تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأديبـ]

ـ[ملفي الرويس]ــــــــ[20 - 04 - 2009, 01:42 م]ـ

الأديب

يبحر الأديب في محيط المشاعر والخيال، فينشد الشعر ويمتثل الأمثال، صباحه كد وترقب وليله ترجمة لما مر به في نهاره السعيد أو ... ، الأديب يصور الطبيعة وجمالها، والذاكرة وخيالها، سريع البديهة، مرهف الشعور، نابه الحس، كريم الأخلاق، قد أثرت فيه صناعة الأدب، فركض خلفها ردحا من الزمن يقاسي المحن والإحن، حتى أصبح ذلك الأديب الذي يشار إليه بالبنان.

كانت العرب تولي الأدب جانبا عظيما من التقدير و الاهتمام، فها هم أولاء معلمو الحلقات والعلوم الإسلامية يقال لهم المؤدبون في الأزمنة الأولى، فحينما يبلغ الطفل سن التمييز يدفعه أبوه إلى مؤدب يؤدبه، ووظيفة هذا المؤدب هي تعليم الطفل القرآن وحفظه ثم الحديث ثم أشعار العرب، ألّف عالم النحو الأخفش كتابا أسماه الاختيارين، هذا الكتاب جمع فيه بضعة أشعار من الجاهلية وصدر الإسلام من عيون الشعر العربي بما فيها المعلقات، جمعها لأبناء الخليفة المهدي، وهكذا اعتنى العلماء الأوائل بهذا الفن من فنون المعرفة، إلا أنهم كانوا لا يقدمونه على القرآن أبدا ولا الحديث في الغالب، بل هذان المصدران هما الأصل ثم يأتون بالفرع، ذلك أن العُقد قبل الملح، وأظنها واضحة لمن لدلو العلم متح، ولو شيئا يسيرا، ولكي أوضح أكثر هل تتناول الحلا قبل الدسم؟ لا شك أن الدسم أولا ثم الحلا ثانيا، هنا تكون الوجبة سارت بالاتجاه الصحيح.

عموما لا بأس بالتنقل في ثنايا الكلام، فالحديث ذو شجون، أذكر مرة أني قرأت لأديب من الأدباء بل من كبار الأدبا، وهو عبد الملك الأصمعي أنه جلس في مجلس للرشيد هارون، وكان من ضمن الحضور وزراءه البرامكة

وكان هؤلاء البرامكة ليسوا على ديانة سوية، فكأنهم بدر منهم شيء من الاستخفاف بأهل الحديث أو شيء من هذا القبيل، فارتجز الأصمعي قائلاً: إذا ذكر الشرك في مجلس **** أضاءت له وجوه بني برمك

نروي الحديث عن المصطفى **** ويأتون بالأحاديث عن مزدك

وقبل أن أنسى .... من هو الأديب الذي يستحق هذا اللقب؟؟؟؟؟.

اشتهر عند بعض الناس أن الأديب هو من يجيد سرد الروايات الغرامية، والقصص الخيالية، والمقطوعات الرمزية، وعند آخرين أن الأديب هو الجريء على المسلمات والثوابت في كتاباته الحداثية، أو إنتاجه الفكري، تغير في الطرح، تغير في التفكير، تغير في ألوان النص، ولو كان عريا من النحو ومن مفردات اللغة الأصيلة، والأساليب البلاغية، وأنماط الأدب القديم.

هذا للأسف الأدب عند كثير من هواة الأدب بل وبعض الأدباء أنفسهم، بينما الحقيقة خلاف ذلك، فالأدب الذي اهتم به العلماء واستحبوه، وأثنوا عليه واستطابوه، هو ما سبق أعلاه، وهو ما يسمى بالأدب الإسلامي، هذا هو الأدب الحقيقي، ثراء في المعلومة، ثراء في اللغة، ثراء في الفكر، فيه شحذ للذهن، فيه إقامة للسان، تعين على فهم القرآن، وهذا هو الأساس.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير