تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرية معنى المعنى أو المعاني الثواني]

ـ[عصام محمود]ــــــــ[08 - 10 - 2009, 12:45 م]ـ

نظرية معنى المعنى بدأ الحديث عنها في العصر الحديث في كتاب معنى المعنى للدكتور ريتشاردز صاحب كتاب مبادئ النقد الأدبي والعلم والشعر، وهناك نسخة من هذا الكتاب في مكتبة جامعة القاهرة، وقد تحدثت عنها بشكل سريع في رسالتي للماجستير المقدمة لجامعة حلوان بعنوان نص اللذة ونص المتعة في التراث النقدي العربي الفصل الثاني المبحث الثاني.

ونظرية معنى المعنى تتعلق بشكل كبير بالبحث في وظيفة الشعر،وهل من وظيفة الشعر تحقيق فائدة معينة أم أن الغرض منها هو المتعة الجمالية فحسب، فالأدب بشكل عام ليس من وظيفته توصيل معلومة أو خبر وإنما يمثل رؤية الأديب للمواقف أو كما قال لوسيان جولدمان هو رؤية العالم من منظور المبدع، فالأديب ليس معنيا بتقديم الخبر أو المعلومة فهذه ليست وظيفة الشعر، ومن هنا فالمعنى الذي تحمله الجملة عند الأديب يختلف تمام الاختلاف عن الجملة نفسها عند غيره، فإذا قال شخص ما:شرب الولد الماء فهذه جملة طبيعية لكنه لو قال شرب الولد الحزن فهذا الانحراف في اللغة يمثل صورة مبسطة لفكرة الأدب، ومن هنا فالأديب لا يقصد المعنى الأول الناتج من الجملة لكنه يقصد معنى آخر هو الأدب وهذا المعنى الثاني هو ما يعرف بمعنى المعنى.

وهذا جزء من حديثي حول هذا الموضع في رسالتي للماجستير المذكورة آنفا:

• ومعنى المعنى: وقد أولاه عبد القاهر أهمية كبيرة في النص الشعري؛ ولذلك عني بالحديث عنه وتوضيحه بقوله:"وإذ قد عرفت هذه الجملة فها هنا عبارة مختصرة، وهي الغرض، المعنى ومعنى المعنى، تعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ، والذي تصل إليه بغير واسطة، وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ معنى، ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر" () وبين عبد القاهر الجرجاني أن الغموض يكون في المعنى الثاني غير الحقيقي، ويقصد به المستوى الفني الجمالي الذي يتمثل في العمل الأدبي ولا فرق في هذا أن يكون العمل الأدبي شعراً أو نثراً فيقول:"الكلام على ضربين: ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده وذلك إذا قصدت أن تخبر عن زيد مثلاً بالخروج على الحقيقة فقلت خرج زيد وبالانطلاق عن عمرو فقلت: عمرو منطلق: وعلى هذا القياس. وضرب آخر أنت لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ولكن يدلك اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض، ومدار هذا الأمر على الكناية والاستعارة والتمثيل" ().

ولا يفضي مفهوم معنى المعنى إلى مستوى واحد من النصوص لكنه في داخله يختلف في التأثير تبعا للدلالة التي يحملها المعنى الثاني، وهو يلمح دائماً أن معنى المعنى" يقوم على مستويات متفاوتة في الدلالة والتأثير معاً، بنظرة عميقة شاملة تدل على عمق نفسي فكري في آن، وحسبنا أمثلة منه ذات صلة وثيقة بالمنهج النقدي" ()، وذلك أن إحدى العبارات إذا تشابهت مع مثيلاتها فيكون المعول عليه فيها هو مقدار التأثير الذي تحققه العبارة عن الأخرى إذ"لا يكون لإحدى العبارتين مزية على الأخرى حتى يكون لها في المعنى تأثير لا يكون لصاحبتها. فإن قلت: فإذا أفادت هذه ما لا تفيد تلك فليستا عبارتين عن معنى واحد بل هما عبارتان عن معنيين اثنين" ()، ولعلنا هنا نقف على ما قدمه عبد القاهر والذي أكده في العصر الحديث الكثير من النقاد مثل ريتشاردز وخاصة في كتابه (معنى المعنى) ()، وقد قال الدكتور حمودة في مصطلح (معنى المعنى) عند عبد القاهر"إن الريادة الحقيقية لعبد القاهر الجرجاني تتمثل في جانب كبير منها في تقديمه لمصطلح مألوف في الدراسات اللغوية والأدبية في القرن العشرين هو معنى المعنى" ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير