أشكر لك ما بينت وما عنيت.
أشكر لك ملحوظتك حول الحب العفيف, فقد أصبت الحقيقة في كبدها.
أشكر لك قراءتك المتمعنة المحللة.
بوركت ودمت أستاذا مبدعا.
مناقشة نفسي بنفسي:
الصورتان المتقابلتان \الإطراق\ و\الارتقاء\
نزول الرأس قابله صعود القلب, غير أن الرأس نزل نزولا حسيا, والقلب صعد صعودا معنويا, كما يقول الله \إذ بلغت القلوب الحناجر\ وهذه صورة القلب الذي من شدة الخفق ومن شدة التأثر يحس صاحبه كأنه يخفق في حلقه, ومن عاش خوفا شديدا يعرف ذلك جيدا. فأخذت صورة القلب الذي يبلغ الحنجور, واستعرتها بتغيير الحنجرة بالتراقي, وهي المكان الذي إذا بلغته الروح, فقد أزف الرحيل, وجعلت القلب كأنه بلغ التراقي, أي ذروة الغرام, وعبرت عن ذلك \بالغرام مهيجا\, أي بلغ الذروة, والجميل أني جعلت \بالغرام\ متعلقا بكلمتين, فيجوز نسبته إلى هذه أو إلى تلك, فيجوز أن نقول \خفقا بالغرام\ ويجوز أن نقول \بالغرام مهيجا\, فجعلت \بالغرام\ وسط الدائرة وأحطه بمعنيين. فالفؤاد من شدة \خفقه بالغرام\ و\تهيجه بالغرام\ فكأنه بلغ التراقي. وفي هذا المشهد الصامت من البشر جعلت القلب هو المتكلم, فصوت الخفقان قد يسمع إذا كان صمت وهدوء وشدة خفق, وقابل خفقَ الرجل خفق علا من عند المرأة, فهي ربما سمعت خفقان قلبه, وربما بدأ الحياء الذي \تأجج\ في وجهها يتأجج في قلبها, فهي كذلك محبة, غير أن الحياء يمنعها من البوح ومن الجرأة, لكن قلبها \فضحها\, فقد \علا\ خفقانه, أي اشتد و\علا\ صوته حتى سمعه الرجل, فهما قلبان يخفقان بشدة فيسمع صاحباهما أحدهما الآخر, وكأنهما يتواصلان بخفق القلبين إيذانا ببداية لقاء عاطفي شديد, وهما في تطارقهما وتخافقهما, فكأنهما طارقان حربا, والحروب قديما تستنفر بالطبول والطرق والقرع, وكأن الحبيبين مقدمان على حرب, غير أني لم أستعمل لفظ الحرب لنكرته في هذا المحل, بل استعملت الاستنفار للإيحاء بها,
والاستنفار يكون بالطبول والمقارع, فـ\يتدجج\ الجيوش ويهبون للنزال, وجعلت التدجج إيحاء ببداية هذه الحرب العاطفية, أو هذا النزال العاطفي, الذي يبدأ بعد هذين البيتين مباشرة, بالضربة الأولى وهي رفع المرأة رأسها ومد الرجل يده إليها, فالقلبان مستنفران مدججان بالعاطفة \الغرام\ والشوق, وهذا حال ليلة الزفاف, حيث تُنظَر كل الأشواق والعواطف إلى ليلة الزفاف, فتكون مسك ختام, عكس من ينال من كل ذلك قبل الزواج, فتكون تلك الليلة كغيرها. \وتدججا\ أجدها أبلغ كلمة للتعبير عن كم الحب والشوق الذي يعتري القلبين, فهما \مستنفران\ بـ\خفقهما\ الذي \علا\ فعلا صوتا, فتقابل فيه القلبان كأنهما كل في جهة يقرع طبوله, طبول \الغرام\, الذي به \تدججا\.
ملحوظة أخيرة:
ألم تلاحظوا استعمالي لحرفي القاف والطاء اللذين لهما وقع الطرق في الأذن؟