تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رؤية نقدية في رواية أحلام مستغانمي (رمزية الموت)]

ـ[سوسنة القلب]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 02:20 ص]ـ

تقول أحلام: " البكاء على الأديب نوع من المهزلة التاريخية، وتكريم الكاتب، هو في السماح لروايته أن تجتاز الحدود ".

هل ذاكرة الجسد رواية؟ أم مقالة؟ أم خواطر وذكريات وانفعالات؟ أم خطاب سياسي؟ أم قراءة نقدية ورؤية فلسفية؟.

إنها هذه المواد كلها في لحظة تاريخية واحدة.

بداية الرواية: ملك استملك الجزائر وأمم المال والبشر.

ونهايتها: كاتب امتلك ذاكرة، ورؤوس أقلام، ورؤوس أحلام.

بين البداية والنهاية قامت أحلام مستغانمي بصناعة أبطالها من الذاكرة الشعبوية، والمتخيلة التاريخية، والواقع المعاش وتجربتها الذاتية. وشكلتهم من طقسها، الممثل لذاتها ولروحها ولنفسيتها ولمزاجيتها.

نقرأ في الرواية، وطناَ يطلب من مواطنيه تأدية واجباتهم. ويهمل حقوق المواطنة. ويركّز على الإعلان والاستهلاك والمنفعة.

وطناً معطوباً، ترك في المعارك ذراعيه، وفي المدن المعلّبة قلبه.

وطناً من الورق، ينتج مبررات الموت.

وطناً يطلب تأشيرة خروج سفر جماعية.

وطناً يتماهى في امرأة، وامرأة تتماهى في وطن، فهل الوطن هو امرأة؟ أم هل المرأة هي الوطن؟

في الوطنين، وطن الطفولة ووطن المنفى، تعيش الأنوات الاغتراب والاستلاب.

الرجل المحارب القديم المعطوب في المعارك، لاقى احتراماً خلال سنوات الاستقلال الأولى، ولكنه لم يعد محترماً في السنوات اللاحقة.

في رواية " ذاكرة الجسد " سيطرت المواقف الانفعالية، انفعالية المؤلف والقارئ وشخوص الرواية.

تكلمت أحلام بصوت الذكر ونيابة عنه، وفهمته أكثر مما فهم ذاته وواقعه.

نرى أبطال ذاكرة الجسد، راكدين وديناميين، أحراراً ومقعدين، شريرين وخيرين، متسامحين ومتشددين، جسورين وجبناء، ملتزمين ومنفلشين، عسكريين ومدنيين، متفائلين ومتشائمين، وصوليين وعلمانيين، ملائكة وشياطين.

وهم أبطال كالشعوب ((نهبتهم الأوهام والأحلام المعلّبة من السعادة المؤجّلة)).

أبطال الرواية، لهم ذاكرة حب وكراهية وانتقام.

يمارسون نشاطاً اقتصادياً مركباً. ويأخذون الناتج الفائض، وفائض القيمة، ولا رادع يردعهم عن تخمتهم السلطوية والمالية.

الوطن في الرواية يدخل سن اليأس الجماعي، ويعيش مواطنوه الملل والضياع والرتابة.

أبطال رواية ذاكرة الجسد هم واقعيّون، يصعدون ويهبطون، ويعشقون الوطن على شكل صبية، وصفقة، ومزرعة خاصّة بهم.

وهم متهورون وعقلاء، ساديون ومعافون، بسطاء ومركبون. ويمثلون حماقة الشباب والثورات. وهم أبطال ملهاة ومأساة، ولهم ذاكرة وبعضهم بلا ذاكرة. ويتكلمون العربية والفرنسية. ويصنعون أفكارهم وأحلامهم من الذاكرة والمتخيلة التاريخية. وخلقوا للحياة وللشهادة. وهم جبابرة وأقزام، أخلاقيون ومكافيلليون، طيور حرّة ومدجّنة.

في ذاكرة الجسد، تحترم المرأة كوعاء للجسد لا كوعاء للفكر.

تقول أحلام: ((هات امرأة، وخذ ما تشاء، إنهن مناضلات، ولكن بأي عضو على التحديد ناضلن؟

هذا زمن حقير، وإذا لم ننحاز إلى القيم سنجد أنفسنا في خانة القاذورات ومزابل التاريخ)).

أبطال الرواية سعداء بالوهم وبالحقيقة. ويموتون مخيرين أو مكرهين.

وبعد سنوات الاستقلال بقليل، بدأ وطن الاستقلال يقرّب المعطوبين في وطنيتهم لاستلام مناصب قيادية، ويبعد المعافين في وطنيتهم عن مراكز السلطة والاحترام.

تقول أحلام: ((المرأة التي هي على شاكلة الوطن، أحبّها السّرّاق والقراصنة، وقاطعوا الطريق، ولم تقطع أيديهم، ولهم كل شيء، وحدهم الذين أحبوك دون مقابل، أصبحوا ذوي عاهات)).

وفي الرواية يمتزج التخييل بالواقع، ويصعب الفصل بينهما.

وتشكلت البورجوازية المحلية السلطوية ((من العمولات والصفقات. وتناوب على السلطة السّرّاق كباراً وصغاراً، على مرأى من الشهداء الذين شاء لهم سوء حظهم أن يكون مقامهم مقابلاً لتلك الخيانة)).

ومدينة قسنطينة في ذاكرة الجسد، هي رمز للوطن وللسلطة، وتتعامل مع أبنائها بالوعود والوعيد، وتتصرف بحرية مطلقة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير