ـ[ابن الفراتين]ــــــــ[23 - 11 - 2006, 02:21 م]ـ
حبيبي عبد الرحمن
أنا الشاعر المقهور:) الذي عناه شاعرنا محمد في قوله:
لا أنا شاعرٌ إذا قلتُ شعرا ** لا يُغَنّي بهِ فم ٌ مقهورُ
دمتَ أخي الكريم
ولك حبي وتقديري
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[23 - 11 - 2006, 05:31 م]ـ
أخي الحبيب ابن الفراتين،
أحبَّك الله وحبَّبَ بك.
أجل: إنه الخنجر ذاته في الحالتين، كسَّرَه الله تكسيرا.
فلنعد أخي الحبيب إلى الحديث في الجوانب الفنية لقصيدتك الرائعة، لنستخرج منها كنوزها الفنية الرائعة، بعدما استخرجنا منها عِبَرها الانسانية الموجعة!
بارك الله فيك وفي نبض حروفك،
وأدامك شاعرا مبدعا وأخاً عزيزا.
أخوك عبدالرحمن.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[23 - 11 - 2006, 08:16 م]ـ
طويتَ من الأعمار أثقلَها مَسْرى=فنلتَ من الآمال أرفعَها ذكرا
وكنتَ لساناً أخرسَ الدهرَ نُطْقُهُ=وأعيى بليغَ القولِ مُعجزُهُ سِحْرا
أضاء دجنَّ الليلِ طرسٌ نشرتَهُ=فللأرض شعرٌ والسماءُ لها الشِّعرى
على أنّ ما أمليتَ من وحيِ ملهَمِ=كفيلٌ بما خطَّ الخلودُ وما أطرى
ونحن على ما صُغْتَ من ذَوْبِ مُهْجَةٍ=عِيالٌ فكم أسديتَ من مِنَنٍ كبرى
سقيتَ فأسكرتَ الطّروسَ فأسكرتْ=نفوساً ترى في الخمرِ أثقلَها وِزْرا
تنفَّسُ عن همّ وعُسْرٍ وغربةٍ=وبؤسٍ وتشريدٍ شُغلتَ بها دهرا
وما كنت بالجافي إذا الوصلُ دونه=شِعابٌ تهابُ الجانُ مسلكَها الوعرا
خليلاكَ في سودِ الليالي وبيضِها=يراعٌ يُحيلُ الدّاجياتِ رؤىً زهرا
وطُرْسٌ يحارُ الفكرُ من بعضِ ما بهِ=حروفٌ متى ما شِئتَ تقذفُها جمرا
على كلّ مَشّاءٍ بما يُخْجِلُ الخُطى=زنيمٍ يرى عِهْرَ النِّجارِ له فخرا
تردّى ثياباً أحكم الظلمُ نسجَها=على هيكلٍ للسوءِ آيتُهُ الكبرى
ثيابٌ تُريك الشرَّ في شرِّ صورةٍ=وتكسو من الأدواءِ أفتكَها طُرّا
وإن شئتَ تُجريها مع الفجر نشوةً=نؤاسيّةً من كلّ فاتنةٍ أغرى
تُرينا ليالي شهرزادَ وما بها=من السّحرِ من ألفٍ مُعتَّقةً حمرا
تتيه على الإبداعِ في وصفِ عالمٍ=تغيب عن الأوهام رَوْعتُهُ الغرّا
بحيث عيونُ الشعر أروعُ فتنةً=من الأعين النجلاء ناعسةً سكرى
تبارك ذاك الطرسُ ما أكرمَ الذي=أفاض وما أجدى بمُجدبةٍ وَفْرا!
سئمتَ حياةَ الناسِ لا البرّ ترتجي=لديهم ولا للدهر تحملُهم ذُخْرا
وكنتَ على الحالين من غير صاحبٍ=سوى صاحبٍ يُبكيكَ من جَذَلٍ فخرا
وطفتَ بلادَ العُرْبِ لا أرضَ غاشمٍ=أقمتَ بها حتى هربتَ إلى أخرى
بلادٌ تفيض الخيرَ في كل وُجهةٍ=على أن أهليها قد افتقدوا الخيرا
يرودون أصقاعاً وهم موئلُ الغنى=ويرجون أنواءً وهم ملكوا البحرا
قصارى أمانيهم فراقٌ وغربةٌ=وعيشٌ يُريكَ الموتَ أمنيةً كبرى
وكنتَ نديمَ الشامِ والشعرُ خمرةٌ=بكأس القوافي الغرِّ تُطربُها سُكْرا
فما الشامُ في عينيكَ إلا صبابةٌ=وآهاتُ مشتاقٍ تؤرّقُهُ الذكرى
وما الشامُ في عينيكَ إلا كرائمٌ=تفيضُ على اللاجين من كرمٍ بحرا
شأت فاستظلّ الدهرُ في ظلّ عطفها=فكم برأتْ جُرحاً وكم كشفتْ ضُرّا
فيا جيرةً في الشام سَقْياً لأرضكم=وَرَعْياً لمن غنّى لمشرقها عمرا
السلام عليكم
شاعرنا ابن الفراتين مبدع متمكن جاءنا جاهزا قد أنجز موهبته. لديه الخبرة والتجربة والملكة اللغوية
القوة والجزالة واضحتان في شعره فكأننا نقرأ قصيدة ليست من عصرنا. شاعرنا لا يتكلف فرغم قوة معانيه نشعر أنه لم يبحث عنها بل جاءته طواعية
وطُرْسٌ يحارُ الفكرُ من بعضِ ما بهِ
حروفٌ متى ما شِئتَ تقذفُها جمرا
كما أن محسناته جاءت عفوا كالجناس في قوله:
أضاء دجنَّ الليلِ طرسٌ نشرتَهُ
فللأرض شعرٌ والسماءُ لها الشِّعرى
وعموما فشهادتي فيه مجروحة إذ شعره أكبر دليل على أننا أمام شاعر كبير
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[24 - 11 - 2006, 06:22 م]ـ
أستاذي الأديب والناقد والشاعر المفلق: ابن الفراتين،
أحييك على هذه المرثية الرائعة، وما أخرني عن التعقيب إلا البحث عن قصيدة الجواهري التي يناجي بها دجلة الخير حتى أدون بعضها هنا، لعلها تعبر عن بعض الجميل والعرفان الذي يدين به المشردون عن أوطانهم للعاطفة الصادقة الحزينة المُحزنة لذلك الشاعر المجيد.
حيَّيْتُ سفحَكِ عن بُعدِ فحيّيني = يا دجلة الخير يا أُمَّ البساتينِ
حيّيتُ سفحك ظمآنا ألوذُ به = لَوْذَ الحمائَمِ بين الماء والطينِ
يا دجلة الخيرِ يا نبعاً أُفارقهُ = على الكراهة بين الحين والحين
وأنت يا قارباً تلوي الرياح به = ليَّ النسائمِ أطرافَ الأفانينِ
وددْتُ ذاك الشراع الرّخْصَ لو كفني = يُحاكُ منه، غداة البينِ، يطويني
يا دجلة الخير ما يُغليكِ من حنَقٍ = يُغلي فؤادي، وما يُشجيكِ يُشجيني
ما إن تزالُ سياطُ البغيِ ناقعةً = في مائِكِ الطّهرِ بين الحين والحينِ
يا دجلة الخير أدري بالذي طفحت =به مجاريكِ من فوقٍ إلى دونِ
أدري على أي قيثارٍ قد انفجرتْ = أنغامُكِ السّمرُ عن أنّاتِ محزونِ
يا دجلةَ الخير مَنّيني بعاطفةٍ = وألهمينِيَ سُلواناً يُسلّيني
لو تعلمينَ بأطيافي ووحشتها = ودِدْتِ مثلِيَ أنَّ النوم يجفوني
يا دجلة الخير خليني وما قسمت = ليَ المقاديرُ من لدغ الثعابينِ
رحم الله الجواهري .. ، وبقيت دجلة تعاني، ويزداد عناؤها أكثر وأكثر ... ، ولا ندري ماذا كان يمكن أن يقوله الجواهري لو امتدت به الأيام، ورأى ما يحل بالعراق من كوارث! لعل الله، جل في علاه، قد اختار له الأحسن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا ابن الفراتين ما يعروكَ يعروني = من الهمومٍ عراقيّ فِلَسطيني
لقيَ (الجواهِرُ) من يرثيهِ مفخرةً = وأنا وأنتَ فمن يرثيكَ يرثيني
العمرُ فيك بكل الخير تُحرِزُهُ = وأنا المُعذَّبُ والأكفانُ تكفيني
ظلت فلسطين ترجو عُرْبَها سنداً = وضاع منها الرجا في غيهبِ الحَيْنِ
لمّا العراق تردى في مصائبه = باتت فلسطين (في أنّاتِ محزونِ).
وما قاله الأساتذة المعقبون من أن قيمة الشعر هي في إثراء العواطف أكثر مما هي عليه من صنعة، أضم صوتي إلى صوتهم فيه.
دمت برعاية الله وعونه.
أبو أحمد: عراقيفلسطيني
¥