تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حسين هاشم شاعر يرثي نفسه قبل الممات]

ـ[أبو جواد]ــــــــ[01 - 02 - 2009, 11:29 م]ـ

حسين هاشم شاعر يرثي نفسه قبل الممات


اليوم عندما أتانا ذلك الخبر المؤسف وهو وفاة الشاعر الإنساني الكبير حسين هاشم رحمه الله وأدخله فسيح جناته

ومع أنني كنت أقرأ له كل إصداراته ومنشوراته التي تتوافر بين أيدينا

إلا أنني وبعد وفاته قرأت اليوم شيئآ جديدآ فهمت فهمآ جديدآ

ومع معرفتي بالعمق الإنساني الذي ينعم به الشاعر

وثقتي المطلقة بشاعريته النادرة وشفافية الروح الذي يتحلى بها وتتجلى في جل أعماله

ومع التأكيد على إحساسه العالي بمسؤوليته في الدفاع عن البؤساء والفقراء والمستضعفين في هذا العالم

إلا أنني لاحظت أمرآ مثيرآ ألا وهو رثائه لنفسه ... ! نعم كان الشاعر يعد عدته للرحيل الأبدي حيث الراحة والأمن والسلام والطمأنينة والعدل كل العدل الخير كل الخير

ألا يوحي لنا الشاعر بتلك الروح المتعبة النزقة بإعتدال بالموت

يقول في قصيدته المواكب

تتقاذفني , في هذي اللحظة: أمواج الموت المنصوب على الطرقات
أتقوقع, مثل محار البحر, أحاول أحمي جسمي الرخو بقوقعة صلبةْ
وأرافق في هذا الحزن الموروث قوافل موتايَ,
وأمشي في زحمات جنازات ترمي بالجثث المنفية للصحراء
يحملني حرّ الأيام إلى حتفي

لكن الشاعر يتمسك بالإيمان بالمبادئ بالخلق يقول بنفس القصيدة:

أتمسّك بالأسماء الحسنى,
ثم أغني مقهوراً , وحزيناً .. عن أطفال ماعرفوا أحلام طفولتهم
في هذا الزمن العربي المنهوب

هو أيضآ لاينسى هموم الأطفال الذين يجد فيهم البراءة ممزوجة بالخوف على مستقبلهم الغير مريح والغير مستقر في أوطان منهوبة من الكل ومن الجميع.

إلا أنه يذكرنا بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقه وعاتق المهمومين يقضايا الوطن والناس يقول:

يقتلني ظمأ حرّاق في هذا الصيف القاتل
والموت بفرّّق بيني, والماء: على صورة جند وسلاطين
ونواطير ربضوا في أطراف كروم الوطن العربي.

هي روح نزارية فجأة إمتدت لترينا المخاطر والمحاذير.

حتى الموت لم يعد طهورآ كما كان فالتجار المتزلفون باعوا وقبضوا ثمن كل شيئ يقول:

يامعشوقاً أحفر في قلبي ملجأه, فالأمكنة اتسخت
ملأتها أوساخ كلاب تنبح خلف قوافلك المسرعة إلى الضوء الورديّ,
إلى الورد البريّ الميت عطشاً
وبلادي

يؤكد هذا القول:

وطن: تسرق لقمته المجبولة بالدم ذئابْ
وتمزّق أحلام طفولته الأنياب
وطن تسرق هدأة غفوته المرجوّة في صدر الأحبابْ

بعد الحرب يحاكم المسؤول عن الهزيمة أما في بلادنا فيتقاسمون الغنائم يقول:

والتجار أفاقوا بعد سبات الحرب, تولوا تقسيم غنائمنا,
ثم اصطفوا .. بين حلوق عطشى, والماءْ

وهل تغيب رؤى الماضي والحاضر عن ذلك الشاعر المسؤول عن قضايا وطنه عن كرامته التي سلبت في فلسطين لنراه ماذا يقول:

ويملأ وجه فلسطين عمري, وأحمله في دمي: غابةً من حنين, وشوقْ
وأنّى توجهت أشتمّها في ثيابي , وخبزي

إذا هو الشوق حيث لافراق عنه ومنه أبدا.

هو لايستثني أحدآ من دم فلسطين يعبر ويقول:

أهربها دائماً عن عيون الخليفة:
< ... كان الخليفة يخطب باسمك في الجامع الأمويّ, وفي النجف العربيً,
وكل المآ ذن تلهج باسمك .. >

يظهر لنا حقيقة الواقع العربي المزيف بالقول:
فهم يلعقون جراحك بعد الطعان, ويبنون باسمك قصراً, ومئذنة
ثم في الليل يقتلعون حروفك من كتب الصبية الأبرياءْ

هو في خضم تلك المعمعة يستثني الشعوب من الهوان ويؤكد أنها أهل للطعان والنزال

يقول:

وعيتك عمراً, وحاربت, كنا جميعاً نحارب
كنّا,
ولكنّهم يقبضون لنا ثمناً, قبل أهزوجة الموت:
كنا نحبّ التراب
وهم يعشقون الذهبْ

يؤكد الشاعر مدى الإلتحام العربي بقضية فلسطين فقد أتاها الزاحفون المدافعون عن ترابها من كل مكان وزمان يقول:

من السهل حتى الجبال, وجئناك من بحرك المتوسط, من كلّ زاوية, مثل
غيم الشتاء النديّ, سقينا ترابك بالدم

يبين بأسى شديد وحزن رهيب المشهد العربي الذي رضخ للقرار بعدم الحرب وبالسلام المزيف مع مغتصبي الوطن فإكتفت الحكومات العربية بمراقبة ومنع المتوعين البواسل العرب من كل مكان يقول:

وكنّا جراحاً تروح, وأخرى تجيء, وجوعاً يقايض بالدم عري الصباح وكنا نموت من الطعن
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير