تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما يُسَمَّى بالسرقات الأدبية

ـ[ابن عبدالرحيم الصاعدي]ــــــــ[21 - 01 - 2010, 08:51 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

قضية السرقة الأدبية قضية أثارها النقاد وجعلوا لها باباً في تأليفهم، ولا يكاد يخلو شاعر – بهذا المعنى – من السرقة وهو ما يثير إشكالاً، فهل هذا لأن الشعراء العرب سُرّاق؟ أو أن المشكلة في النقد نفسه؟ وفي مفهومه للسرقة؟

لعل هذه القضية تطرح سؤال حول النقد لا حول الشعراء فكل الشعراء سُرّاق!!!!

أولاً: سرقة المعاني: من العهد الجاهلي عرف الشعراء أن المعنى مشترك بين الجميع، يقول عنترة:

هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّمِ أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ

ويقول كعب بن زهير:

ما أرانا نقولُ إلا رجيعاً ومعاداً من قولنا مكرورا

ففي عصر واحد نجد نفس المعاني لذلك قضية سرقة المعاني هي قضية مغلوطة فتجارب الحياة هي نفس التجارب التي يستمد منها الشاعر المعاني وهذا موضوع ثابت ومشترك، فشعراء عصر معيّن يشتركون في نفس الأسلوب ونفس المعاني ومن خالف هذا الأسلوب يكون غريباً في عصره، فيصعب جداً أن نجد معاني مبتكرة أو مبتكرة في الأسلوب.

ثانياً: سرقة اللفظ: من خلال أمران:

1 - المعنى المعجمي " المعنى المطلق " المعاني الأوائل المباشرة للكلمة في المعجم: هذا رصيد مشترك بين جميع من يستعملون اللغة.

2 - ولكن بعد الاستعمال تظهر المعاني الثواني و الثوالث والروابع و ..... ، وهذا يأتي بالتركيب والأسلوب فلكل شاعر أسلوب خاص به، يقول أحد الفرنسيين " الأسلوب هو الرجل " المعاني السياقية: قد تلاحظ عند نظرتك للمعاني الثواني أن بيت شاعر يشبه بيت شاعر آخر ولكن عند التأمل تجد أن كل شاعر قصد أشياء لم يقصدها الآخر، وهذا هو الإيهام بالسرقة، لأن الكلام رصيد مشترك " فهو ليس مالاً في جيبك ليسرق " ولكن الجميع يأخذون من الكلام المشترك فيغيرون صياغته بطريقة كل منهم، وفي المناسبات تبرز قضية السرقات كما قي " عهد المنافرات (النقائض) " كثُر الحديث بين الشعراء أنفسهم ولم يظهر النقد بمعنى الكلمة فالشعراء يتراشقون ويتهمون بعضهم بالسرقة من جملة العيوب التي يذمون بعضهم بها فهي تدخل ضمن الهجاء والنواقص التي يهجو بها الشاعر ُالآخرَ.

القرن الثالث:

أصبحت القضية "قضية نقاد" ينتجونها، ويدخل في إطار دخول جسم جديد في الثقافة العربية وهو جسم النقاد، فوجد النقاد مبرراً لكي يعطوا لأنفسهم سلطة على الشعر بعد أن كان الشاعر حراً يقيّم شعره فظهرت سلطة جديدة وفرضت نفسها، وأصبحت هي التي تجيز، مثل " سوق شيخ الصنعة فهو الذي يجيز أصحاب المهنة " وأصبح الناقد صاحب سلطة على الشعر.

في البداية كانت الخصومة (خصومة الشعراء) مع اللغويين مثل خصومة بشار بن برد مع أحد اللغويين، فقد أورد صاحب الأغاني القصة الآتية:

عن محمد بن الحجاج قال: جاءنا بشار يوماَ فقلنا له مالك مغتماً فقال مات حماري فرأيته في النوم فقلت له: لِمَ مُتَّ ألم أكن أُحْسِنُ إليكَ؟ فقال:

سَيِّدي خُذْ بي أتَاناً عند باب الأصبهانِي

تَيْمتني ببنانٍ وبَدلٍّ قد شَجَاني

تَيّمتني يوم رُحنا بثناياها الحسان

وبغُنْج ودَلالٍ سَلّ جسمي وبَراني

ولها خَدٌّ أسِيلٌ مثلُ خدّ الشيفرانِ

فلذا متُّ ولو عِشْتُ إذاً طال هوانِي

فقلت له: ما (الشيفران) قال: ما يدريني هذا من غريب الحمار فإذا لقيته فاسأله.

فظهر التوتر بين اللغويين وبين الشعراء، فكان أول شمل من أشكال النقد هو "سلامة اللغة" بمعنى أيتّبعُ الشاعرُ المقاييسَ اللغوية عند قوله الشعر أم لا؟

وفي القرن الثالث ظهر النقاد ووضعوا مقاييس أخرى أدبية ولغوية، وطرحوا من ضمن القضايا التي طرحوها "قضية السرقة" فوضعوا أنفسهم سلطة ووضعوا معايير فحاول الشعراء التخلص منها، وصاغ النقاد نظرية في السرقة وبوّبوها:سرقة في (اللفظ – المعنى – اللفظ والمعنى)

ومن ضمنها (الإغارة) وهي: أخذ اللفظ بأسره والمعنى بأسره، أو أخذ من الغير ونسبته إلى الذات. وهي لا تمثِّل قيمة فنية.

وذكروا كذلك (التضمين) تضمين بيت أو شطر، وله قيمته الفنية العالية ويعرف بالتضمين الفني.

فالسرقة الحرفية ليست لها قيمة فنية، وعندما تتشابه المعاني والألفاظ أو الصور تصبح سرقات وهي نوعين:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير