تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإسلامُ وَالمَذَاهِبُ الغَربِيَّة

ـ[د/علي اليعقوبي]ــــــــ[18 - 02 - 2010, 11:52 م]ـ

* الإِسلامُ وَالمَذاهِبُ الغربِيَّةُُ:

د/علي يوسف اليعقوبي

لَقَد اختَلَفَتِ الوَسَائِلُ، وَتَنَوَّعَتِ الأَسَالِيبُ التِي حَارَبَ الغَربُ بِهَا هَذَا الدِّينَ، مَا بَينَ حُروبٍ مُدمَِّرة، ومؤامراتٍ لم تتوقَّف يومًا واحدًا منذ بعثته (صلى الله عليه وسلم) وحتَّى يومِنَا هَذَا، ثُمَّ تفتَّقت عقلياتُهم عَمَّا يُعرفُ بالغزوِ الفِكريِّ، وَالتَّدميرِ الأَخلاقِيِّ، وَزَعزعةِ النَّاسِ فيِ ثَوَابِتِهم، وَمُعتَقداتِهِمُ الدِّينيَّةِ، وَالخُلُقِيَّة، وبَثِّ روحِ اليَأسِِ وَالقُنوطِ فيِ ضَمَائِرِهِم، وَذَلكَ مِن خِلالِ فَلسَفاتٍ وَنظريَّاتٍ وَمَذَاهِبَ؛ أَخلاقيَّةٍ، وَاقتصاديةٍ، وَأَدَبيَّةٍ.

وَإِنَّهُ لمِنَ المُفِيدِ أَنَّ نَعرِفَ أَنَّ هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ، وَالفَلسَفَاتِ، قَد جَاءَت تَعبِيرًا عَن أَحوَالٍ اجتِمَاعِيَّةٍ، وَنَفسِيَّةٍ خَاصَّةٍ، مَرَّت بِهَا المُجتَمَعَاتُ الأَورُوبِيَّةُ، يَقُولُ نِزَارُ قَبَّانِيُّ فيِ هَذَا الشَّأنِ "وَفيِ رَأيِي أَنّ أَزمَةَ العَبَثِ، وَالعَدَمِ، وَاللاجَدوَى، هِيَ أَزمَةٌ نَفسِيَّةٌ مُستَورَدَةٌ، لَهَا مَا يُفَسِّرُهَا فيِ الحَضَارَةِ الأَورُوبِيَّةِ المُتعَبَةِ، أَمَّا نَحنُ فَقَد نَقَلنَاهَا بِدُونِ تَحَفُّظٍ، وَدُونَ أَن يَكُونَ فيِ حَيَاتِنَا مَا يُبَرِّرُهَا، فَالقَرَفُ الذِي يَطغَى عَلَى آثَارِنَا الأَدَبِيَّةِ، لَيسَ (قَرَفًا عَرَبِيًّا)، وَإِنَّمَا هُوَ قَرَفٌ مِن صُنعِ فَرَنسَا .. ".

وَلِهَذَا .. يَجِبُ عَلَينَا "أَن نُدَقِّقَ النَّظَرَ فيِ كَيفِيَّةِ نَشأَةِ المَذَاهِبِ الأَدَبِيَّةِ عِندَ الغَربِيِّينَ، لِنَتَبَيَّنَ إِلَى أَيِّ حَدٍّ عَمِلَت إِرَادَةُ الأُدَبَاءِ، وَالنُّقَّادِ، فيِ نَشأَةِ تِلكَ المَذَاهِبِ، وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ سَبَقَ إِلَيهَا الأَدَبُ بِاعتِبَارِهِ وَسِيلَةً لِلتَّعبِيرِ عَن حَالاتٍ نَفسِيَّةٍ، أَو أَوضَاعٍ اجتِمَاعِيَّةٍ، تَتَغَيَّرُ، فَيَتَغَيَّرُ تَبَعًا لَهَا الأَدَبُ"، كَمَا يَتَعيَّنُ عَلَينَا أَن نَعِيَ جَيِّدًا، أَنَّهُ وَعَلَى الرَّغمِ مِن أنَّ "قَوَانِينَ أَدَبِ الغَربِ، وَمَدَارِسَهُ، لا تَصلُحُ لِلأدَبِ العَرَبِيِّ، إِلا أَنَّ هَذَا لا يَعنِي أَنَّهُ لا يُمكِنُ الاستِفَادَةُ مِن نَتَائِجِ العُلومِ الإِنسَانيَّةِ الجَدِيدَةِ فيِ دِرَاسَةِ الأَدبِ، وَنَقدِه. ِ.، وَأَن نَكونَ حَذِرينَ فيِ اختِيَارِ مَا هُوَ عَامٌّ مِنهَا، وَيَصلُحُ لَنَا، وَمَا هُوَ خَاصٌّ فَلا يُمكِنُ قَبُولُهُ، وَالقُدرةُ عَلَى هَذَا الاختِيارِ تَقومُ عَلَى المَعرِفةِ، فَعِندمَا نَتَمكَّنُ مِن مَعرِفَةِ مَا نُرِيدُ، وَطَبيعَة الأُمُورِ التِي نُرِيدُ؛ نَستطِيعَ أن نَختارَ بِشَكلٍ صَحِيحٍ .. "، فَهَذَا التَّلاقحُ الفِكرِيُّ، وَالتَّمحِيصُ، وَالتدقيقُ، مَطلبٌ شَرعيٌّ، حَرِصَ الإسلامُ عَلى تَطبِيقِهِ فيِ كُلِّ زَمَانٍ، وَمَكانٍ، فَالحِكمةُ ضَالَّةُ المُؤمِنِ، وَهُوَ – أيضًا – كَيِّسٌ فَطِنٌ، ذَلِكَ أنَّنَا نَعِيشُ فيِ عَالَمٍ مِنَ المُتَغَيِّرَاتِ، التِي لا يَحكُمُهَا ثَوَابِتُ مِن دِينٍ، أَو قِيَمٍ، أَو أَخلاقٍ، وَلِهَذَا .. يَجِبُ أَن نَكُونَ – نَحنُ المُسلِمِينَ – عَلَى قَدرٍ كَبِيرٍ مِنَ الفِطنَةِ، وَالذَّكَاءِ، وَالحَذَرِ، وَالوَعيِ، لِمَا يَدُورُ حَولَنَا، وَلِكَي "نُدرِكَ إِلَى أَيِّ حَدٍّ نَستَطِيعُ أَن نُفِيدُ بِإِرَادَتِنَا مِن تِلكَ المَذَاهِبِ، وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ لا نَستَطِيعُ تِلكَ الإِفَادَةَ، مَادَامَت ظُرُوفُنَا، وَحَاجَاتُنَا النَّفسِيَّةُ، وَالرُّوحِيَّةُ تَختَلِفُ عَنِ الظُّرُوفِ، وَالحَاجَاتِ التِي دَفَعَت إِلَى ظُهُورِ هَذَا المَذهَبِ، أَو ذَاكَ عِندَ الغَربِيِّينَ"، وَفيِ الحَقِيقَةِ أَنَّ الدُّكتُورَ مَندُورَ قَد لامَسَ الجُرحَ، حِينَمَا وَجَّهَ إِلَى ضَرُورَةِ الحَذَرِ وَالتَّبَيُّنِ، بِسَبَبِ مَا يُعَانِيهِ وَاقِعُنَا الثقَافِيُّ المُتَعَثِّرُ مِنَ انفِصَالٍ، وَانفِصَامٍ، "يَجعَلُنَا نَذهَبُ إِلَى القَولِ: لِنَترُكَ النَّقدَ العَالَمِيَّ لِمُبدِعِيهِ الآنَ، وَنُوَاجِهَ بِشَجَاعَةٍ، وَوَعيٍ، مُشكِلاتِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير