" (6).
فالملاحظ أن النقاش عند نقادنا العرب يدور حول السطح ولا ينفذ إلى العمق، غاضين الطرف عن الأزمة الحقيقية, فقبل أن نمارس جلد الذات لابد من فهم الفكر الوافد والدخيل, بدلا من استعارته كما هو دون وعي وتحليل.
فالتطورات في الفكر الغربي خلال القرنين الماضيين قد تسببت في ضمور علوم وظهور غيرها؛ بل وتداخل علوم كانت في السابق مستقلة، ومع هذا التصاعد والهيجان العلمي، ومحاولة عدم الإبقاء على الثابت؛ بل وهز أركان هذا الثابت, أصبح لدينا عقل يؤمن بضرورة النقد لجميع الظواهر, وظهر لدينا علم يحمل هذا الاسم "النقد الأدبي الحديث" (7).
والمتأمل في الاسم يبدو له أنه علم يحصر اهتماماته داخل النص الأدبي ولكن الواقع- كما سأشير- يثبت بأنه بدأ كذلك ولكنه انتهى إلى أنه أصبح شعار الفكر الغربي في ثورته العارمة، فقد تجاوز النقد الأدبي حدود النص إلى جعل كل العلوم داخل النص, وصارت فلسفة الغرب هي فلسفة النص بعد ضمور الفلسفات السابقة، وأصبح لقب الناقد مرادف للمفكر والفيلسوف كما في شخصية رولان بارت وميشيل فوكو وانتهاءا بجاك دريدا.
¥