تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لدجلة والفرات هوى بنفسي يجل عن التصبر والتأسي

وهل لمضاعف الأشواق سلوى وفي الإصباح تغمرنا وتمسي

وما من مرفأ لسفين وجد تحط رحالها ولديه ترسي

حرام هذه اللقيا علينا وكل حظوظنا تذكار أمس

وما السين المكسورة في القافية إلا دلالة على الانكسار النفسي للشاعر وحزنه لما تعرض له العراق من ظلم على أيدي جلاديه وعملائهم

فيا من يستعين بسيف جور على الإخوان عدت بسوء تعس

فذا من باع للأشرار شعبا وهذا في الجلاد عظيم درس

إن ربة الشعر اختارت حسن متولي لهذا اللون التقليدي الذي وجد نفسه فيه، شأنه شأن كبار الشعراء في أزهى عصور الأدب، يقول الشعر ولا يرجو به نوالا من أحد إنما هو صدق العاطفة، ونبض الوجدان، وهو الذي عاش فترة في بغداد، واقترب من ثقافتها، وعايش شعبها وأحداث ملماتها حتى أنه اختصها في ديوانه بقصيدتين، وأعلن عن حنينه لها:

سلاما يا بلاد الشعر إني يحن إليه في بغداد طرسي

لم ينفصل حسن متولي عن قضايا وطنه والأحداث الكبرى التي تعرض لها الوطن وهذه غزة كان لها نصيب من شاعريته وحسه المرهف وهي تئن تحت حصار الترهيب والتجويع،فيقول:

أكتافنا زاد وماء عيوننا إن عز ماء النبع فهو الماء

وكذا القلوب فلا تضن بنبضها دفق المحبة فيضهن عطاء

وهو شاعر مسلم من الأشراف، ينتمي إلى الدوحة الهاشمية، منتسبا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول في قصيدته (شرف انتساب):

خرجت من التراب إلى السحاب بنيلك في الورى شرف انتساب

لدوحة هاشم لعظيم أصل فزدت من الكرامة في النصاب

وهل كمحمد شرف وأصل هززت إليه في شغف ركابي

هذا الانتساب أكسبه تلك الروحانية والنورانية التي تجلت في قصيدته (من وحي الحج)

يهفو إليك على الدوام فؤادي يا قبلة الإنعام والإسعاد

أسمى الأماني أن أفوز بركعة في البيت في الحرم الجليل النادي

يا لهف نفسي يوم أول ضمة للكعبة الغراء حضن فؤادي

قلبان: قلب للدنا ومعذب بالشوق قد جمعا بخير بلاد

هذا غيض من فيض، ينبئ عن صوت شعري يحق لنا الاحتفاء به في إصداره الأول، وإطلالته الأولي على الساحة الأدبية بديوان مطبوع، ولكن هناك بعض الوقفات النقدية والهنات اللغوية والعروضية، يجب أن ألفت نظر الشاعر إليها،ومنها:

1 - ميل الشاعر إلى النظم،وبعده عن الشاعرية في قوله:

يالهف نفسي والشجون هواطل كثر فلا حصر ولا تعداد

فكلمة (تعداد) بعد كلمة (حصر) لم تضف للمعنى شيئا إذ إن الحصر هو التعداد، والكلمة مجلوبة للقافية.

= توقف الجريان العاطفي، وانقطاع سريانه في قصيدة (لماذا الحزن)

حيث بدأ الشاعر قصيدته:

لماذا الحزن والدنيا تدور ولا ألم يدوم ولا سرور

وبعد واحد وعشرين بيتا عاد الشاعر للأسئلة نفسها، ولو أعاد الشاعر ترتيبها وأتى بها بعد البيت الأول لكان أجمل على هذا النحو:

لماذا الحزن والأطيار تشدو وفوق رؤوسها حكمت صقور

لماذا الحزن والأنهار تجري وكم بطريقها عرضت صخور

لماذا الحزن والأزهار تهدي برغم الشوك ما احتجبت عطور

لماذا الحزن والأقدار تمضي وفاز شكورها سخط الكفور

وعلى المستوى اللغوي وفي مستوى النحو

= يقول الشاعر: ... هذا البهيُّ كوكبٍ وقّاد بجر (كوكب) وحقها الرفع إلا أن يأتي بحر ف التشبيه الكاف ليستقيم الوزن ويبقى الجر.

= وفي قوله: ... سيزيد نارَ الشوق قدحَ زناد. بفتح (قدح) وحقها الضم

= ويقول: ... وهل طلبُ الكمالَ بها بصيرُ بضم (طلب) وفتح (الكمال) والسياق ينبئنا بأن كلمة (طلب) فعل ماض مبني على الفتح

= ... لِم لمْ توحدُ جمعكم نكبات. برفع توحد وحقها الجزم

= في ياسينية الشهادة يقول: يسُ هكذا بضم (يسُ والقرآن إنا معشر)

الأخطاء العروضية:

= الديوان يضم ثلاثا وعشرين قصيدة اعتمد في نظمها الشاعر على أربعة بحور، قصيدة من البسيط،وثنتين من المتقارب، وإحدى عشرة من الكامل، وتسع قصائد من الوافر، وهذا دلالته عندي أنه يجيد السباحة في هذه الأبحر، أو أن موضوعات القصائد فرضت عليه ذلك.

= وقد اتضح لي تداخل البحور وخاصة في ضرب الكامل فالتحولات الحادثة في هذا البحر تخص بحر الرمل،ومن ذلك: قصيدة من وحي الحج، كلها يوجد بها هذا الخلط، مثال:

قد طال شوقي والحياة قصيرة ولكم أتاح لي الكريم مرادي

فالضرب (ممرادي) من تحولات بحر الرمل (حركة+حركة+حركة+سكون+حركة+ساكن) على فعلاتن

وكذا في معظم الأضرب من الكامل مثل: (البيت الأول إسعاد) فالاتن وهي أيضا من تحولات بحر الرمل

= ومن مجزوء الكامل (لأيمن ابني وأحمدا) كسر بيّن

فمن الملحوظ أن تغيرات النغم والإيقاع صورة ظاهرة للتغيرات الانفعالية الباطنة، فهي ترتبط بالعواطف والمعاني إذا كانت التغيرات الحادثة مما يجوز في البحر الواحد، أما أن تتغير الإيقاعات من بحر إلى بحر فهذا لا ارتباط له، لا بمعنى ولا عاطفة.

وفي التجارب الأولى لا ينشد الكمال كله،وما قلته لا يقلل من التجربة أو من الجهد المبذول فيها، ولعل هذه القراءة تكون قد أضاءت وأضافت إلى الديوان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير