أحمد مطر ومن شاكله من ذوي النفوس الأبية ... وإلا لمَا صُودرت لافتاته و لمَا نُفي ولما غُرّب وعُذّب .... وهنا يصدق قول القائل:إن أحمد مطر" شاعر تمرد على قوانين الشعراء، فلم يكن قضية بقدر ماكان هو نفسه قضية، قراءة شعره علناً تهمة يعاقب عليها القانون في كل بلاد العرب! ".
إن جل لافتات أحمد مطر هي بمثابة قنابل لفّ ألفاظها بمعانيها ليصوبها في اتجاه كل خائن وطاغية وعميل رضي بالذل والهوان لأمته وشعبه ودينه، بِلَعْقه في بِرَك البقايا والبغايا. وما يدلل على ذلك؛ كل المحاولات التي نشدت إخراس صوته فلم تستطع، والذي اسطاعته هو نفيه خارج عِراقه بعد أن غادره أولا صَوب الكويت ومن ثم شطر لندن مُكرها صحبة رفيقه في القضية والثورة الفنان ناجي العلي.
ولتتبين سيرته أكثر؛ أدعوك بأن تُصغ السمع له حين يختصرها لك بلمسة المبدع في جملتين اثنتين يقول فيهما:"" ولدت في البصرة، وهربت منها إلى الكويت في فترة مبكرة من حياتي، ثم ما لبثت الكويت أن (هرَّبتني) إلى بريطانيا التي لا أزال راتعاً "في نعيمها" كما يطيب لبعض سكّان "الجحيم" أن يصفني! أمّا عن حالتي الاجتماعية فأنا ربّ أسرة، ولي من الأبناء أربعة: بنت وثلاثة أولاد"".
ففي سن الرابعة عشرة بدأ مطر يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية كحال كل "مراهقي" الشعر، لكن سرعان ما تكشّفت له خفايا الصراع بين السُلطة والشعب، فألقى بنفسه، في فترة مبكرة من عمره، في دائرة النار، حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، ولا على ارتداء ثياب العرس في المأتم، فدخل المعترك السياسي من خلال مشاركته في الاحتفالات العامة بإلقاء قصائده من على المنصة، وكانت هذه القصائد في بداياتها طويلة، تصل إلى أكثر من مائة بيت، مشحونة بقوة عالية من التحريض والتمرد والحرية، وتتمحور حول موقف مواطنٍ شاعرٍ من سُلطة و من كل غاوٍ شاعر ترك القضية وعاقر الكأس والأثداء والضفائر المخملية التي تدغدغ مشاعر المراهقين وتستميل شهواتهم ورغباتهم الجنسية كما فعل ويفعل الكثير:
... لعنتُ كل شاعرْ
يغازلُ الشفاه والأثداء والضفائر
في زمن الكلاب والمخافرْ
ولايرى فوهة بندقيةٍ
حين يرى الشفاه مستجيرهْ!
ولا يرى رمانةً ناسفةً
حين يرى الأثداء مستديرهْ!
ولايرى مشنقةً .. حين يرى الضفيرهْ!
ومن هذا المنطلق؛ فإن الحديث عن أحمد مطر وعن مقومات الكتابة الشعرية لديه لاينبغي أن يكون عابرا أو بمحض الصدفة، وإنما الحديث عنه سيكون حديثا ذو شجون كما يقال؛ ذلك أن الوقوف على مضامين وأغراض قَصِيدِه فقط؛ نُلفيه وقوفاً يخضع للتريث والتدبر والتأمل العميق. لذا تجدني أزمعت في هذا البحث تغليب جانب المضمون على الشكل دون إقصاء الأخير، بغاية تبين مهوى العلاقة الثاوية بينه كإنسان شاعر وبين قضايا مجتمعه وقيمه ومعتقداته.
ونظرا لندرة الدراسات النقدية التي اهتمت بشعر الشاعر من جهة، ونظرا لمكانته الخاصة في قلوب الملايين بحكم كتاباته الساخرة، فإني آثرت أن ألوح بقلمي على شرفات لافتاته آملا النجاح في تسليط الضوء على بعض سمات كتاباته الشعرية شكلا ومضمونا.
ـ[البلاغة الايجاز]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 05:30 م]ـ
لم تظهر المشاركة مالبرنامج الذي يلزم واين أجده جزاكم الله ىخيرا
ـ[حمادي الموقت]ــــــــ[27 - 12 - 2009, 12:10 ص]ـ
المشاركة ظاهرة ولا مشكل فيها
ـ[الحصماني]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 01:03 ص]ـ
ولا ظاهرة ولاهم يحزنون
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 08:30 ص]ـ
أستاذ حمادي
ليتك تكتبها بدون تنسيق.
ـ[الحصماني]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 12:18 م]ـ
ياصديقي: مشاركة رائعة لله درك فاحمد مطر من الشعراء القلائل الذين يحملون هموم امتهم ومجتمعاتهم وهو فضلا عن ذلك شاعر بكل ماتحمل الكلمة من معنى مع ان كل شعره في السياسة الا ان الرجل حافظ على مسحة الفن فيما يكتب بينما يسقط كثير من الشعراء حين يكتبون شعرا سياسيا ويتحولون الى مجرد خطباء ليس الا
احمد مطر شاعر يرى بمنظار العقل ويتكلم بمنطق الحكمة "آخر قناة للحوار عندنا أغلقت بالرصاص، بعد انتهاء الخلافة الراشدة بساعة! ""
فعلا لاننا ومنذ تلك الساعة اصبحنا طرائق قددا كل حزب بما لديهم فرحون
الكلام يطول عن احمد مطر فهو شاعري المفضل
فلك مني صديقي العزيز كل الشكر والتقدير على مقالك الرائع والجميل
ولك اعتذاري عن التعليق السابق فالمشاركة فعلا كانت غير ظاهرة
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[05 - 01 - 2010, 10:18 م]ـ
بوركت وجزاكم الله خيرا.