مجالس نقدِيَّة
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 08:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[1]
حوارٌ بين نساء في بيتِ شِعر للخنساء
هذا حوارٌ من روايةٍ تاريخيَّةٍ صاغَهَا الأديب البارع واللغويُّ المتمكن: علي الجارم.
أرادت وصيفةٌ أن تعزّي مخدومتَها في وفاة زوجِها، فاستشْهَدَت بقول الخنساء في رثاء أخيها صخر:
ولولا كثرَةُ الباكين حولي**على قتلاهمُ لقتلتُ نفسي
وما يبكون مثلَ أخي ولكن**أعزّي النفسَ عنه بالتأسّي
(التأسي: مصدرُ تأسّى، أي تعزَّى وتصبَّر).
فقالت المفجوعة ببعلها: هذا أعجبُ ما قيل في العزاء. إنَّ الحزينَ الذي يتسلَّى عن مصائبِهِ بمصائب غيره لمأفونُ الرأي سقيمُ العاطفة. والنفسُ التي تهدأ للكوارث تحُلّ بسواها، وتستريح في نكبَتِها لأصواتِ النادبات وعويلِ الباكيات ثم تنسى النارَ التي تلتَهِمُ دارَها لأنَّ لهيبَها اندلع في كلِّ دار، لنفس شريرةٌ حقود ..
فردَّت الوصيفةُ: ليس الأمر كما تظُنِّين يا سيِّدَتي. وإنما هي طبيعة الإنسان تعبِّرُ عنها الشاعرة، فالحزين يتأسَّى بالحزين، والغريبُ يُسْعِدُه الغريب. وقد طُبِعَت النفس على أنْ تسْتَهِينَ بمُصَابِها عند نزولِ المصائبِ العظام والفوادحِ الجِسام، وقد يَقِيسُ المرء مصيبَتَهُ بمصيبةِ غيرِه فيحمد الله على السّرَّاء والضرَّاء.
[علي الجارم: سلاسل الذّهب (روايات تاريخيّة): ص 10].
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 09:01 م]ـ
[2]
(الشمس تُقبِّل وجنة حبيبتي)
جاء أحد الشعراء (النظامين) إلى منزل الشاعر عبد الله البردوني زائرا، وفي أثناء الحديث أراد الشاعر أن يلفت انتباه البردوني فقال: لقد اتجهتُ أخيرا وعن قناعة إلى كتابة الشعر الحديث!! وأسمعه بعض مقاطع، كان منها مقطع يقول: (الشمس تُقبل وجنة حبيبتي)! فقال له البردوني: يا عزيزي ليس في ما أسمعتني أي جديد.
فقال الشاعر: (الشمس تُقبِّل وجنة حبيبتي) هذه صورة فنية حداثية إبداعية!! فرد عليه البردوني: ليس في هذا أي جديد، فالشمس تقبل حتى وجنة الكلب!.
[المصدر: موقع دار ألواح].
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 09:29 م]ـ
[3]
بين الصاحب وابنِ العميد في بيتِ شِعر لابن الرومي
يُحْكَى أنَّ بعضَ الناسِ حينَ سمِعَ قولَ ابنِ الرُّوميّ بحضرة الصاحبِ ابن عبَّاد:
بِجَهْلٍ كَجَهْلِ السَّيْفِ والسَّيفُ مُنْتَضَى ** وحِلْمٍ كحِلْمِ السَّيْفِ والسَّيْفُ مُغْمَدُ
استَهْجَنَه لِمَا فيه من التَّكرار، فقال الصاحِبُ: إنَّه لو قال «وهو»، لا أقولُ: إنَّه ينكَسِرُ البيتُ، ولكن أقول: إنَّه ينكسِرُ القلب.
قال المرصفي: يعني أنَّ حُسْنَ هذه العبارة من الجهة التي منها الاستهجان؛ فإنَّ الغرض تربية الروعة وإبقاء الاستهالة متزايدة في نفوسِ الأعداء. ألا ترى أنَّك في مقامِ التهديد تُكْثِرُ مِن ذِكْرِ المرهوبات، كما أنَّك في مقام التَّبشير وبَسْط النفوس تُكثر من ذِكر المرغوبات.
[الوسيلة الأدبية: 2/ 67، ط: الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991م]، وانظر القصةَ بسياق أتم في: [دلائل الإعجاز للجرجاني، تحقيق محمود شاكر: 554، 555].
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 11:50 م]ـ
مرحبا بعودتك أستاذ ناصر لدوحة الفصيح.
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[05 - 01 - 2010, 10:08 م]ـ
بارك الله فيكم.
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[10 - 01 - 2010, 08:59 م]ـ
قرأت ما كتبتما، وحياكما الله وبارك فيكما.
ـ[أبوعرابي]ــــــــ[18 - 01 - 2010, 05:16 م]ـ
أشكرك, فأنت صائد اللطائف والفوائد.
ـ[مائى]ــــــــ[24 - 01 - 2010, 11:11 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذ ناصر الكاتب.
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[25 - 01 - 2010, 03:40 م]ـ
ما أروع الحس وحسن تنقية الاختيار منتظرين المزيد من سيادتكم